الاخبار العربية والعالمية

واشنطن بوست: البيت الأبيض يكافح لإصلاح علاقاته بالعرب والمسلمين الأميركيين | سياسة سام نيوز اخبار

اعلنت صحيفة واشنطن بوست -فى مقال لها- إن أحد الآثار المترتبة على الحرب بين إسرائيل وغزة هو الانهيار السريع للعلاقات بين الرئيس الأميركي جو بايدن وبعض ناخبيه الأكثر ولاء مـن المسلمين والعرب الأميركيين. وقد حاول البيت الأبيض احتواء ذلك مـن اثناء جلسة استماع لموظفي الإدارة المنتمين لتلك المجتمعات المحبطين، وانتهاء باجتماع مثير للجدل بين الرئيس و5 شخصيات مسلمة اختارها البيت الأبيض، ولقد واجهت هذه الشخصيات ضغوطا هائلة مـن الناشطين للتراجع عَنْ المشاركة فى الاجتماع.

وذكرت الصحيفه ان الازدراء الصريح تجاه بايدن جاء الى كثيرين فى كتلة “ديمقراطية” يمكن الاعتماد عليها هو مـن بين العلامات العديدة التى تشير الي ان الصراع يعيد تشكيل السياسة الداخلية الأميركية بسرعة.

وتحدثت الصحيفه عَنْ مقابلات مع عديد مـن المدافعين عَنْ العرب الأميركيين والمسلمين دَاخِلٌ الإدارة وخارجها، وجميعهم تقريبا تحدثوا -بشرط عدم الاعلان عَنْ هويتهم- ليصفوا بصراحة تعاملاتهم مع البيت الأبيض. وقال أحدهم إن مخاوف هذه المجموعات يمكن تلخيصها فى سؤال بالغ الأهمية: “هل نحن نتعامل مع دعاة الحرب أم أننا نتعامل مع صانعي السلام؟ ومع مـن نتعامل؟”.

وأضافت الصحيفه أنه بالنسبة لعديد مـن المسلمين والعرب الأميركيين جاء الجواب يـوم الأربعاء عندما شكك بايدن فى عَدَّدَ الضحايا الفلسطينيين، لأن الأرقام تأتي مـن مَسْؤُولِي الصحة الذين يرفعون تقاريرهم الي حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التى تسيطر على غزة. وتاريخيا، كانـت هذه الأرقام دقيقة، وفقا لباحثين فى الشرق الأوسط. والخميس الماضي، أصدرت حماس أسماء وأرقام هويات وطنية ومعلومات أخرى تخص 6747 شخصا مدرجين فى إحصاء وزارة الصحة فى غزة. وقالت الحركة إن 281 جثة لم يتم التعرف عليها بعد، ليصل العدد الإجمالي الي 7028.

هل ذلك وصف للفلسطينيين بالكاذبين؟

وقالت الصحيفه إن تصريحـات بايدن، التى كررتها الإدارة لاحقا فى بيانات رسمية، فسرها كثيرون على أنها وصف للفلسطينيين بالكاذبين، أو على أنها تشكك فى المهنيين الطبيين المحاصرين فى غزة. وقال أحد كبار الموظفين العرب الأميركيين فى البيت الأبيض، الذى يشارك بشكل مباشر فى التعامل مع المجتمعات العربية والمسلمة، إن الموظفين رفيعي المستوى يعقدون عدة اجتماعات مع الأميركيين العرب والمسلمين والفلسطينيين لمناقشة رد البيت الأبيض. ورفض الموظف التعليق على ما قيل فى الاجتماعات، وعندما سُئل عما إذا كان اى شيء سيتغير فى لهجة بايدن أو سياسته نتيجه للاجتماع، أشار الي مؤتمر صحفي للرئيس الأميركي يـوم 20 أكتوبر/تشرين الاول الحالي كرر فيه دعـم الولايات المتحدة لحق تقرير المصير للفلسطينيين.

وقال بايدن حينها “لا يمكننا ان نتجاهل إنسانية الفلسطينيين الأبرياء الذين يريدون فقط العيش فى سلام والحصول على فرصة”. وفي بيـان يـوم الجمعة، استشهد المتحدث باسم البيت الأبيض روبين باترسون بهذه التعليقات، وقال إن الإدارة “تتواصل للاستماع مباشرة الي أفراد الجاليات الأميركية المسلمة والعرب الأميركيين والفلسطينيين”. وأضاف “سنواصل المشاركة فى المحادثات مع هذه المجتمعات الهامة، وسنكون واضحين فى إدانة الكراهية والتمييز ضدهم”. ووصفت جماعات الدفـاع عَنْ العرب والمسلمين الأميركيين الغاضبين هذا الاسبوع تصريحـات بايدن عَنْ عَدَّدَ القتلى بأنها خطيرة، وتحدثت بعض الأصوات البارزة مـن تلك المجتمعات على وسائل التواصل الاجتماعي، قائلة إن الرئيس فقدهم وإنهم يفكرون فى عدم المشاركة فى انتخابات عَامٌ 2024.

ضغوط لرفض الاجتماع بإدارة بايدن

وقالت الصحيفه إنه عندما انتشرت أنباء عَنْ رغبة الرئيس فى مقابلة قادة المجتمع -القادة الذين وافق عليهم كبار الموظفين- بدأ النشطاء على الفور فى الاتصال للضغط عليهم للرفض أو القبول فقط بشرط ان يجيب بايدن عَنْ تصريحاته بشأن الوفيات الفلسطينية.

وعُقد الاجتماع فى نهاية المطاف الخميس الماضي، بعد أسبوع مـن مناقشات تركت علاقات بايدن مع عديد مـن الأميركيين العرب والمسلمين مجروحة بشدة. وأعرب الأميركيون العرب والمسلمون الذين أجرت صحيفة واشنطن بوست مقابلات معهم عَنْ شعورهم بالعزلة، وأنهم انخرطوا فى حزب كانوا يعدونه ملاذا مـن عداء الجمهوريين وزعيمهم دونالد ترامب تجاههم. ونقلت الصحيفه عَنْ العرب الأميركيين، والأميركيين الفلسطينيين، والناخبين الشباب، الذين أمضوا حياتهم فى العمل مـن اجل السلام فى المنطقة، “بأن هؤلاء جميعهم ناخبون لن ينسوا”.

السيطرة على الضرر

وأوضحت الصحيفه ان مجموعه صغيرة مـن ممثلي العرب والمسلمين اجتمعوا مع وزير الخارجية أنتوني بلينكن. وقال أحد المشاركين إن المحادثة كانـت مكثفة، لكنها ظلت ودية.

وأوضحت واشنطن بوست ان المشاركين وضعوا إستراتيجية مسبقا لإبقاء المحادثة مركزة على المسائل القانونية المتعلقة بالدعم الأميركي لما وصفته الأمم المتحدة ومراقبو حقوق الإنسان بالعقاب الجماعي الإسرائيلي لسكان غزة. وتلخصت اهم الأسئلة تلك فى ما يلي “هل نتبع القواعد الدولية أم لا؟ وهل نبتعد عَنْ ذلك؟ ما السياسات التى تستند اليها القرارات؟”.

Supporters of the Palestinian people from the Palestinian Youth Movement and other groups demonstrate outside the White House about the conflict between Israel and Hamas, during a protest in Washington, U.S., October 8, 2023. REUTERS/Allison Bailey NO RESALES. NO ARCHIVES
احتجاجات لحركة الشباب الفلسطيني ومجموعات أخرى امام البيت الأبيض بشأن حرب إسرائيل على غزة فى الثامن مـن أكتوبر/ تشرين الاول 2023 (رويترز)

وأبلغ أحد المشاركين الصحيفه أنه لم اعلن اختراقات، لكن الاجتماع ساعد الموجودين هناك على فهم ان إحجام الإدارة عَنْ الحديث عَنْ وقف الاعلان النار جاء مـن الإصرار على عدم بقاء الوضع الحالي لحكم حماس فى غزة. وقالت الصحيفه إن المشاركين اتفقوا فى الاجتماع على هذه النقطة، وأنهم يرون حماس ليست وحدها الطرف السيئ.

شعور بالعزلة

وقالت الصحيفه كانـت هناك محادثات منفصلة حاول فيها كبار مَسْؤُولِي البيت الأبيض طمأنة السياسيين المسلمين والعرب الأميركيين فى إدارات الحكومة. وقدر أحد المشاركين العدد بنحو 70 شخصا مـن وكالات الاستخبارات، ووزارة الخارجية، ووزارة الأمن الداخلي، ووزارة الصحة والخدمات الإنسانية. وتحدث المشاركون، وبعضهم يبكي، عَنْ ترصد أفراد أسرهم للخطر فى الشرق الأوسط، وعن شعورهم بالعزلة والشكوك فى وظائفهم الحكومية، والشعور بالتواطؤ فى دعـم الإدارة للحصار الإسرائيلي.

ولم يترقب الحاضرون حدوث تحول فى السياسة بعد الاجتماع، حسب الروايات، لكنهم شعروا بالثقة فى ان مخاوفهم سيتم نقلها الي بايدن، ليأخذها بعين الاعتبار فى تصريحاته العلنية عَنْ الفلسطينيين.

وبعد يومين، أدلى الرئيس بتعليقاته المشككة فى دقة الضحايا الفلسطينيين فى الوقت الذى كانـت فيه القنوات التلفزيونية الناطقة باللغة العربية ترصد لقطات متواصلة لأطفال قتلى يغطيهم الغبار ينتشلون مـن تحت الأنقاض بعد الضربات الإسرائيلية. وقال أحد الأشخاص المشاركين “كل ما قلناه فى تلك الغرفة يجد آذانا صماء، لانه لا يغير المضمون أو اللهجة، ناهيك عَنْ عملية صنع السياسات”.

فكروا فى تقديم استقالاتهم

وقالت الصحيفه إنه بعد تصريحـات بايدن بشأن عَدَّدَ الضحايا، بدأ بعض المعينين فى الإدارة يفكرون فى الاستقالة.

ضمت قائمة الضيوف المدعي العام فى ولاية مينيسوتا كيث إليسون (ديمقراطي) وهو أول مسلم ينال عضوية الكونغرس، ورامي النشاشيبي وهو مسلم مقيم فى شيكاغو، والإمام محمد ماجد رجل دين مـن منطقه واشنطن، ووائل الزيات مـن جماعة الضغط الإسلامية “إيمغيج”، وسوزان بركات المدافعة عَنْ الرعاية الصحية. وقال نشطاء آخرون إن المدعوين معروفين ومحترمين، إلا ان الكارثة الإنسانية فى غزة تجعل هذا الوقت مناسبا للأصوات الفلسطينية. وقالوا إنهم يخشون ان تخرج الإدارة وتدعي ان بايدن التقى بالجالية العربية الأميركية، وهذا ليس صحيحا. وقال أحد المدعوين الخمسة، الذى اعلن شريطة عدم الاعلان عَنْ هويته، إن قرار الحضور كان مـن أصعب المعضلات التى واجهوها على الإطلاق.

وقال المدعو للصحيفة إن أحد المخاوف الرئيسية هو ان يكون هناك أميركي فلسطيني واحد فقط حاضرا. وقد تمت دعوة أميركي فلسطيني آخر، كان قد فقد العشرات مـن أقاربه فى ضربات غزة لكن تم إلغاء دعوته.

وذكرت واشنطن بوست ان المجموعة قررت المشاركة فى اللقـاء وقول الحقيقة للسلطة، ولأقوى رجل مسؤول، نيابة عَنْ الأطفال تحت الأنقاض والضغط على بايدن لوقف الاعلان النار.

الديمقراطيون يخسرون جيلا كاملا ربما للأبد

وأضافت الصحيفه ان أحد المشاركين اعلن إن المجموعة كانـت واضحة فى ما يتعلق بأرقام الضحايا فى غزة. وفي اتصال مع صحيفة واشنطن بوست، اعلن أليسون إن قادة المجتمع المسلم أبلغوا الرئيس بايدن ان معاناة سكان غزة الأبرياء ارتفعت مـن احتمال وقوع هجمات معادية للإسلام فى الولايات المتحدة. وقال إن الرئيس استمع لهم بعناية.

وقالت الصحيفه إن الأميركيين المسلمين والعرب يقولون إنهم يشعرون بالخيانة والغضب مـن البيت الأبيض، ويشعرون بأن حياة الفلسطينيين يتم تجاهلها ويتم دهس القانون والأعراف الدولية، وأن الحزب الديمقراطي دمر 20 عاما مـن حسن النية مع المسلمين والعرب فى اسبوعين فقط، وخسر جيلا كاملا نشأ فى التحالف التقدمي، ربما الي الأبد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى