جمال عبد الناصر يكتب: المسرح الغنائي كان سلاحًا للمقاومة والسينما سبب تراجعه
ازدهر جدًا المسرح الغنائي فى مصر فى القرن التاسع عشر وحتى الأربعينيات مـن القرن العشرين، ولكنه تراجع وانحسر وضعف الإقبال عليه جاء الى الجمهور مع ظهور الأفلام الغنائية والاستعراضية التى أشبعت الجمهور، وكان المسرح الغنائي فى هذه الفتره سلاحًا لمقاومة المحتل بما كان يرصد فيه مـن أغاني تحمل المزيد مـن التورية والإسقاط علي الواقع واستخدام مفردات تحمل دلالات كثيرة تحي الناس علي المقاومة.
رواد المسرح الغنائي فى تلك الفتره ومطوروه هم سلامة حجازي وسيد درويش وداود حسني ومن قبلهم أبي خليل القباني، وذكر زياد عساف فى كتابه “المنسي فى الغناء العربي” قائلاً: المتتبع لمسيرة المسرح الغنائي سيلاحظ ان كل فنان وموسيقي حمل شعلة مـن سبقوه وأكمل مسيرته الفنية مع اجتهاد وتطوير فى الأسلوب، الشيخ سلامة حجازي تأثر بفن إبي خليل القباني الذى سبقه فى هذا المجال وأهم ما استفاده مـن تجربة القباني طرح فى مسرحياته قضايا التَّارِيخُ الإسلامي وقضايا الأمة العربية ووظف التراث العربي مـن اثناء الموشحات والأغنية الشعبية والأزياء.
سلامة حجازي قلل مـن عروضه المسرحية المقتبسة مـن الأدب الغربي وطاف سلامة بمسرحه إلي معظم البلاد العربية، لذا ينسب إليه الفضل فى تأسيس المسرح الغنائي العربي وليس المصرى فقط .
دور وقيمة سيد درويش فى تطوير المسرح الغنائي جاء مع انتقاله مـن الإسكندرية الي القاهره سنة 1917، وكان فى تلك الفتره لا يرصد غير مسرح الصالات ، بينما لحظة إلتقاء فنان الجمهور سيد درويش بالكاتب المسرحي محمد تيمور اثناء عملهما على أوبريت «العشرة الطيبة» بمثابة نقلة نوعية عظيمة فى مجال المسرح الغنائي المصرى حيـث أصبح المسرح الغنائي بهذا العمل “بديلا عَنْ مستودع البارود لثورة 1919 ومنبرا فنيا للتعبير الوطني”.
رواد المسرح الغنائي
سيد درويش له ريادة فى إكمال مسيرة سلامة حجازي بعد وفاته وكذلم فعل داود حسني وكامل الخلعي ، ولكن تراجع المسرح الغنائي الأربعينيات بعد ظهور الأفلام الغنائية الاستعراضية فى السينما، ولم يركز الذين جاءوا بعد سيد درويش علي هذا الفن مـن أمثال محمد عبد الوهاب ورياض السنباطي، وطغت فكرة المطرب والنجم الأوحد وغاب العمل الجماعي المتمثل فى المسرح الغنائي إلا مـن بعض العروض وعلي فترات متقطعة .
قدم سيد درويش رواية “فيروز شاه” لفرقة جورج أبيض، ثم “شهر زاد” و”الباروكة” وقدم حوالى 26 عملا غنائيا مسرحيا، والتزم سيد درويش فى مجمل أعماله باستخدام الطابع المصرى الشعبي وصدق التعبير ما جعله يحرص على تتبع الباعة الجائلين كي يستلهم لهجات النغم فى نداءاتهم، كَمَا تتبع أصحاب المهن المتنوعة فى محاولة منه ان تصبح ألحانه تعبيرا خالصا عَنْ الشارع المصرى بكل دفقاته وحركته وروحه ، بل أنه قام الاحتلال بالموسيقي والغناء وبالمسرح .
المسرح الغنائي سلاح