لن يكون الثلثاء القادم 29 اغسطس الحالي يوماً عاديّاً فى السجل القضائي لحاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة، حيـث تتّجه الهيئة الاتّهامية فى بيروت الي إصدار مذكرة توقيف بحقه بجرم الفساد المالي والاختلاس والتزوير وتبييض الاموال.
فقد كشفت رئيسة الهيئة الاتّهامية القاضية هيلانة إسكندر فى تصريحـات لـ”العربية.نت” “ان جلسة الثلثاء مصيرية، قائلة “لا خيارات امام سلامة سوى الحضور، لأننا بلّغناه بموعد الجلسة وفق الاصول القانونية، اى لصقاً فى ثلاثة عناوين تابعة له، وذلك بعدما تعذّر إبلاغه شفهياً لأننا لم نعثر عليه”.
وفي تأكيد على ان لا مفرّ لسلامة مـن مذكرة التوقيف، أعلنت اسكندر “أنه فى حال حضر الجلسة ستُصدر مذكرة توقيف وجاهية بحقه، وفي حال تغيّب فإن مذكرة التوقيف الغيابية تنتظره وستعمّم على مختلف الأجهزة الأمنية”
وإذا حضر حاكم مصرف لبنان السابق جلسة الهيئة الاتّهامية، فستكون المرّة الاولى بعدما تغيّب عَنْ جلسة 9 أغسطس الفائت، لتعذّر تبليغه أيضاً، بعد تعذر العثور عليه فى اىٍ مـن العناوين المُصرَّح عنها قانوناً
أسرار وفلاش ميموري
تأتي هذه التطورات القضائية المتسارعة فى هذا الملف على وقع أنباء متداولة عَنْ مغادرة سلامة الأراضي اللبنانية فى وقت ذكرت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، قبل أيام، أنه أرسل “فلاش ميموري” للخارج فيها أسرار كثيرة عَنْ عمله فى حالة حدوث شيء سيئ له، هو المعروف، بأنه حامي وحافظ أسرار الطبقة السِّيَاسِيَّةُ فى لبنان.
وفي السياق، وضحت إسكندر التى بات اسمها شهيرا فى لبنان لاتباطه بهذه القضية الحساسة التى شغلت ولا تزال معظم اللبنانييين الذين يتمنى العديد منهم إيقاف “الحاكم”، الى “أنه إذا ثبت فعلاً ان سلامة بات خارج لبنان سنطلب إصدار مذكرة توقيف دولية بحقه، علماً ان جوازي سفره اللبناني والفرنسي مصادران جاء الى القضاء اللبناني”.
رياض سلامة (فرانس برس)
اما عَنْ العقوبات الثلاثية التى صدرت مـن وزارة الخزانة الاميركية، وبريطانيا وكندا على سلامة (73 عاماً) ونجله وشقيقه ومساعدته وشريكته الاوكرانية بسـبب “إثراء غير مشروع”، ومصير الأصول التى جمدت والتي تقدر بأكثر مـن 200 مليون دولار، فأوضحت القاضية “ان الدولة اللبنانية سبق وعيّنت محاميين فى فرنسا مـن اجل ان تحفظ حقها باسترجاع ممتلكاته وأصوله لمصلحتها، وبعد الانتهاء مـن هذه الاجراءات سنتابع تجميد الاصول فى الدول التى فتحت تحقيقات بملف سلامة وأقاربه”.
الخناق يزداد
مـن جهتها، اعتبرت الكاتبة الاقتصاديه سابين عويس “ان الخناق القضائي يزداد على سلامة وسيتحوّل بعد الثلثاء القادم الي مطلوب فى لبنان، وتوقيفه سيُعتبر خطوة اساسية لفكّ شيفرة المنظومة المتماسكة المتواطئة معه”.
كَمَا أوضحت لـ”العربية.نت” “ألا إنعكاسات اقتصادية على لبنان نتيجه تسارع التحقيقات مع سلامة، لانه فقد الحصانة التى كان يتمتّع بها بعد خروجه مـن حاكمية المصرف المركزي”.
وقالت “ان التطورات القضائية تسارعت بعد عاملين، الاوّل صدور العقوبات الاميركية عليه بعد خروجه مـن الحاكمية، ثم صدور تقرير التدقيق الجنائي لشركة “الفاريز آند مارسال” الذى دقق بحسابات مصرف لبنان منذ العام 2015 وحتى 2020″.
وحاولنا التواصل مع الوكيل القانوني لحاكم المصرف المركزي السابق المحامي حافظ زخّور مـن اجل إستيضاح بعض النقاط حول قضية موكلّه وما هى الخيارات التى قد يلجأ اليها بالنسبة لجلسة الثلثاء القادم، إلا أنه لم يجب.
يشار الي ان سلامة يخضع منذ اعوام، للتحقيق فى لبنان وفرنسا وأربع دول اوروبية أخرى على الأقل بسـبب اتهامات بسرقة مئات الملايين مـن الدولارات وغسل بعض العائدات فى الخارج.
بينما يعد الرجل البالغ مـن العمر (73 عاماً) أحد أطول حكام المصارف المركزية عهداً فى العالم، إذ شغل منصبه منذ العام 1993 قبل ان يغادره فى 31 يوليو الماضي على وقع انهيار اقتصادي يشهده لبنان منذ 2019 صنّفه البنك الدولى مـن بين الأسوأ فى العالم، ويُعتبر الأسوأ فى تاريخ البلاد.