فى حدود الساعة الثانية وست وخمسين دقيقة صباحا بالتوقيت العالمي يـوم 21 تموز/يوليو 1969، تابع حوالى نصف مليون شخص حول العالم نزول أول إنسان على سطح القمـر. وعلى الرغم مـن اعتبار هبوط أبولو 11 (Apollo 11) على سطح القمـر ونزول الرائد نيل أرمسترونغ (Neil Armstrong) مـن المركبة حدثا علميا فريدا مـن نوعه، مثّل وصول الأميركيين للقمر انتكاسة للاتحاد السوفيتي فى خضم الحرب الباردة.
ولرد الاعتبار والحفاظ على مكانته، وجّه الاتحاد السوفيتي جهوده نحو برنامـج الفضاء المأهول حيـث أعلن السوفييت حينها عَنْ رغبتهم فى إنشاء محطات فضائية مدارية مأهولة.
ساليوت 1
وبتلك الفتره، امتلك الأميركيون مشروع سكايلاب (Skylab) الذى عملوا مـن خلاله لإرسال أولى محطاتهم الفضائيه نحو المدار. وأملا فى تحقيق هذا الهدف قبل الأميركيين، فضّل السوفييت إدخال تعديلات عديدة على مشروع محطة الفضاء العسكرية ألماز (Almaz). وانطلاقا مـن ذلك، ظهر مشروع محطة الفضاء السوفيتية ساليوت 1 (Salyut 1) التى استندت فى تصاميم هيكلها لتصاميم ألماز.
ومطلع العام 1970، باشر السوفييت ببناء المحطة ساليوت 1. وقد أشرف حينها على مشروع هذه المحطة الجنرال السوفيتي كيريم كيريموف (Kerim Kerimov) الذى عمل بنفس الوقت على مشروع سويوز (Soyuz). وعقب الانتهاء مـن بناء قطعها، نقلت ساليوت 1 نحو قاعدة بايكونور الفضائيه بكازاخستان أين تم تجميعها استعدادا لإرسالها نحو الفضاء.
بادئ الامر، خطط الاتحاد السوفيتي لإطلاق المحطة الفضائيه ساليوت 1 نحو الفضاء يـوم 12 نيسان/أبريل 1971 بالتزامن مع الذكرى العاشرة لرحلة الرائد يوري جاجارين نحو الفضاء. وبسبب عَدَّدَ مـن المشكلات التقنية، اجلّ الاتحاد السوفيتي عملية الإطلاق ليوم 19 مـن نفس الشهر.
أول مـن يموت بالفضاء
يـوم 22 نيسان/أبريل 1971، انطلقت عملية سويوز 10 نحو محطة ساليوت 1 السوفيتية. وبهذه الهامة، كان مـن المحدد ان ترسو وتلتحم المركبة الفضائيه مع محطة الفضاء ساليوت 1. وبسبب جملة مـن المشكلات اثناء عملية الالتحام، لم يتمكن طاقم سويوز 10 مـن دخول ساليوت 1. وعقب ذلك، ألغيت الهامة سويوز 10 ليعود بذلك رواد الفضاء السوفييت أدراجهم.
يـوم 6 حزيران/يونيو 1971، أطلق السوفييت الرحلة سويوز 11 نحو محطة الفضاء ساليوت 1. وباليوم القادم، حلّ رواد الفضاء السوفييت جيورجي دوبروفولسكي (Georgy Dobrovolsky) وفلاديسلاف فولكوف (Vladislav Volkov) وفكتور باتساييف (Viktor Patsayev) بمحطة ساليوت 1 وتمكنوا مـن البقاء على متنها بنجاح لمدة 23 يوما. مثلت هذه التجربة السوفيتية سابقة فريدة مـن نوعها حيـث حطّم طاقم سويوز 11 حينها الرقم القياسي بالفترة التى قضاها البشر بالفضاء.
الي ذلك، تحول النجاح السوفيتي بالفترة التالية لواقعة تراجيدية. فأثناء رحلة العودة نحو الأرض يـوم 30 حزيران/يونيو 1971، فتح صمام معادلة الضغط فى كبسولة العودة قبل أوانه متسببا فى اختناق الرواد الثلاثة وموتهم بالفضاء. وعقب هذه الواقعة، صنّف رواد الفضاء السوفييت الثلاثة كأول بشر يموتون بالفضاء والوحيدين لحدود يومنا الحاضر.
واكتشفت جثث رواد الفضاء الثلاثة حال وصول كبسولة العودة نحو الأرض. فعقب فتحها، صعق السوفييت عند مشاهدتهم لجثث رواد الفضاء الثلاثة الذين ماتوا اختناقا بالفضاء. مـن جهة ثانية، لاحظ الخبراء السوفييت وجود بعض الحروق والإصابات بيد فكتور باتساييف. وبسبب ذلك، رجّح المحققون قيام الأخير بمحاولة لإصلاح صمام معادلة الضغط بالكبسولة قبل فقدانه للوعي.
بعد وفاتهم، كرّم رواد الفضاء الثلاثة جاء الى موسكو ومنحوا بشكل صوري وسام بطل الاتحاد السوفيتي تزامنا مع دفنهم بمقبرة سور الكرملين.