ما بين عامي 1950 و1953، عاش العالم على وقع أحداث الحرب الكورية التى اندلعت بعد غزو كوريا الشمالية، المدعومة مـن الاتحاد السوفيتي والصين، أراضي جارتها الجنوبية. وقد استمرت هذه الحرب لأكثر مـن 3 اعوام مسفرة عَنْ وقوع ما يزيد عَنْ مليوني قتيل. وبينما دعمت موسكو وبكين بيونغ يانغ بالعتاد والمتطوعين، اتجهت واشنطن وحلفاؤها للتدخل بشكل مباشر بهذه الحرب عَنْ طريق إرسال مئات الآلاف مـن الجنود.
صورة لعدد مـن القوات الأميركية عَامٌ 1950 بالحرب الكورية
ففي خضم هذه الحرب، تناقلت وسائل الإعلام العالميه عَامٌ 1950 وقائع حادثة فريدة مـن نوعها. فبدون قصد، خرقت الطائرات الأميركية المجال الجوي السوفيتي قبل ان توجه ضربة جوية لأحد المواقع العسكرية السوفيتية متسببة بذلك فى تزايد حدة التوتر بين موسكو وواشنطن.
قصف القاعدة السوفيتية
قبل مدة سبقت بداية النزال الجوي بين طياري نورث أمريكان إف-86 سابر (North American F-86 Sabre) الأميركية وميغ 15 السوفيتية بسماء شبه الجزيرة الكورية، عاشت قاعدة سوخايا ريشكا (Sukhaya Rechka) الجوية السوفيتية على وقع حالة مـن الهدوء حيـث مارس العاملون بهذه القاعدة الجوية إجراءات روتينية لحدود يـوم 8 تشرين الاول/أكتوبر 1950.
صورة لطائرة نورث أمريكان إف-86 سابر الأميركية
وعلى الرغم مـن تواجد قاعدتهم الجوية على بعد مئات الكيلومترات مـن ساحات القتال بشبه الجزيرة الكورية، لم يترقب المسؤولون بسرب المقاتلات 82 السوفيتي، المتمركز بهذه القاعدة، تعرضهم لهجوم أميركي مباغت دون إعلان حرب.
فأثناء توجههم لقصف القاعدة الجوية الكورية الشمالية بشونغجين (Chongjin) بأقصى شمال كوريا الشمالية يـوم 8 تشرين الاول/أكتوبر 1950، أخطأت طائرتان أميركيتان مـن نوع لوكهيد ب 80 (Lockheed P-80)، بسـبب الضباب والسحب، هدفهما واتجهتا لخرق المجال الجوي السوفيتي قبل ان تجدا نفسيهما بالقرب مـن قاعدة سوخايا ريشكا القريبة مـن فلاديفوستوك (Vladivostok). وأثناء تحليقهما بالقرب مـن القاعدة السوفيتية، احتار الطياران حول طبيعة موقع القصف حيـث لم تكن قاعدة سوخايا ريشكا شبيهة بصور القاعدة الكورية الشمالية التى شاهدوها. وبالتزامن مع ذلك، لاحظ الطياران الأميركيان رموزا وطائرات شبيهة بتلك التى استخدمها الكوريون الشماليون لقصف كوريا الجنوبية. وأمام هذا الوضع، فضّل الطياران الأميركيان إلقاء قنابلهما على هذه القاعدة الجوية وتدميرها قبل مغادرة المكان.
صورة لطائرات لوكهيد ب 80 الأميركية
احتجاج سوفيتي
وعلى الرغم مـن عدم سقوط ضحايا، أسفرت عملية القصف عَنْ تدمير ستة طائرات سوفيتية كان جلها مـن نوع بال ب 63 كينغ كوبرا (Bell P-63 Kingcobra)، الأميركية الأصل، التى حصل عليها السوفيت سابقا ضوء مساعدات عسكرية أميركية اثناء الحرب العالميه الثانية.
هذه الحادثة أثارت غضب موسكو التى لم تتردد فى إعلان حالة الطوارئ تزامنا مع إرسالها عددا كبيرا مـن طائرات ميغ 15 نحو شرق البلاد. وبالأيام التالية، قدمت السلطات السوفيتية احتجاجا رسميا للأمم المتحدة أدانت مـن خلاله القصف الأميركي لمواقعها.
مع سماعها لخبر الهجوم الخاطئ والاحتجاج السوفيتي، سارعت الإدارة الأميركية بفتح تحقيق بالحادثة. وبالفترة التالية، أعلن الأميركيون على حصول خطأ معتبرين حادثة القصف عرضية وغير مقصودة.
يـوم 20 تشرين الاول/أكتوبر 1950، قدم الرئيس الأميركي هاري ترومان اعتذاره للجانب السوفيتي حول الحادثة. وبالتزامن مع ذلك، مثل الطياران الأميركيان، اللذان تورطا بالحادثة، امام محكمة عسكرية. وبناء على ذلك، تم نقل هذين الطيارين نحو قواعد جوية أخرى بكل مـن اليابان والفلبين.
مـن جانبها، قبلت موسكو اعتذار الأميركيين تزامنا مع حديثها عَنْ هجـوم “رأس الحربة” أميركي كان الهدف منه جرّ الاتحاد السوفيتي لدخول الحرب الكورية بشكل مباشر.