هل يستطيع محمد مصطفى تحقيق اهداف الحكومة الفلسطينية المكلف بتشكيلها؟ | سياسة سام نيوز اخبار
رام الله – على وقع تراشق إعلامي، وهجوم غير مسبوق جاء الى حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) هو الأبرز منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة فى 7 أكتوبر/تشرين الاول الماضي، صرح رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى بدء مشاوراته لتشكيل الحكومة الفلسطينية التاسعه عشرة.
وأصدرت حركتا حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية والمبادرة الوطنيه بيانا مشتركا، انتقدت فيه التكليف، قائلة إن “اتخاذ القرارات الفردية، والانشغال بخطوات شكلية وفارغة مـن المضمون كتشكيل حكومة جديدة دون توافق وطني؛ هى تعزيزٌ لسياسة التفرّد، وتعميقٌ للانقسام، فى لحظة تاريخيّة فارقة”.
وسرعان ما جاء الرد بهجوم حاد مـن حركة فتح اتهمت فيه حركة حماس بالتسبب فى إعادة احتلال إسرائيل لقطاع غزة، و”وقوع نكبة جديدة يعيشها الجمهور الفلسطيني”.
عاجل | “حماس وفصائل فلسطينية تعقيبا على تكليف محمد مصطفى بتشكيل حكومة”:
– “الأولوية لمواجهة العدوان وحرب الإبادة والتجويع”
– “اتخاذ قرارات فردية كتشكيل حكومة جديدة دون توافق وطني تعزيز لسياسة التفرد وتعميق للانقسام” pic.twitter.com/gypbFIWkOF— الجزيرة فلسطين (@AJA_Palestine) March 15, 2024
مهام الحكومة
يعتلي اهداف الحكومة القادمة، وفق نص التكليف الصادر الخميس: قيادة وتنظيم وتنسيق جهود الإغاثة فى قطاع غزة، والانتقال مـن الإغاثة الي الانتعاش الاقتصادي، ووضع خطط وآليات التنفيذ لعملية إعادة توحيد المؤسسات بين المحافظات، واتخاذ الإجراءات اللازمة والتحضير لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية فى أقرب وقت ممكن، فضلا عَنْ إصلاحات أمنية واقتصادية وقضائية.
وفي رسالة للرئيس الفلسطيني يؤكد فيها قبوله التكليف، اعلن مصطفى إنه سيعمل على تنفيذ المهام التى وردت فى كتاب التكليف “وفي المقدمة رفـع المعاناة عَنْ ابناء شعبنا، وخاصة فى قطاع غزة، وتقديم كل أشكال الدعـم والإغاثة”.
وبين مـن يرى فى تلك الأهداف ديباجة مكررة غير قابلة للتحقق خاصة مع عدم سيطرة السلطة الفلسطينية على قطاع غزة ورفض إسرائيل عودتها، ومن يراها خطوة يمكن البناء عليها فى اثناء مساعي إسرائيل لتدمير كل بناء مؤسساتي فلسطيني، تنوعت آراء محللين استطلعت الجزيرة نت آراءهم بشأن مدى قدرة مصطفى على تحقيق اهداف تكليفه.
لا يشبهون الجمهور
فى حديث لاحق مع الجزيرة نت، توقع النائب السابق لرئيس المجلس التشريعي حسن خريشة تكليف محمد مصطفى بتشكيل الحكومة، واليوم يقول إنه ليس بمقدور مصطفى ولا اى شخص آخر مواجهه الظروف الحالية.
وأضاف ان ما يطمح إليه الجمهور الفلسطيني ولم يرد فى التكليف هو وقف العدوان والاصطفاف مع الجمهور الفلسطيني ومقاومته فى غزة.
وتابع ان “كل ما جاء فى التكليف نسخة مكررة مـن التكليفات السابقة، والتكليف ذاته تعبير عَنْ إرادة الأجنبي وليست إرادة الجمهور الفلسطيني”.
وقال خريشة إن التكليف بتشكيل الحكومة جاء “بناء على أوهام ووعود أميركية وإسرائيلية وإقليمية وعربية بتسويات مستقبلية وخطة معدلة لخطة السلام العربية (2004)”.
ووصف التكليف بإجراء الانتخابات بأنه ذر للرماد فى العيون، “فالرئيس نفسه قرر موعدها (2021) ولم يتمكن مـن إجرائها”.
وبرأي البرلماني الفلسطيني، فإن رئيس الوزراء المكلف لن يستطيع القيام بأي عملية حتـى لو رغب فى ذلك، مرجحا ان تكون أولويته “إستقبال وإدارة المساعدات الأجنبية للسلطة التى ستقدم تحت عنوان بناء المؤسسات، بما فى ذلك سداد ديون الموظفين والقطاع الخاص”.
وأشار خريشة الي ان “اى شخص يكلفه الرئيس محمود عباس ليصبح رئيسا للوزراء فى اثناء عدم وجود مجلس تشريعي منتخـب يحاسب الناس ويراقبهم، هو حرق لهذا الشخص”.
وعن رأيه فى شخص الدكتور مصطفى اعلن إنه “لا شك فى أنه رجل أكاديمي واقتصادي، لكنه خريج البنك الدولى، وفي المرحله الحالية نحن أحوج ما نكون الي شخص مـن عامة الجمهور، وليس أشخاصا لا يشبهون شعبنا”.
أحاديات كثيرة
مـن جهته، يرى الكاتب السياسي عبد المجيد سويلم ان “اى حكومة فى هذه المرحله لا بد ان يكون لها عملية مركزية هى الوضع فى غزة وعملية إعادة البناء”. و”إذا كان لا بد مـن شيء آخر فهو تحضير المجتمع الفلسطيني لاختيار قياداته السِّيَاسِيَّةُ وأحزابه والعودة الي الحياة الديمقراطية مـن اجل إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية وكل مؤسسات المجتمع المدني”، وفق سويلم.
فى تعقيبه على بيـان الفصائل المنتقد “للتفرد” بتشكيل الحكومة، اعلن سويلم “إذا تحدثنا عَنْ الأُحاديات فى الساحة الفلسطينية فليست محصورة فى هذا الجانب، الأحاديات موجودة منذ أكثر مـن 17 عاما، هذا لا ينفي ان هذه الخطوة كان يجب ان تكون بالتوافق الوطني الشامل ما أمكن، هذه مسألة ضرورية بالفعل”.
وأضاف “أسأل كمراقب مستقل هل الخطوات التى اتخذتها حماس (طوفان الأقصى) كان منسقة وطنيا؟ بالتأكيد لا، وبالتالي لا يستطيع أحد ان يقول هذه خطوة أحادية صارخة أو قصدية”.
وأشار الي تخوف مـن حالة الفراغ فى اثناء محاولات إسرائيلية لإبعاد كل ما هو وطني ومؤسسي فلسطيني عَنْ قطاع غزة، معتبرا ان تشكيل مثل هذه الحكومة “قد يساعد على قطع الطريق على نتنياهو واليمين الفاشي فى إسرائيل”.
وأضاف “صحيح ان هذه الخطوة ليست كَمَا تتطلب الحالة الفلسطينية وليس بمستوى ما نواجهه مـن أخطار وتحديات، لكن لو كنت مكان حماس لحاولت تجاوز ما وصفتها بالخطوة الأحادية، لأنها أكثر حركة وطنية فلسطينية الان بحاجة الي حماية سياسية كي تحافظ على كيانها ووجودها مـن اثناء الكل الوطني”.
يوضح سويلم ان الأميركيين وإن كانوا يعتبرون مصطفى مقربا جدا مـن الرئيس وربما يؤثر فى قراراته، فإن الحكومة ستكون مقبولة على المستوى الإقليمي والدولي، لكن لن يكون بيدها مفاتيح الحل لكل الأزمات، كَمَا استبعد وجود تأثير على الحكومة الإسرائيلية لصرف الأموال الفلسطينية المحتجزة (المقاصة) للحكومة القادمة، إذ إن “المقاصة تخضع للابتزاز الإسرائيلي”.
وزير الخارجية الفلسطيني السابق ناصر القدوة بخصوص تعيين رئيس الوزراء محمد مصطفى: لن يكون هناك اى تغيير فعلي#حرب_غزة pic.twitter.com/NbrHvPI9FK
— قناة الجزيرة (@AJArabic) March 15, 2024
ليس قرارا فلسطينيا
مـن جانبه لا يرى الباحث فى العلوم السِّيَاسِيَّةُ احمد أبو الهيجا اى فرصة لتطبيق بنود تكليف مصطفى، معتبرا ان “جزءا منها بروتوكولي ومتلائم مع المرحله”.
وبرأيه، فإن الرئيس الفلسطيني لم يكلف مصطفى بتشكيل الحكومة إلا بعد مشاورات إقليمية ودولية، ليس بالضرورة الحصول على الموافقة بشأن محمد مصطفى شخصيا، فـ”اختيار رئيس الوزراء الفلسطيني ليس قرارا فلسطينيا خالصا، خاصة فى هذه المرحله التى يدور فيها حديث أميركي عَنْ الإصلاح فى أجسام السلطة”.
ووفق الباحث الفلسطيني، فإن محمد مصطفى ليس شخصية ملائمة للمتطلبات الإقليمية والدولية بالتغيير اثناء المرحله القادمة، “صحيح أنه يتمتع بعلاقات واسعة مع مؤسسات دولية، لكن مصدر التوجس عند كل الأطراف أنه قريب جدا مـن الرئيس محمود عباس، بينما ان المطلوب شخص يكون ندا للرئيس، وهذا لا ينطبق على محمد مصطفى”.
وبرأي أبو الهيجا، فإن اختيار مصطفى “لن يكون مقبولا داخليا فى اى حال، سواء مـن الفصائل أو مـن أطراف دَاخِلٌ حركة فتح، مهمته محكوم عليها بالفشل قبل ان تبدأ، ولن يتمكن مـن العمل فى قطاع غزة على الإطلاق”.
وأشار الي ان صندوق الاستثمار الفلسطيني الذى أداره مصطفى لسنوات، وبعد 6 شهور مـن الحرب لم يرصد اى دولار لغزة، رغم أنه يدير ملياري دولار، كَمَا لم يرصد دولارا واحدا للتخفيف مـن حدة الأزمة المالية للسطة، فلا يوجد له اى بصمة داخلية، إنه صندوق مغلق”.
ويمنح القانون الاساسى الفلسطيني رئيس الوزراء المكلف بتشكيل حكومته مهلة ثلاثة أسابيع مـن تاريخ التكليف، وله الحق فى مهلة أخرى أقصاها أسبوعان آخران فقط.