تسابق فرق الإنقاذ الزمن، الثلاثاء، للعثور على غواصة سياحية صغيرة اختفت قرب حطام “تايتانيك” على عمق 12500 قدم تحت الماء بعد 370 ميلاً مـن ساحل نيوفاوندلاند، كندا بينما كان على متنها خمسة أشخاص.
ويقول المولجون بعمليات البحث إنهم يسابقون الزمن للعثور عليهم فى الأعماق المظلمة للمحيط الأطلسي، قبل نفاد الأكسجين الموجود على متن الغواصة والذي لم يعد يكفي إلا لنحو 50 ساعة فقط، وهم دَاخِلٌ الغواصة الضيقة التى يبلغ طولها 22 قدمًا.
تجربة سابقة “لا تبشر بالخير”
وأخبر صحافي تلفزيوني لاحق كيف أنه “كاد يموت” فى غواصة علقت قرب حطام التايتانيك. وكشف مايكل غيلن، محرر العلوم السابق فى ABC، عَنْ تجربته المرعبة فى عَامٌ 2000 عندما أصبح أول مراسل تلفزيوني يدخل غواصة لزيارة الحطام – الذى يقع على بعد ميلين ونصف ميل مـن سطح المحيط الأطلسي قبالة نيوفاوندلاند.
وتحدثت اللقطات الاخبارية التى نشرها الدكتور غيلن عَنْ كيفية وقوع السفينة فجأة فى تيار قوي تحت الماء دفعها نحو مراوح تيتانيك التى يبلغ وزنها 21 طناً.
وبعد ان انحصرت أسفل المؤخرة، حاول الطاقم عكس اتجاهها – وعند هذه النقطة سمع دوي عندما شوهدت قطع مـن الحطام تطفو فى الماء.
فهل نحن عالقون أم ماذا؟ يمكن سماع صوت يسأل فى اللقطات. استطاع النادي فى النهايه مـن تحرير الغواصة وإعادتها الي السطح، لكن الدكتور غويلن اعلن إن الحادث “كاد ان يودي بحياتي”.
TITANIC ACCIDENT. When I was at ABC News, I became the first TV correspondent in history to report from the wreck of the Titanic at the bottom of the Atlantic Ocean, 2-1/2 miles below the surface. An accident happened that almost claimed my life. Here’s what happened. #Titanic… pic.twitter.com/b4t3WtaRdc
— Dr. Michael Guillen (@DrMGuillen) June 19, 2023
كان الدكتور غيلن على غواصة تسمى Mir 1 والتي تم بناؤها فى عَامٌ 1987. وقال غيلين، الذى كتب فى كتابه الصادر عَامٌ 2021، الإيمان برؤية: “بدا لي أننا كنا نتجه نحوها [المروحة] بسرعة كبيرة. فى وقت لاحق، علمت ان غواصتنا قد علقت بطريق المخالفة فى تيار سريع الحركة وعميق تحت الماء. بعد جزء مـن الثانية، اصطدم مير 1 بمروحة تيتانيك. شعرت بقوة الاصطدام: حطام صدئ يتساقط على غواصتنا، مما يحجب وجهة نظري مـن اثناء الفتحة”.
اعلن الدكتور غيلن إن “30 دقيقة مرت وكان النادي يسعي إزاحة السفينة عَنْ طريق “تحريكها للأمام والخلف، للأمام والخلف مـن اجل إخراجنا مـن وضعنا العالق”. فى هذه المرحله، بدأ يعتقد أنهم لن يتمكنوا مـن تحقيق ذلك. لكنه اعلن إنه شعر فجأة كَمَا لو ان “وجودًا غير مرئي” قد دخل الي الغواصة ، و”بعد مدة وجيزة ساد صمت” وتوقف المحرك عَنْ “الزئير” وشعرت أنها عادت تطفو مرة أخرى.
وتم تحديد هوية أحد الركاب على أنه رجل أعمال بريطاني يدعى هاميش هاردينغ والذي نشرت شركته المتخصصة بالطيران منشورا على وسائل التواصل الاجتماعي عَنْ رحلته الاستكشافية.
ايضا كان على متن الغواصة رجل الأعمال الباكستاني البارز شاهزاده داود، وهو نائب رئيس مجموعه “إنغرو”، مع نجله سليمان، وفق بيـان للعائلة.
خسارة الاتصال بها
وبدأت الغواصة البالغ طولها 6,5 أمتار والتي تشغّلها شركة “أوشنغيت اكسبديشنز” الغوص باتّجاه الحطام الأحد، لكن الاتصال معها فُقد بعد ساعتين، وفق السلطات.
وجاء فى بيـان عائلة داود “حتـى الان، الاتصال مفقود مع غواصتهم والمعلومات المتوافرة محدودة”. وتابع “نشعر بالامتنان للاهتمام الذى أظهره زملاؤنا وأصدقاؤنا ونرغب بالطلب مـن الجميع الصلاة مـن اجل سلامتهم”.
دول تشارك بالبحث
وأطلق خفر السواحل الأميركيون طائرتين لمسح المنطقة النائية فى شمال المحيط الأطلسي بينما أرسل خفر السواحل الكنديون أيضا طائرة وسفينة.
يعد الوقت عاملا حاسما إذ إن الغواصة قادرة على توفير الأكسجين على مدى 96 ساعة لطاقم مـن خمسة أشخاص. وأكد الأميرال جون موغر مـن خفر السواحل الأميركيين بعد الظهر الاثنين أنه يعتقد بأن ما زال لديها 70 ساعة أو أكثر مـن الأكسجين.
وأفاد الصحافيين فى بوسطن الاثنين “إجراء عمليات عمليات بحث فى تلك المنطقة النائية أمر صعب للغاية، لكننا نوظف كامل إمكانياتنا المتاحة لضمان تحديد موقع المركب وإنقاذ الأشخاص على متنه”.
لكن فى غياب اى بلاغات عَنْ رؤية الغواصة أو إشارات اتصال، علّق خفر السواحل الأميركيون عملياتهم مساءا الاثنين وأفادوا ان الحرس الوطني الأميركي ومشغّل الرحلة سيقودان عمليات البحث اثناء الليل. وأضاف خفر السواحل بأن عمليات البحث التى تجريها طائرات كندية تستخدم عوامات مـن اجل عمليات المسح تحت سطح البحر ستتواصل صباح الثلاثاء.
وأفاد ناطق باسم “أوشنغيت اكسبديشنز” وكالة فرانس برس فى وقت متأخر الاثنين “فقدنا الاتصال مع إحدى مركبات الاستكشاف التابعة إلينا التى تزور حاليا موقع حطام +تايتانيك+”. وتابع “ينصب تركيزنا الكامل حاليا على سلامة الطاقم ونتخذ كل خطوة ممكنة لإعادة أفراد الطاقم الخمسة بسلامة”.
غواصة “تيتان” برحلة لحطام “تايتانيك”
تستخدم الشركة غواصة تطلق عليها “تيتان” فى الرحلات الي حطام “تايتانيك” حيـث تبلغ قيمة التذكرة للحصول على مقعد فيها 250 ألف دولار، وفق موقعها.
وقال هاردينغ، وهو طيار وسائح فى الفضاء ورئيس شركة “أكشن أفييشن” البالغ 58 عاما، فى منشور على حسابه فى إنستغرام، إنه يشعر بالفخر للانضمام الي عملية استكشاف حطام “تايتانيك” عَنْ طريق خدمات “أوشنغيت”.
الهامة الأولى والوحيدة المأهولة
وكتب “بسـبب أسوأ شتاء شهدته نيوفاوندلاند منذ 40 عاما، يرجّح ان الهامة ستكون الأولى والوحيدة المأهولة الي “تايتانيك” فى 2023″.
وذكر هاردينغ فى منشوره ان الغواص المخضرم والخبير فى حطام “تايتانيك” بول-هنري نارجيوليه ضوء طاقم “تيتان”.
وجاء فى المنشور ان “فريق الغواصة يضم عددا مـن المستكشفين الأسطوريين، غاص بعضهم أكثر مـن 30 مرة الي “آر إم إس تايتانيك” منذ ثمانينات القرن الماضي بمن فيهم نارجيوليه”.
وأفادت “أكشن أفييشن” على تويتر الأحد بأن “الاعلان الغواصة كان ناجحا ويقوم هاميش بالغوص حاليا”، مرفقة التغريدة بعدة صور لهاردينغ وطاقم الغواصة فوق سطح البحر.
“الوقت ينفد”
اصطدمت “تايتانيك” بجل جليد وغرقت عَامٌ 1912 اثناء رحلتها الأولى مـن إنجلترا الي نيويورك وعلى متنها 2224 شخصا مـن ركاب وأفراد الطاقم. ولقي أكثر مـن 1500 شخص حتفهم فى الحادثة.
وعُثر العام 1985 على حطام السفينة المنقسم الي شطرين رئيسيين على بعد 650 كيلومترا عَنْ نيوفاوندلاند فى كندا وعلى عمق 4000 متر تحت سطح البحر. وما زال يجذب خبراء الملاحة البحرية والسياح المهتمين بالغوص.
وأشار اليستر غريغ أستاذ الهندسة البحرية فى كلية لندن الجامعية الي نظريّتين محتملتين بناء على صور الغواصة التى نشرها الإعلام، علما بأنه لم يسبق ان شملت دراساته الغواصة المفقودة بالتحديد.
سيناريوهات مرعبة
وقال إنه إذا كانـت المشكلة مرتبطة بالكهرباء والاتصالات، فإن الغواصة يمكن ان تعود الي سطح البحر وتواصل العوم “بانتظار العثور عليها”.
وتابع فى بيـان ان “السيناريو الآخر هو ان عطلا طرأ على وحدة الضغط ووقع تسرّب.. فى هذه الحالة، فإن التوقعات لن تكون جيّدة”.
ومع ان الغواصة قد تكون لا تزال سليمة حتـى الان، إلا ان عَدَّدَ الغواصات القادرة على الإبحار فى العمق الذى يمكن ان تكون “تيتان” وصلت إليه “محدود للغاية”.
بدوره، لفت الاستاذ المساعد فى جامعة أديلييد إريك فيوسل فى بيـان إن “الوقت ينفد ويعرف اى غواص الي اى حد يمكن للقاع ان يكون بلا رحمة. خوض الأعماق يعادل فى صعوبته، إن لم يكن أصعب، ارتياد الفضاء مـن المنظور الهندسي”.