الاخبار العربية والعالمية

وقت الأزمات عصر الالقاب.. هنا فلسطين | آراء سام نيوز اخبار

“الوحش يقتل ثائرًا

والأرض تنبت ألف ثائر!

يا كبرياء الجرح!

لو متنا لحاربت المقابر! فملاحم الدم فى ترابكِ مالها فينا أواخر. حتـى يعودَ القمحُ للفلاح يرقصُ فى البيادر

ويُغرّدَ العصفور اثناء يشاء فى عرس الأزهار

والشمس تشرق كل يـوم.. فى المواعيد البواكر”

محمود درويش

وقفت صحفيةٌ فلسطينيةٌ، فى أحد المؤتمراتِ الدولية، والتي بها جانب إسرائيلي، وقالت: قلنا سنحارب، حتـى آخر قطرة دم.

تهكّم بعضُ الحاضرين عليها قائلين: “وكيفَ ستحاربين وأنت تحملين طفلًا فى أحشائك؟”، فأشارت الي بطنها قائلةً بثقة: هو سيحاربكم، نحن الفلسطينيات، نحارب ببطوننا.

ولهذا السبب، يتعاملُ جنود الاحتلال مع الأطفال بلا رحمة، باعتبارهم مقاتلين حتـى ولو لم يُولدوا بعدُ.

ظهرَ ذلك جليًا بعد تصاعُد العمليات العسكرية امام الفلسطينيين فى قطاع غزةَ، حيـث قامَ جنودُ الاحتلال الإسرائيلي بشنِّ هجماتٍ مكثفة فى تلك المِنطقة، واجه خلالها، ومازال يقابل الفلسطينيون تحدياتٍ كبيرةً وتصعيدًا متزايدًا مـن قِبل جنود الاحتلال.

فى هذا العالم المعقَّد، إذ تتلاقى الأصوات وتتبادل الآراء، ينبغي علينا ان ننظر بعمق الي القضايا التى ترتبطُ بالشعوب والمجتمعات المظلومة، ففلسطينُ، بأرضها وشعبها، تمثلُ قضيةً مستمرة مـن القهر والصمود والبسالة.

وقت الأزمات هو عصر الالقاب

 

اللقطة، التى رُويت فى بداية هذا المقال تجسّد حقيقةً صلبةً عَنْ الفلسطينيين، وهي أنهم يقاومون بشتّى الوسائل الممكنة، حتـى الأمهات والنساء الحوامل يشاركن فى هذه المقاومة.

قد تكون النُّطف التى تنمو فى أحشاء الأمهات الفلسطينيات فى طور النمو، ولكنها ستصبح جزءًا مـن هذا الصرح المقدّس للمقاومة.

قوة وإرادة الفلسطينيين لا تعرفان حدودًا حتـى وإن كانوا يعيشون فى ظروف صعبة، وتحيط بهم قوات الاحتلال والقمع، فإنهم يظلون ملتصقين بأرضهم وبأحلامهم فى تحقيق الحرية والعدالة.

وهذه ليست قصة حدثت فى مؤتمر دولي فقط، بل يوميات حيّة يختبرها الجمهور الفلسطينيّ فى كل يـوم ولحظة.

التأثير الأخلاقي الدولى

ومع ذلك، الحق السليب الذى يُلقي بظلاله على قضية فلسطين ليس مقتصرًا على تجاهلِ المجتمع الدولى. فقد يتسبب الصمت المعتاد فى تقديم هذه القضية العادلة فى غياب العمل الحقيقيّ لتحقيق التغيير.

قد يظنُّ البعض ان تغيير الوضع مستحيلٌ، ولكن لا يمكن تجاهل حقيقة ان الصمود والثبات يمكن ان يغيّرا الواقع.

لوحة مفاتيح حاسوبي لا تتوقف عَنْ الكتابة

فلسطين تلك البقعة مـن العالم الغارقة فى أحداث التَّارِيخُ لا. لا.. ليست أحداث التَّارِيخُ، بل الغارقة فى الاحداث التى يدوِّنها التَّارِيخُُ بشكل مستمر كالقلم الذى لا ينتهي مدادُه أو كحروف آلة كاتبة أو لوحة مفاتيح حاسوبي التى لا تتوقف عَنْ الكتابة؛ لأن الاحداث دومًا عملية ومستمرة، منذ ان سكنها العربُ الكنعانيون فى النصف الثانى مـن الألفية الثالثة قبل ميلاد السيد المسيح، حيـث بنى اليبوسيون الكنعان المدينةَ المقدسة أورشليم، المدينة الرمز لهذا البلد العريق مدينة السَّلام، وسكن شطآنها الفينيقيون الكنعانيون، وازدهرت حضارتهم، وساهمت فى التَّارِيخُ الإنساني بدءًا مـن اختراعهم الأبجديةَ الفينيقيةَ المكونة مـن 22 حرفًا، حتـى الفنّ والرسم والموسيقى.

وبعد ما يزيد عَنْ ألف سنة بعد سكن العرب الكنعانيين هذه البقعةَ المقدسة، قدِم قوم آخرون هم العبرانيون، استضافهم الكنعانيون وأسكنوهم بينهم فى الديار.

تأثر هؤلاء العبرانيون باللغة والفن والموسيقى الكنعانية، ألا تراهم كيف يرسمون الهيكلَ المزعوم؟ يرسمونه ذا أقواس وهو فن عربي قديم، ألا تسمع موسيقاهم؟

حقائق بديهية

يمرُّ التَّارِيخُ، حتـى جاءنا قومٌ مـن وراء البحار والمحيطات يدّعون ما يدعون، اغتصبوا أرضَ فلسطين، وطردوا أهلها، وأقاموا دولتهم المزعومةَ عليها، وأسموها اسمًا آخر لم يكن له اى وجود بالتاريخ.

اليـوم، نرى مـن يدافع عَنْ وطنه ويهاجم المحتل الذى جثم على صدره طَوال أكثر مـن سبعين عَامًٌا.

لن يسكت صاحبُ الحقّ أكثر مـن ذلك عَنْ اغتصاب حقّه فى أرضه “فلسطين”، حتـى يرجعه دون خشية أعدائه أو مـن يدعمهم ولا يبالي بمن يخذله حتـى ينالَ النصر. فالحق يبقى حقًا لصاحبه، فكيف وهو “وطن”؟.

كل ما سبق مـن حقائق تبدو قليلة فى الفهم أو البيان، وما جرى اليـوم هو بسيط بفهمه، لكن الذى آلت إليه الامورُ ان مـن أصحاب هذا الحق، وفي الصف الاول يدافعون عَنْ حقهم بكل بسالة، ويدافعون عَنْ القيم الإنسانية والمعاني السامية، وكما رأينا كيف يجري ذلك فى الواقع الذى نشاهده ونحن جاثمون امام شاشات التلفزيون.

قلوبنا وجوارحنا معهم، ولكن يا للأسف، لا نملك أسيافًا، فأسيافنا قد أخذت منا منذ زمن، وحتى ألسنتنا وُضع عليها أقفال، مفاتيحها ليست معنا، أصبحنا مثل أموات، ولكن أموات مـن فئة عجيبة، تأكل وتشرب وترى وتسمع وأيضًا تتحرك، ولكن بلا رُوح.

ليس لنا إلا ان نقول: (لاحولَ ولاقوه الا بالله).

وفي النهايه، يجب ان نتذكر دائمًا ان قضية فلسطين هى قضية إنسانية ترتبط بحقوق الإنسان والعدالة.

ينبغي على المجتمع الدولى ان يتحد ويتخذ إجراءاتٍ فورية للحدّ مـن الاعتداءات الإسرائيلية، والمساواة فى التعامل وَفقًا للمواثيق الدولية، والسعي الي تحقيق سلام دائم فى هذه المنطقة المضطربة.

وبالنسبة لي، لا أزال أرى ان القضيةَ الفلسطينية تجسّد إصرار وصمود الجمهور الفلسطيني، ويجب ان نكون جميعًا جزءًا مـن هذا الصمود، ونعمل مـن اجل مستقبل يتّسم بالسلام والعدالة للجميع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى