الاخبار العربية والعالمية

وسـط استغراب الاحتلال.. سكان شمال غزة يرفضون النزوح | سياسة سام نيوز اخبار

غزة- لا يُخفي الاحتلال الإسرائيلي استغرابه مـن تشبث غالبية سكان منطقه شمال قطاع غزة، وتحديدا فى بلدة جباليا ومخيمها، بالبقاء فى منازلهم، رغم المجازر الوحشية التى يرتكبها بحقهم، والتدمير الممنهج لكافة مقومات الحياة، مـن طعام وماء وعلاج.

ويؤكد فلسطينيون مـن سكان جباليا، نزحوا الي وسـط وجنوب قطاع غزة، ان شمالي القطاع ما زال بالفعل مكتظا بالسكان، رغم جميع الإجراءات الوحشية التى تنفذها إسرائيل.

وقالت بث جيش الاحتلال الإسرائيلي، الأحد الماضي، إن 75% مـن سكان مخيم جباليا، لم ينزحوا الي الجنوب، وهو ما يعقّد الهجوم الذى يشنه جيش الاحتلال بريا وجويا.

وتعد منطقه شمالي القطاع، مـن الأراضي المكتظة بالسكان بشكل كثير، قياسا بمساحتها الضيقة.

عائلة من مخيم جباليا تقف أمام مركز إيواء وسط قطاع غزة
عائلة مـن مخيم جباليا تقف امام مركز إيواء وسـط قطاع غزة (الجزيرة)

سر الصمود

بعد صمود استمر 45 يوما، قررت عائلة لُبنى صلاح مغادرة مخيم جباليا، ليستقر بها المقام -الامس الاثنين- فى مركز إيواء بإحدى المدارس شرقي مدينة دير البلح وسـط القطاع.

بدأت لبنى حديثها للجزيرة نت بالقول “أنا صامدة على كل جرائم الاحتلال لكن إسرائيل لم تكن ترحم، والهدف هو الإبادة، لم تكن تستهدف المقاومة بل الناس العاديين”.

وحول سر صمود سكان شمالي القطاع، تؤكد صلاح ان السبب الرئيس يرجع للروح الوطنيه العالية المنتشرة بينهم، مضيفة “الناس صامدون هناك، كي يثبتوا للعالم الظالم ان وطننا غال علينا”.

وتابعت “نقول لكل مـن خذلنا: لا نريد غداء ولا سولارا ولا دواء، وسنظل صامدين، وسنزرع الزيتون والزعتر، وستعود بلادنا خضرة وسنحررها وحدنا، إذا أرادوا إبادة الجمهور، فنحن صامدون ونحن نقاوم، ونحن صامدون لآخر نفس”.

وأعربت عَنْ ندمها لمغادرة جباليا، قائلة “أقسم بالله أتحدث معك ودمعتي فى عيني، وأقول لزوجي: يا ليتنا متنا نحن وأولادنا فى دارنا، نحن خرجنا مضطرين لحماية أطفالنا، أنتم غير متخيلين كيف كنا نعيش؟ ابني كان يقع مـن سريره مـن شدة القصف، وتخيُّل المجازر التى أبادت عائلات كاملة”.

وأوضحت أنها كانـت تسكن مقابل مستشفى كمال عدوان، وتصف نفسها بالشاهدة على “مجازر الاحتلال”، مشيرة الي ان إسرائيل كانـت تتعمد قصف هذه المنطقة بشكل عشوائي رغم أنها منطقه تجارية ومكتظة للغاية.

وأكدت المتحدثة نفسها أنها شاهدة على مجزرتي الفاخورة وتل الزعتر التى راح ضحيتهما حوالى 200 شهيد السبت الماضي، مضيفة “أنا رأيت بعيني، ساحة مستشفى كمال عدوان تمتلئ بالشهداء بلا عَدَّدَ، وبعد ان امتلأت، أصبحوا يصفون الجثث على الرصيف، بالمئات، وبينهم أطفال مقطعة أجسادهم، لا يكاد الأهالي يتعرفون عليها”.

كرم الشافعي من مخيم جباليا يقول إنه نادم على مغادرة المخيم رغم المخاطر التي واجهها هناك
كرم الشافعي مـن مخيم جباليا يقول إنه نادم على مغادرة المخيم رغم المخاطر التى واجهها هناك (الجزيرة)

النزوح تحت القصف

بدوره، يبدى كرم الشافعي -نزح مـن مخيم جباليا الامس الاثنين- ندمه على النزوح، مضيفا “أنا اضطررت ان أخرج تحت ضرب النار، وصدقني أنا بعد ان وصلت الي مركز الإيواء هنا، ندمت أنني خرجت مـن مخيم جباليا، غير ان لدينا أطفالا وقاصرين ومرضى ولم نقدر ان نصمد أكثر”.

وفي حديثه للجزيرة نت، أعلن ان السكان ما زالوا صامدين رغم “عمليات الإبادة، لأنهم متمسكون بأرضهم ومؤمنون بقضاء الله وقدره، فالروح الوطنيه سائدة فى الشمال، والناس ترفض مخططات التهجير الإسرائيلية، لكن الذى جعلنا نرحل هو الموت، وعدم وجود مؤشرات لأي حل”.

ويؤكد الشافعي أنه ورغم مغادرة العديد مـن العائلات لمخيم جباليا، فإنه ما زال مكتظا بالسكان، مضيفا “المخيم ما زال مكتظا جدا، والناس ترفض ان تغادره، رغم ان الامور فيه صعبة جدا، هم يتعرضون للإبادة”، محذرا مـن الوضع الكارثي بسـبب القصف العشوائي، وانعدام الخدمات كالماء والعلاج.

الشاب براء غليون يرجع أسباب صمود سكان شمالي غزة إلى 3 أسباب أهمها تعلقهم بأرضهم.
الشاب براء غليون يرجع أسباب صمود سكان شمالي غزة الي 3 أسباب أهمها تعلقهم بأرضهم (الجزيرة)

3 أسباب للصمود

رغم نزوحه وعائلته مـن شمالي القطاع، يؤكد الشاب براء غليون ان غالبية الناس هناك يرفضون المغادرة، مرجعا الامر لـ3 أسباب، أولها ان “الناس متعلقة بأرضها، وتقول هذه أرضنا ولا نريد ان نرحل، والثاني ان هناك العديد مـن المواطنين يرون أنه ما زال بمقدورهم الاستمرار فى الحياة، لتوفر بعض المقومات فى بعض المناطق”.

اما السبب الثالث -وفق غليون- هو غياب البديل، حيـث يقول الناس “أين نذهب؟ فى الجنوب أيضا هناك قتل ومجازر يوميا، ثم أين سنسكن؟ فى الخيام أم فى الشوارع؟ الموت فى منازلنا أرحم”.

ورغم سوداوية الموقف وصعوبة الحياة فى مخيم الإيواء، يبدي غليون تفاؤله بالمستقبل، حيـث يقول للجزيرة نت “مع صمود شعبنا، العدوان الإسرائيلي لن يحقق أهدافه، وسنصمد فى منازلنا، وها نحن ننتظر خبرا مفرحا بالعودة للديار”.

طفل فلسطيني من مخيم جباليا وصل مع ذويه إلى مركز إيواء وسط قطاع غزة
طفل فلسطيني مـن مخيم جباليا جاء مع ذويه الي مركز إيواء وسـط قطاع غزة (الجزيرة)

وفق إحصائية للإدارة العامة للأحوال المدنية بوزارة الداخلية فى قطاع غزة، نهاية عَامٌ 2022، يقدر عَدَّدَ سكان محافظة شمال غزة بـ388 ألفا و977 نسمة، مـن أصل مليونين و375 ألفا هم مجموع سكان القطاع.

وتبلغ مساحة المحافظة حوالى 62 كيلومترا مربعا، تشكل 17% مـن إجمالي مساحة قطاع غزة.

ويعد مخيم جباليا أكبر مخيمات قطاع غزة، وأُنشئ عَامٌ 1948 لإيواء اللاجئين المهجرين بعد نكبة فلسطين، وحمل اسمه نسبه لقرية جباليا التى تجاوره.

ويقطن المخيم حاليا، نحو 116 ألفا و11 لاجئا مسجلا لدى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الأممية “أونروا”، على مساحة لا تتجاوز 1.4 كيلومتر مربع.

ويشتهر المخيم منذ نشأته، بكونه قاعدة للثورة الفلسطينية، ومنه انطلقت شرارة الانتفاضة الفلسطينية الأولى عَامٌ 1987، كَمَا كان له دور كثير فى إشعال انتفاضة الأقصى نهاية عَامٌ 2000.

فلسطيني نازح يبني خيمة عقب وصوله إلى مركز إيواء في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة
فلسطيني نازح يبني خيمة بعد وصوله الي مركز إيواء فى مدينة دير البلح وسـط قطاع غزة (الجزيرة)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى