أخبار فلسطين

لماذا اعتمد الروس نشيدا وطنيا مقلدا عَنْ نشيد بريطانيا؟


منذ العام 1745، اعتمدت بريطانيا نشيد “ليحفظ الله الملك” (God Save the King)، أو ليحفظ الله الملكة فى حال تربع ملكة على العرش، كنشيد رَسْمِيٌّ لها. مـن جهة ثانية، تعترف العديد مـن دول الكومنولث بنشيد ليحفظ الله الملك على الرغم مـن امتلاكها لنشيد آخر رَسْمِيٌّ حيـث تستخدم ترنيمات ليحفظ الله الملك عند زيارة ملك بريطانيا لها.

الي ذلك، اتجهت العديد مـن الإمبراطوريات والممالك الأوروبية لتقليد النشيد البريطاني عَنْ طريق وضع نسخ خاصة بها. وإضافة للدنمارك وبلغاريا، اعتمدت الإمبراطورية الروسية على مدار مدة قاربت 75 عاما نشيدا مشابها عرف ب “ليحفظ الله القيصر”.

اعتماد نشيد رَسْمِيٌّ عَامٌ 1816

قبل العام 1816، لم تملك الإمبراطورية الروسية نشيدا رسميا. وخلال المناسبات الرسمية، اعتمد الروس على عَدَّدَ مـن الأناشيد كنشيد “دع رعد النصر يقعقع” (Let the Thunder of Victory Rumble) والنشيد الديني “ما أعظم ربنا فى صهيون” (How Glorious Is Our Lord in Zion) ونشيد مسيرة فوج بريوبرازينسكي (March of the Preobrazhensky Regiment) العسكري.

بسـبب حالة الإرتباك والحيرة التى أثارها اعتماد العديد مـن الأناشيد، اتجه القيصر الروسي ألكسندر الاول (Alexander I) عَامٌ 1816، بعد اشهر مـن نجاحه فى إلحاق الخسارة بقوات نابليون بونابرت، لإصدار بيـان رَسْمِيٌّ سعى مـن خلاله لخلق نشيد موحد لروسيا. وعقب هذا القرار، اعتمدت الإمبراطورية الروسية بشكل رَسْمِيٌّ ترنيمات “صلاة الروس” كنشيد رَسْمِيٌّ للبلاد. الي ذلك، وضع الشاعر الروسي فاسيلي زوخوفسكي (Vasily Zhukovsky) كلمات هذا النشيد بينما اقتبست ألحانه مـن ألحان نشيد “ليحفظ الله الملك” البريطاني. ومن جهة ثانية، افتتح هذا النشيد الروسي بكلمات “ليحفظ الله القيصر” ليكون بذلك مشابها نوعا ما لنظيره البريطاني.

ويعود السبب فى اعتماد الألحان البريطانية للشعبية الكبيرة التى حظيت بها الثقافة الإنجليزية بمدن روسية عدّة، كسانت بطرسبرغ، بعد خسارة نابليون بونابرت. وقد جاء الي تأثير هذه الثقافة القيصر ألكسندر الاول الذى وصف حينها جاء الى كثيرين بالأنغلوفيلي.

نشيد ليحفظ الله القيصر

وبأمر مـن القيصر الروسي نيقولا الاول (Nicholas I) عَامٌ 1833، اتجه الروس لتغيير نشيدهم. وبسبب ذلك، كلّف الملحن ألكسي لفوف (Alexei Lvov) بوضع ألحان جديدة بينما تكفل شاعر البلاط الإمبراطوري فاسيلي زوخوفسكي بإدخال تعديلات على كلماته. مـن جهة ثانية، حافظ هذا النشيد الروسي الجديـد على كلمات ليحفظ الله القيصر. وبسبب ذلك، لقّب هذا النشيد الرسمى بنشيد “ليحفظ الله القيصر”.

بالسنوات التالية، اتجه العديد مـن الملحنين الروس للإعتماد على كلمات ليحفظ الله القيصر بموسيقاهم. فخلال العام 1880، اعتمد الملحن الروسي بيوتر إليتش تشايكوفسكي (Pyotr Ilyich Tchaikovsky) على هذه الكلمات اثناء وضعه للعمل الأوركاستري افتتاحية 1812 التى أحيا مـن خلالها ذكرى محاولة الغزو الفاشلة لنابليون بونابرت للأراضي الروسية. كَمَا أعاد نفس الملحن استخدامها اثناء اعداده للعمل الأوركاستري “المسيرة السلافية” التى خلد مـن خلالها تدخل الروس امام العثمانيين بالبلقان ما بين عامي 1877 و1878.

واصلت الإمبراطورية الروسية اعتماد نشيد ليحفظ الله القيصر لحدود ثورة شباط/فبراير 1917 حيـث قررت الحكومة المؤقتة الإستغناء عنه وتعويضها بنشيد لامارسييز العمال (Worker’s Marseillaise). وعقب الثورة البلشفية، أزيح هذا النشيد الثانى بدوره جاء الى البلشفيين تزامنا مع بداية مدة الحرب الأهلية الروسية التى استمرت لسنوات وخلفت ملايين القتلى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى