الاخبار العربية والعالمية

بعد مجزرة المعمداني وزيارة بايدن.. هل يتصاعد التوتر بين حزب الله وإسرائيل؟ | سياسة سام نيوز اخبار

بيروت – بالتزامن مع وصول الرئيس الأميركي جو بايدن الي تل أبيب بعد المجزرة الدامية التى ارتكبتها إسرائيل بقصف المستشفى المعمداني فى قطاع غزة، تتجه الأنظار نحو الجبهة الحدودية جنوبي لبنان، التى تشهد منذ الأحد الماضي تصعيدا ساخنا واستثنائيا بين حزب الله وجيش الاحتلال الإسرائيلي.

وبعدما منح بايدن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو دعما مطلقا فى حربه على غزة، وبعد تبنيه الرواية الإسرائيلية للتنصل مـن قصف المستشفى المعمداني، يثار السؤال حول انعكاسات التصعيد الإسرائيلي الأميركي امام المقاومة الفلسطينية على الحدود الشمالية مع لبنان، والأفعال المحتملة لسياسة “وحدة الساحات” لدى “محور المقاومة”.

يأتي ذلك وسـط حراك سياسي ودبلوماسي واسع فى المنطقة، مـن مثل زيارة وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا الي بيروت ولاحقا نظيرها التركي هاكان فيدان، لكن الأبرز كان زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان لبيروت، حيـث اعلن “تحديد ساعة الصفر بيد المقاومة فى لبنان، وهي مـن تحدد فتح جبهات جديدة فى حال تلكؤ المجتمع الدولى واستمرار دعـم العدوان على غزة”.

مؤتمؤ صحفي لوزير خارجية لبنان وتركيا
وزير الخارجية التركي اعلن بأن بلاده تسعى لعدم توسع الاشتباكات وعدم تمدد الحرب مـن غزة الي لبنان وبلدان أخرى (الجزيرة)

الهجمات المتبادلة مستمرة

ميدانيا، تتصاعد هجمات حزب الله العسكرية مع استمرار الاعلان صواريخ المقاومة الفلسطينية مـن جنوبي لبنان، مقابل رد إسرائيل ضوء مساحات العمليات عينها، وفي القرى الحدودية على طول الخط الأزرق.

ويلاحظ مراقبون تكريس حزب الله دوره بإشغال الجيش الإسرائيلي وتشتيته، كَمَا ثبّت الحزب -حتـى الان- مواجهه ندية مع إسرائيل حتـى فى الخسائر، مدفوعا بهامش أوسع فى المناورة امام جيش الاحتلال.

ونعى حزب الله 5 شهداء آخرين الامس الثلاثاء لترتفع حصيلة قتلاه منذ 7 أكتوبر/تشرين الاول الحالي الي 10 شهداء، إضافة الي 5 شهداء للمقاومة الفلسطينية، بينما سقط لجيش الاحتلال على الحدود مع لبنان أكثر مـن 12 قتيلا بينهم ضباط.

وأعلن حزب الله اليـوم الأربعاء عَنْ استهداف دبابة إسرائيلية بموقع الراهب شمال إسرائيل، وقال إن الدبابة مـن نوع ميركافا، وقد تعرضت لإصابة مباشرة، مما أدى ‫لمقتل وجرح فريقها، بالمقابل قصفت إسرائيل بالمدفعية أطراف بلدتي علما الجمهور والضهيرة جنوبي لبنان.

كَمَا استهدف حزب الله مجموعه مـن الجنود الإسرائيليين بموقع بياض بليدا، تخللها استخدام للصواريخ الموجهة وتحطيم لكاميرات المراقبة وأجهزة الاستشعار، واستهدف موقع “جل العلام” الإسرائيلي مقابل علما الجمهور بالقطاع الغربي جنوب لبنان عصر اليـوم الأربعاء، وردت إسرائيل بالأسلحة الرشاشة الثقيلة مع تحليق للطائرات الحربية والاستطلاعية.

سيناريوهات التصعيد

وأمام الإيقاع المتسارع للعمليات العسكرية لحزب الله، يصف الخبير العسكري والعميد المتقاعد إلياس فرحات ما يحدث بـ”حرب جبهة” بين الحزب وجيش الاحتلال، وتمتد الجبهة مـن الناقورة وعلما الجمهور غربا، الي تلال كفرشوبا بمسافة نحو 100 كيلومتر.

ويتوقع الخبير فرحات، فى حديثه للجزيرة نت، استمرار الطريق التصاعدي للمواجهة الحالية بين الحزب وإسرائيل “بوتيرة أكبر قد تدفع لاستعمال أسلحة أكثر تطورا وفتكا”، خصوصا مع الاستخدام الواضح للقنابل الفوسفورية جاء الى إسرائيل.

ومع ربط احتمال التدهور بقرار إسرائيل التصعيد عند حدودها مع لبنان، يرجح فرحات أيضا ان يبادر حزب الله الي التصعيد بدخول الحرب على نطاق أوسع، موضحا ان دخول القوات الإسرائيلية برا الي غزة سيؤدي الي اتساع مسرح العمليات بالمنطقة كاملة، وربما الي إدخال الأساطيل الأميركية الراسية قرب إسرائيل فى الحرب.

الأضرار الناجمة عن الضربات الإسرائيلية للمنازل في جنوب لبنان
جانب مـن الأضرار الناجمة عَنْ الضربات الإسرائيلية للمنازل فى جنوبي لبنان (الجزيرة)

انقلاب قواعد الاشتباك

منذ العام 2006 وعقب العدوان الإسرائيلي على لبنان، أرسى قرار مجلس الأمن الدولى 1701 قواعد الاشتباك بين حزب الله وإسرائيل، والذي أدى لنشر قوات “اليونيفيل” تزامنا مع الانسحاب الإسرائيلي الي ما وراء الخط الأزرق، واستحداث منطقه خالية مـن اى مسلحين ومعدات حربية وأسلحة ما عدا تلك التابعة للجيش اللبناني وقوات اليونيفيل.

هذا الامر جعل الجبهة الجنوبية منقسمة الي قسمين، قسم مشمول بقرار 1701، وقسم غير مشمول به وهو مزارع شبعا، وهنا يقول إلياس فرحات “فى الوقت الحالي، لم يعد هناك قواعد اشتباك، لأن الوضع أشبه بحرب تمتد على جبهة، ويمكن ان تتطور بالعمق الإسرائيلي واللبناني أيضا”.

مـن جانبه، يقول الكاتب والمحلل السياسي المقرب مـن حزب الله وسيم بزي إن عملية طوفان الأقصى، وبمرور 12 يوما مـن انطلاقها، فرضت مسارا متوازنا فى الضربات المتبادلة جنوب لبنان، وكان للمقاومة الفلسطينية بصمتها فيها، مما أدى لإرساء قواعد اشتباك جديدة، يمكن تسميتها بقواعد “ما بعد 7 أكتوبر”. ويضيف وسيم بزي ان هذه القواعد فتحت مسرحا لعمليات يومية، يصطاد مـن خلالها حزب الله المواقع الإسرائيلية مـن الناقورة لجبل الشيخ، حيـث تم ضرب كاميرات المراقبة وأجهزة التنصت لجيش الاحتلال.

ويقول بزي للجزيرة نت “الحزب لم يستعمل الهاون، وإنما الصواريخ الموجهة كأداة لحصد اهداف عسكرية محددة، وفرض على إسرائيل إيقاعه فى المعركة، اى عسكر بعسكر، فلم تُقصف القرى المدنية إلا بحالات نادرة كَمَا صار بالضهيرة”.

ومن وجهة حزب الله، يرى بزي ان سخونة الجبهة الجنوبية هى رسالة لجاهزيته عند الاعلان صفارة الحرب، ويستدرك ان الوضع حتـى الان يحافظ على قواعد الاشتباك الجديدة.

اما تدهور الْأَوْضَاعُ بين الحزب وجيش الاحتلال فمرتبط حصرا بقرار كثير تحدده الساحة الفلسطينية، وفق بزي، وعلى ضوء مدى خرق إسرائيل مجموعه مـن الخطوط الحمراء، وأهمها:

  • إقدام إسرائيل على العملية العسكرية البرية بغزة.
  • التقدم مـن اجل القضاء على حركة حماس، مما سيدفع الحزب للتصعيد سريعا حماية لها.
  • فتح خط تهجير الفلسطينيين نحو مصر.

ويؤكد المحلل السياسي ان حزب الله لن يدخل الحرب وحيدا، بل ضوء منظومة متكاملة الأبعاد، معتبرا ان “الجميع فى مأزق”، وتحديدا أميركا وإسرائيل، إذ لا تملك الاخيره الإستراتيجية الواضحة للدخول البري وما بعده، ولا لوقف المعركة وما بعدها، حسب توصيفه.

ويتحدث المحلل السياسي عَنْ معطيات مفادها ان تجاوز قواعد الاشتباك القائمة فى الجنوب حاليا لتوسيع اطار وحدة الجبهات وتطويرها، ما زال دونه حسابات معقدة، وأن الأوان لم يحن بعد، ويرتبط بتطورات الميدان فى فلسطين والحركة السِّيَاسِيَّةُ فى المنطقة.

زيارة بايدن

فى نهاية حرب يوليو/تموز 2006، ارتكبت إسرائيل مجزرة قانا الثانية بلبنان (بعد مجزرتها الأولى 1996)، بينما بداية لاقتراب نهاية حرب اعلنت فيها إسرائيل حينها إن هدفها هو القضاء على حزب الله وترسانته العسكرية، وهو ما عجزت عَنْ تحقيقه.

واليوم، يرى كثيرون ان إسرائيل وضعت نفسها بمأزق منذ إعلانها هـدف القضاء على حركة حماس، الامر الذى لن تسمح به أطراف محور المقاومة على الأرجح، مما يدفع للتساؤل: هل تصعيد إسرائيل بارتكاب جرائم الحرب وقصف المدنيين وارتكاب مجزرة المستشفى المعمداني بداية لتحوّل أهدافها، وتبريد الجبهات الاخرى أبرزها لبنان؟

يرى وسيم بزي ان إسرائيل لن تفوت فرصة الدعـم الأميركي الاستثنائي لها، دوليا ولوجيستيا وعسكريا، علاوة على ان الدخول البري الي غزة، وإن تأخر، أصبح واجبا ملزما عليها امام المجتمع الإسرائيلي، ويقول “إن تبني بايدن رواية إسرائيل بقصف المستشفى المعمداني يشكل تمهيدا للمضي فى التصعيد، ولن يدفعه لإنزال إسرائيل عَنْ الشجرة”.

وبحسب تحليل بزي، فإن العالم العربي قادر على فرض دينامية جديدة فى الاحداث بعد مجزرة المعمداني، تحديدا فى 4 ساحات: الضفة الغربية والأراضي المحتلة عَامٌ 48 وعمان وبيروت، خصوصا بعد إلغاء القمة التى كانـت ستعقد فى عمّان. ويضيف ان محور المقاومة يملك ورقة قوية تتمثل فى الرهائن الإسرائيليين وحاملي الجنسيات الاخرى، وقد تكون رأس جسر لتكريس تفـاوض ما.

وبعد مجيء بايدن كوصيّ مباشر على إسرائيل، فهو -برأي بزي- امام احتمالين، إما الانزلاق فى الحرب وتوسيعها لجبهات أخرى وتعميقها أيا تكن النتائج بهدف القضاء على حماس، وإما السعي لإيجاد مخرج لإسرائيل والحفاظ على ماء وجهها، خصوصا ان روسيا ستكون أكثر المستفيدين دوليا، إذا اشتعلت وتمددت بؤرة حرب خطيرة بالشرق الأوسط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى