يمتلك الذكاء الاصطناعي قدرة كبيرة مـن شأنها ان اعلن “ثورة” فى عالم الأعمال.
إذ لم يكن بحسبان مبرمجين تمكنوا مـن تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدي، ان وظائفهم ستصبح على المحك بعد ان بدأت الأنظمة التى طوروها بالاستحواذ على عملهم!
فقد اعتادت شركات التكنولوجيا على توظيف أشخاص متخصصين بالبرمجة وكتابة الشيفرات لتطوير البرمجيات والحلول المتنوعة إلا ان بعض هذه الشركات الان أصبحت تعتمد على برمجيات الذكاء الاصطناعي لتنفيذ عملها بسرعة وبتكاليف قليلة، وفق صحيفة “وول ستريت جورنال“.
العاملون فى صناعة البرمجيات
وخلال الفتره الماضية، برزت حلول الذكاء الاصطناعي لتصبح قادرة على ممارسة العديد مـن الأعمال التى كان يقوم بها أشخاص عاديون ويتم استبدالهم بأنظمة تكنولوجية متطورة، والتي كان فى مقدمتها وظائف العاملين فى صناعة البرمجيات، وهو ما يطلق عليه اقتصاديون اسم “التغير التكنولوجي المتحيز للمهارات”.
كَمَا أشار الاقتصاديون الي ان هذا ما يحدث عندما “تجعل التكنولوجيا العمال أكثر إنتاجية، بينما تتولى هى الأجزاء المعقدة والصعبة، مما يجعل العمال الذين يقومون بها أكثر قابلية للاستبدال”.
(تعبيرية مـن آيستوك)
نصف القوة العاملة الأميركية
وبحسب الصحيفه، فإن “الذكاء الاصطناعي يعمل على أتمتة العمل المعرفي”، وهذا الامر سيؤثر على “نصف القوة العاملة الأميركية الذين يعملون فى هذه الوظائف”، إذ سيتراجع الطلب على أصحاب المهارات المتوسطة لصالح الأنظمة التكنولوجية المتنوعة.
كَمَا لفتت الي ان “التكنولوجيا الجديدة لديها القدرة على تعديل تشكيله الفائزين والخاسرين فى الاقتصاد الأميركي الذى يزداد استقطاباً” حول محاور مختلفة.
النجاة مـن “التباطؤ الاقتصادي”
بينما أردفت ان الاعلان أدوات المساعدة على البرمجة المتنوعة جاءت متسقة مع حملات تسريح شركات التقنية لأعداد كبيرة مـن الموظفين، اثناء أواخر العام الماضي، بينما كانـت وظائف “مهندس البرمجيات” الأكثر خسارة فى سوق العمل منذ بداية عَامٌ 2023 فى الولايات المتحدة وفق بيانات “ريفيليو لابس”، بينما لا يزال الطلب عالياً على مـن يمتلكون “خبرة متقدمة جداً” فى هندسة البرمجيات.
وعزت ما يحدث فى سوق وظائف صناعة البرمجيات الي ان الشركات الناشئة تتطلع الي النجاة مـن “التباطؤ الاقتصادي” وتقلل مـن توجهها للتوظيف، بينما تقوم بعض الشركات بتوظيف مـن يمتلكون خبرات متقدمة واستثنائية وتحافظ على تواجدهم مع تجميد اى فرص متاحة لذوي المهارات المتوسطة.
“تشات جي بي تي” ومايكروسوفت
يذكر أنه منذ أواخر 2022 بدأ “تشات جي بي تي” يستحوذ على طفرة الذكاء الاصطناعي التوليدي خاصة فى إنشاء النصوص والصور أو حتـى الفيـديو، ووجد العاملون فى البرمجيات سبيلاً لهم فى استخدامه وتطويعه بمساعدتهم فى إنشاء “شيفرات” البرمجة واختبارها، ولم يعلموا أنهم امام “طفرة” ستلاحق وظائفهم أيضاً.
تشات جي بي تي (أسوشييتد برس)
ومنتصف عَامٌ 2022، اطلقت مايكروسوفت أداة خاصة للبرمجة “غيتهب كو بايلوت” والتي تتيح استخدامها جاء الى المبرمجين وحتى المستخدمين العاديين فى بناء “شيفرات” البرمجة والمساعدة فى اختبارها.
الي ذلك تظهر بيانات استطلاع شركة “ستاك أوفر فلو” ان حوالى 70% مـن 90 ألف مبرمج شاركوا فى الاستطلاع يستخدمون حلول الذكاء الاصطناعي فى عملهم، بينما أشار نحو ثلثهم الي ان هذه الأدوات تجعلهم أكثر إنتاجية.
حض الحكومات على التدخل
ويتخوف خبراء فى التقنية مـن مخاطر وآثار أنظمة الذكاء الاصطناعي إذا لم يتم السيطرة عليها. فقد حض جيفري هينتون الذى يوصف بأنه عراب الذكاء الاصطناعي، فى أواخر يونيو، الحكومات على التدخل لضمان ألا تسيطر الآلات على المجتمع.
وكان هينتون قد تصدر العناوين، فى مايو، عندما صرح استقالته مـن غوغل بعد عـقد على انضمامه اليها، للتحدث بحرية أكبر عَنْ مخاطر الذكاء الاصطناعي بعد مدة وجيزة مـن الاعلان برنامـج الدردشة “تشات جي بي تي” الذى أسر مخيلة العالم.
كَمَا اضاف عالم الذكاء الاصطناعي الذى يدرس فى جامعة تورنتو: “قبل ان يصبح الذكاء الاصطناعي أكثر ذكاء منا، أرى أنه ينبغي تشجيع الأشخاص الذين يطورونه على بذل المزيد مـن الجهد لفهم كيف يمكن ان يسعي سلبنا السيطرة”، مردفاً: “الان هناك 99 شخصاً يتمتعون بذكاء كثير يحاولون جعل الذكاء الاصطناعي افضل، وشخص واحد ذكي جداً يسعي معرفة كيفية منعه مـن تولي السيطرة، وربما عليكم ان تكونوا أكثر توازناً”.