منذ نهاية الحرب الكورية عَامٌ 1953، اتجهت الولايات المتحدة الأميركية لفرض رقابة على التحركات الكورية الشمالية بالمنطقة. وللحصول على البيانات حول الأنشطة الكورية الشمالية، اعتمد الأميركيون على العمليات الاستخباراتية والتجسسية التى اقتصرت أساسا على إرسال طائرات التجسس والسفن الحربية الخفيفة لمراقبة تحركات القوات الكورية الشمالية.
وفي خضم حالة التوتر التى عاشت على وقعها المنطقة اثناء النصف الثانى مـن الستينات، عمدت البحرية الكورية الشمالية لخطف السفينة الأميركية يو أس أس بويبلو (USS Pueblo)، التابعة للبحرية الأميركية، متسببة بذلك فى ظهور أزمة خطيرة بين واشنطن وبيونغ يانغ.
قوات كورية شمالية قرب السفينة يو أس أس بويبلو
محاصرة يو أس أس بويبلو
يـوم 23 يناير 1968، باشرت سفينة التجسس، ذات التسليح الضئيل، الأميركية يو أس أس بويبلو مهامها التجسسية قرب السواحل الكورية الشمالية.
وخلال مدة وجيزة، وجدت السفينة الأميركية نفسها محاطة بعدد مـن البوارج الحربية الكورية الشمالية التابعة لخفر السواحل الكوري الشمالي.
وحسب التقارير الأميركية، تواجدت السفينة يو أس أس بويبلو بالمياه الدولية على بعد أكثر مـن 15 ميلا مـن السواحل الكورية الشمالية عندما حوصرت جاء الى سفن كورية شمالية طالبتها بالإستسلام تزامنا مع توجيه مدافعها نحوها. وللوهلة الأولى، حاولت يو أس أس بويبلو الابتعاد مـن المكان والفرار قبل ان يتم استهدافها بعدد مـن الطلقات التى أصابت قبطان السفينة وعددا مـن مساعديه.
ومع تأكدهم مـن حتمية وقوع سفينتهم بقبضة الكوريين الشماليين، عمد الجنود الأميركيون على متن يو أس أس بويبلو لتخريب الوثائق السرية لتجنب حصول بيونغ يانغ عليها.
وعلى إثر ذلك، سيطر الكوريون الشماليون على يو أس أس بويبلو واقتادوها نحو وونسون (Wonson). وهنالك، أقدمت القوات الكورية الشمالية على اعتقال 83 بحارا أميركيا واقتادتهم نحو بيونغ يانغ بعد تكبيلهم. وبالعاصمة الكورية الشمالية، واجه البحارة الأميركيون تهما بالتجسس ومحاولة دخول المياه الإقليمية للبلاد.
صورة للسفينة يو أس أس بويبلو
83 أسيرا أميركيا
بتصريحاتهم، رفض المسؤولون الأميركيون التهم الموجهة للبحارة مؤكدين على تواجد يو أس أس بويبلو بالمياه الدولية لحظة تطويقها. مـن جهة ثانية، رفض الرئيس الأميركي ليندون جونسون (Lyndon Johnson) إرسال قواته نحو شبه الجزيرة الكورية بسـبب حالة الحرب بفيتنام وعدم رغبته فى فتح جبهة ثانية بالمنطقة. اثناء مدة التحقيق، رفض البحارة الأميركيون التوقيع على لائحة الاتهامات الموجهة لهم وقاموا بحركات لا أخلاقية تجاه المحققين الكوريين. وكرد على ذلك، ترصد البحارة الأميركيون للتعذيب. وإضافة للضرب المبرح، حرم الجنود الأميركيون المعتقلون مـن النوم.
وتحت وطأة التعذيب، قبل البحارة الأميركيون بالتهم الموجهة لهم ووقعوا على وثائق تعهدوا مـن خلالها بعدم القيام بأنشطة تجسسية مرة ثانية. وعلى إثر ذلك، اقتيد المعتقلون نحو مركز إعادة تأهيل حيـث أجبروا على قراءة منشورات دعائية كورية شمالية تزامنا مع تعرضهم للضرب.
بحلول أغسطس 1968، أجبر الجنود الأميركيون المعتقلون على حضور مؤتمر صحفي مفبرك تحدثوا خلاله عَنْ المعاملة الإنسانية التى تعرضوا لها. وفي الأثناء، أدانت واشنطن هذا المؤتمر وتحدثت عَنْ ترصد جنودها للتعذيب والتنكيل.
بعد نحو 11 شهرا، استطاع الدبلوماسيون الأميركيون والكوريون الشماليون يـوم 23 ديسمبر 1968 مـن إنهاء الأزمة. وبموجب ذلك، اعترفت واشنطن بقيامها بأنشطة تجسسية امام كوريا الشمالية وتعهدت بعدم تكرار ذلك. وفي الأثناء، وافقت بيونغ يانغ على الاعلان سراح البحارة الأميركيين المعتقلين الذين عبروا الحدود نحو كوريا الجنوبية. وعقب مغادرتهم لكوريا الشمالية، استقبل المعتقلون الأميركيون بحفاوة بكوريا الجنوبية التى وصفتهم بالأبطال.
صورة للرئيس الأميركي جونسون