الاخبار العربية والعالمية

هل كانـت 2023 سنة كبيسة على الأميركيين سياسيا واقتصاديا؟ | سياسة سام نيوز اخبار

واشنطن- تميز عَامٌ 2023 فى الولايات المتحدة بزيادة شكوك الأميركيين فى النظام السياسي القائم، سواء ارتبط ذلك بالثقة والرضا عَنْ أداء الرئيس أو الثقة فى فعالية المؤسسات السِّيَاسِيَّةُ، وصولاً لتراجع الثقة فى النظام القضائي، وعلى رأسه المحكمة الدستورية العليا.

وتشير كل المؤشرات الي ان وجهات نظر الأميركيين فى السياسة والمسؤولين المنتخبين والمؤسسات سلبية، مع أمل ضئيل فى حدوث تحسن فى الأفق، فى اثناء استقطاب سياسي حاد وغير مسبوق بين الحزبين فى مختلف القضايا، وهو ما امتد معه هذا الاستقطاب لقطاعات واسعة مـن الناخبين.

وافتتحت أحداث العام بحرب أهلية دَاخِلٌ الحزب الجمهوري، حول هوية المرشح الجديـد لمجلس النواب، لم تنته إلا فى نهاية أكتوبر، كَمَا تميز العام بإثارة ودراما مثول دونالد ترامب ليتهم جنائيا امام محاكم فدرالية ومحاكم ولايات، كأول رئيس أميركي لاحق والمرشح للانتخابات القادمة، فى سابقة لم يشهد لها التَّارِيخُ الأميركي مثيلاً.

ولم تقتصر الآثار القانونية على الجمهوريين، إذ واجه هانتر، نجل الرئيس جو بايدن، اتهامات جنائية قد تكون لها تبعات سياسية خطيرة على حظوظ والده الانتخابية عَامٌ 2024.

وعلى مدار العام الماضي، أثبت ترامب -بلا جدال- أنه ملك للجمهوريين، فى وقت اتسع فيه الفارق بينه وبين بقية المرشحين الجمهوريين الساعيين لنيل كارت ترشح الحزب لانتخابات 2024، بصورة يصعب معها تصور وصول اى مرشح جمهوري للسباق الانتخابي باستثناء ترامب.

فوضى فى الكونغرس

بدأ عَامٌ 2023 فى واشنطن بماراثون اختيار رئيس جديد لمجلس النواب، بعدما انتقلت الأغلبية فى المجلس للجمهوريين، بعد انتخابات التجديد النصفي فى نوفمبر/تشرين الثانى 2022، وبعد 15 محاولة فاشلة، تم انتخاب النائب كيفن مكارثي كرئيس لمجلس النواب، وهو ثالث اهم منصب فى النظام السياسي الأميركي، لكن مكارثي بقي فى منصبه لمدة 270 يوما فقط.

وتمكن عَدَّدَ ضئيل مـن النواب اليمينين الجمهوريين مـن خلق تمرد دَاخِلٌ الحزب الجمهوري، أطاح بمكارثي على خلفية موقفه مـن أزمة سقف الديون الفدرالية، وتجنب الحزبان فى اللحظات الاخيره فى شهر سبتمبر/أيلول حالة الإغلاق الحكومي، بعدما تم التوصل لصفقة حول الميزانية الفدرالية، وتم إقالة مكارثي فى 3 أكتوبر/تشرين الاول.

وبعد محاولات فاشلة لتعيين رئيس جديد للمجلس، تم اختيار النائب الجمهوري مايك جونسون رئيسا جديدا للمجلس فى 25 أكتوبر/تشرين الاول، وذلك بعدما اثناء المنصب شاغرا لأسابيع، مما تسبب فى شل عمل المجلس.

قضايا ومحاكم

أصبح الرئيس السابق دونالد ترامب أول رئيس يتهم بارتكاب جريمة، حيـث صوّتت هيئة محلفين كبرى فى مانهاتن بولاية نيويورك، لاتهامه بـ34 تهمة بتزوير السجلات التجارية فى مارس الماضي.

وقال ألفين براج المدعي العام لمنطقة مانهاتن إن ترامب زوّر سجلات تجارية للتستر على مدفوعات “أموال سرية” لمساعدة حملته الانتخابية عَامٌ 2016، ثم وجهت محكمة اتحادية الاتهام الي ترامب فى 37 تهمة ترتبط بسوء التعامل المزعوم مع الوثائق السرية وعرقلة جهود التحقيق فى الوثائق المفقودة بولاية فلوريدا.

وجاءت لائحة الاتهام بعد ان داهم مسؤولون مقر إقامة ترامب فى مارالاغو فى فلوريدا، وصادروا عشرات الصناديق، التى يزعم ان بعضها تضمن وثائق سرية للغاية مـن رئاسته، أعقب ذلك توجيه ولاية جورجيا اتهامات جنائية لترامب على خلفية مزاعم محاولته التدخل لتغيير نتائـج أصوات الولاية فى انتخابات 2020، وطلبه مـن مَسْؤُولِي الولاية الجمهوريين التصرف والعثور على 11 ألف صوت  إضافي له.

وفي سبتمبر/أيلول، وجّهت محكمة فدرالية لترامب اتهامات جنائية لدوره المزعوم فى أحداث 6 يناير/كانون الثانى 2021، عندما اقتحم الآلاف مـن أنصاره مبنى الكونغرس الأميركي “الكابيتول”، فى محاولة لعرقلة تصديق الكونغرس على فـوز منافسه جو بايدن بانتخابات 2020، وهو ما نتج عنه قتل وإصابة العشرات مـن شرطة الكونغرس.

وفي جانب الديمقراطيين، وجّه المدعون الفدراليون لهانتر نجل الرئيس بايدن، 3 تهم ترتبط بالتهريب الضريبي، وامتلاك أسلحة صعبة بطرق خطأ للقانون. ودفعت المخالفات المالية لهانتر بايدن بمجلس النواب ذي الأغلبية الجمهورية لبدء محاولة تحقيق لعزل الرئيس بايدن بسـبب مزاعم تورطه فى صفقات ابنه التجارية، اثناء مدة توليه منصب نائب الرئيس بين عامي 2008- 2016.

ترامب ملك الجمهوريين

ورغم ظهوره المتكرر منذ بداية العام الحالي امام المحاكم واحتمال تعرضه للسجن حال إدانته، لم يتغير ولاء ودعم أغلبية الكتلة التصويتية الجمهورية لترامب، بل تظهر استطلاعات الرَّأْي المتكررة والمحايدة، استمرار تقدمه الواسع على بقية الساعين لنيل كارت الحزب الجمهوري للترشح فى انتخابات 2024.

ويحصل ترامب فى متوسط الاستطلاعات على أصوات 62% مـن الناخبين الجمهوريين، متقدما بنسبة 47% مـن الأصوات على أقرب منافسيه رون ديسنتيس، حاكم ولاية فلوريدا الذى يحصل على 15% مـن الأصوات على أقصى تقدير، بينما حصل بقية المرشحين على نسب أقل.

يذكر ان القانون الفدرالي لعام 1978 ينص على ان الإدانة بارتكاب جرائم، باستثناء الخيانة، لا يمكنها ان تجرد المدعَى عليه مـن حق “شغل اى منصب حكومي فى الولايات المتحدة”، ولا تشمل قائمة معايير الدستور للترشح للرئاسة سوى معايير ترتبط بالسن والجنسية ومقر الإقامة، ولا يتطرق الدستور الي ذكر الإدانة الجنائية كسبب لمنع الترشح لمنصب الرئيس.

الثقة بالنظام السياسي الأميركي

تقول أغلبية الأميركيين إن العملية السِّيَاسِيَّةُ تهيمن عليها مصالح خاصة، وتغمرها أموال الحملات الانتخابية، وتغرق فى حرب حزبية، وهو ما لم يسمح بظهور منافسين أقوياء لتجنب صراع بين متنافسين مـن كبار السن، جو بايدن البالغ 81 عاما، ودونالد ترامب البالغ 77 مـن العمر، ومع احتدام الحملة الرئاسية، يقول 63% مـن الأميركيين إنهم غير راضين عَنْ الاضطرار للاختيار بين ترامب وبايدن للمرة الثانية فى غضون 4 اعوام.

وأشار استطلاع أجراه مؤخرا مركز بيو للأبحاث، الي أكثر مـن 13 ألف شخص فى مختلف ارجاء الولايات الخمسين، وجهوا انتقادات واسعة النطاق لفروع الحكومة الثلاثة، سواء الأحزاب السِّيَاسِيَّةُ، وكذلك القادة السياسيون والمرشحون للمناصب.

وجاء فى الاستطلاع ان 4% فقط قالوا إن النظام السياسي يعمل بشكل جيد للغاية أو جيد جدا، بينما يقول 23% آخرون إنه يعمل بشكل جيد الي حد ما، ولا يثق 63% على الإطلاق فى مستقبل النظام السياسي لبلادهم.

ووصلت النسب الإيجابية فى العديد مـن المؤسسات الحكومية والسياسية الي اقل مستوياتها التاريخية، ويقول 16% فقط مـن الأميركيين إنهم يثقون بالحكومة الفدرالية، وهناك نسبه مرتفعة مـن الجمهور تكره كلا الحزبين السياسيين.

ويقول 86% مـن الأميركيين إن الجمهوريين والديمقراطيين يركزون على محاربة بعضهم بعضا أكثر مـن الانتباه على حل المشكلات، ويرى 72% ان لديهم وجهة نظر سلبية عَنْ الكونغرس، ويرى 54% ان لديهم وجهة نظر سلبية عَنْ المحكمة العليا، فى الوقت ذاته لم تزد نسبه الرضا عَنْ أداء الرئيس جو بايدن على 40% اثناء كل اشهر عَامٌ 2023.

وفي النهايه، كانـت سنة 2023 سنة كبيسة على أغلب الأميركيين سياسيا واقتصاديا، داخليا وخارجيا، ومع ذلك يتغيب التفاؤل عما قد يحمله عَامٌ 2024، فى وقت لم تنته أو تحسم بعد أغلب القضايا والصراعات التى سببها أو دعمتها السياسات والمواقف الأميركية فى العام الماضي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى