لم تقف الأمية وظروف الحياة الشاقة عائقاً امام الشاب التونسي زهير البخري الذى بنى لنفسه عالماً فنياً خاصاً، فهو يرصد أعمالاً فنية مبتكرة ومجسمات يبدعها مـن الخردة وبقايا المصانع والمهملات الصناعية ومشتقات الحديد.
وزهير (36 عاماً) نحات يمكث خلف ركام الخردة والفواصل الحديدية فى ورشته بمنطقة رواد فى العاصمة تونس ويخرج منها ما رسمه عقله مـن أشكال فنية تحكي رؤيته الخاصة.
مـن دَاخِلٌ ورشته الصغيرة وبرفقة مطرقته وباقي معدات العمل يرسم زهير عالمه الخاص، فهناك يبدأ وينهي يومه الذى يقول إنه مليء بالأحداث والحكايات التى يجسدها بلمساته الفنية ويشكلها بأنامله.
زهير البخري فى مشغله
يقول زهير لوكالة “رويترز” إنه يجمع الخردة وبقايا الحديد ليشكل منها قصصاً مـن الواقع وكأنه يحاكي الفرح والحزن والرغبة والحرمان فى أشكال مختلفة.
وتحدث زهير بكل فخر عَنْ تجربته فى العمل بالحدادة التى بدأها فى سن مبكرة وعمره ثماني اعوام تقريباً وما تطلبته ممارستها مـن مشاق وصعوبات إلا أنه اعتبرها تجربة عملية مع معلمه الاول الذى علمه المزيد واحتضنه بعد انقطاعه عَنْ التعليم لظروف عائلية.
وذكر أنه تعلم أساليب وتفاصيل التعامل مع الحديد كاللحام والقص بينما أولى انجازاته وأكبرها بالنسبة له صنع غرفه جلوس لعائلته التى كانـت بحاجة اليها.
وعندما كان عمره 14 عاماً اكتشف موهبته حينما أعجبته آلة تصوير ولم يقدر على توفير ثمنها فصنعها مـن الخردة.
زهير البخري فى مشغله
يحكي زهير وهو بين قطعه الفنية: “بقيت الفكرة حبيسة الظروف الي ان سافرت الي دَوْلَةٌ قطر للعمل سنة 2012 فى الحدادة وهناك قررت العودة الي تونس وفتح ورشة خاصة والانطلاق فى حلمي”.
وأضاف: “أتقنت هذا العمل بينما بعد وتغلبت به على الإحباط والحزن والأمية.. وجدت فى هذا العمل شيئاً أحبه فصار عالمي الروحي واكتشفت موهبة سكنت بداخلي أجسدها بقطع الحديد”.
ويعتبر زهير نفسه فناناً وليس تاجراً، ولكن ظروف الحياة ألزمته بيع أعماله وصارت هذه المهنة مورد رزقه، وأردف بصوت حزين: “مع كل عمل أبيعه كنت أبكي لأن العمل قطعة مـن كياني وحياتي”.
ويأمل الفنان الشاب ان تخرج أعماله الفنية الي جمهور الفن خارج تونس فقال: “أنا أحب عملي وفني.. أنا لا أملك أصدقاء فكل ما تحتويه ورشتي هى حكايات وقصص لأحزان الناس وأفراحهم وأسأل نفسي يومياً متى ستتحول هذه الحكايات الي أعمال فنية”.
ويقول زهير إن الإصرار هو مفتاح النجاح الذى تغلب به على أشكال التنمر والتمييز، مضيفاً: “مهما كان الحلم صعباً لن يكون مستحيلاً إذا اتخذته هدفاً وثابرت مـن اجل الوصول إليه”.
زهير البخري فى مشغله