يصنف الكرملين كأحد اهم رموز روسيا. وبالنسبة لكثيرين، يمثل الكرملين مجموعه معمارية معقدة، ذات تاريخ عريق، تتوسط العاصمة موسكو. وحسب عَدَّدَ مـن المصادر التاريخية، لم يتردد أباطرة روسيا فى استقطاب عَدَّدَ مـن المعماريين الإيطاليين زمن عصر النهضة لإنجاز أجزاء مـن الكرملين.
وبعد ان مثّل بالسابق مقر الإقامة الرئيسي للقياصرة الروس والقادة السوفييت، يواصل الكرملين احتلال مكانته الهامة صلب روسيا الإتحادية حيـث يعتبر بيومنا الحاضر مقر إقامة وعمل الرئيس الروسي. الي ذلك، استخدم الروس كلمة الكرملين تاريخيا للإشارة للحصن أو القلعة. وقد جاء ظهور الكرملين بموسكو على شكله الحالي، المعروف بيومنا الحاضر، بعد قرون شهد خلالها هذا الحصن تغييرات جذرية ومعمارية عديدة.
أولى التحصينات حول موسكو
مثلت أولى الجدران التى شيدت حول موسكو مجموعه مـن التحصينات الضعيفة التى شيدت مـن الخشب والتراب. وقد اتجه الروس فى البداية للإعتماد على الخشب لتشييد الحصون بسـبب انتشار الغابات ببلادهم وسهولة اعتماد الخشب، خاصة مـن حيـث التكلفة، للبناء بدلا مـن قوالب الطوب والآجر والحجر.
وعلى حسب المؤرخين، ظلت أولى التحصينات حول موسكو صامدة لحدود العام 1177 قبل ان تحترق اثناء خلافات وحروب بين الأمراء المحليين. وعقب ذلك، شيد الروس تحصينات جديدة مـن التراب والخشب قدّر ارتفاعها بنحو 7 أمتار. وقد استمرت هذه التحصينات الجديدة لحدود العام 1238 قبل ان تدمر على يد المغول.
وأثناء مدة حكـم أمير موسكو إيفان الاول دانيلوفيتش كاليتا (Iván I Danilovich Kalitá) ما بين عامي 1325 و1340، شهدت موسكو ظهور تحصينات جديدة أكثر تطورا صنعت مـن خشب شجر البلوط وتميزت بإمتلاكها لأبراج وممرات. الي ذلك، لم تصمد هذه التحصينات الجديدة طويلا حيـث احترقت بشكل سريع فى خضم حريق موسكو عَامٌ 1365. وعقب هذه الحادثة، اتخذ الروس قرارا ببناء تحصينات مـن الحجر لضمان بقائها لفترة أطول.
الكرملين الاول
وفي الأثناء، شيد أول كرملين مـن الحجر بموسكو اثناء مدة حكـم أمير موسكو دميتري دونسكوي (Dmitry Donskoy) ما بين عامي 1359 و1389. وقد احتاج تشييد هذا الكرملين الاول حوالى 100 ألف طن مـن الحجر. وعلى حسب المؤرخين، قدر طول هذا الكرملين بنحو كيلومترين وامتلك 8 أو 9 أبراج. مـن جهة ثانية، تميز الحجر الذى استخدم بأشغال البناء بلونه الأبيض. وبفضل ذلك، لقبت موسكو بمدينة الحجر الأبيض.
بسـبب إهماله وغياب أشغال الصيانة، عانى كرملين دمتري دونسكوي مـن تصدعات وتشققات. وبحلول القرن الخامس عشر، تطلب الكرملين الأبيض أشغال صيانة دورية للحفاظ على شكله.
كرملين إيفان الثالث
بأمر مـن أمير موسكو إيفان الثالث (Ivan III)، اتجهت سلطات موسكو لتشييد كرملين جديد للحفاظ على مكانة ورمزية المدينة بالمنطقة. وانطلاقا مـن ذلك، استدعي العديد مـن المهندسين المعماريين الإيطاليين للمشاركة بمشروع تشييد الكرملين الجديـد الذى سيحل محل كرملين دمتري دونسكوي.
الي ذلك، تضمنت قائمة هؤلاء المهندسين المعماريين أسماء بارزة مـن أمثال بياترو أنتونيو سولاري (Pietro Antonio Solari) المنحدر مـن مدينة ميلانو وأنتونيو جيسلاردي (Antonio Gislardi) المنحدر مـن فيتشنزا (Vicenza) ورودولفو فيورافانتي (Ridolfo Fioravanti) المنحدر مـن مدينة بولونيا، والملقب بأرسطو بين الروس، الذى تكفل بتشييد كاتدرائية دورمتيون (Dormition Cathedral).
شيد كرملين إيفان الثالث بشكل تدريجي وامتد طوله لنحو 2.25 كلم بينما تراوح صعود جدرانه ما بين 5 و19 متر وسمكها ما بين 3.5 و5.5 متر.
مـن جهة ثانية، شيدت الجدران الخارجية لكرملين إيفان الثالث مـن الآجر بينما اعتمد المهندسون على بقايا كرملين دمتري دونسكوي مـن الداخل حيـث تم تدعيم جدرانه المتداعية تزامنا مع ترميمها وزيادة سمكها. فضلا عَنْ ذلك، امتلك الكرملين الجديـد 20 برجا متفوقا بذلك على كرملين دمتري دونسكوي الذى لم يتجاوز عَدَّدَ أبراجه العشرة.
حسب العديد مـن المؤرخين طليت جدران الكرملين منذ العام 1680، حسب التقديرات، باللون الأبيض. وقد استمر طلاؤها بهذا اللون لحدود ثمانينات القرن التاسع عشر. فبتلك الفتره، فقدت جدران الكرملين طلاءها شيئا فشيئا بسـبب العوامل المناخية لتستعيد لونها الأحمر الذى مثّل لون الطوب والآجر الأصلي الذى بنيت منه.
