رحيل جماعي.. عشرات التجمعات الفلسطينية بالضفة على أبواب نكبة جديدة | سياسة سام نيوز اخبار
الخليل- فككت 24 عائلة فلسطينية فى قرية “زنوتا” جنوبي الضفة الغربية مساكنها البدائية مـن الصفيح والخيام وحظائر أغنامها، وحزمت أمتعتها عائدة الي بلدة الظاهرية، جنوبي الخليل، بعد تكرار هجمات المستوطنين عليها وعلى ممتلكاتها، بينما تطلب عائلات متبقية الحماية.
فى مشهد يعيد الي الأذهان نكبة 1948، غادرت العائلات والحزن والأسى يغلبان مشاعرها، بينما يعتصر الألم والشعور بالخذلان 12 عائلة قررت البقاء والصبر، بينها عائلة الشاب عادل الطل الذى يغلبه البكاء وأمه كلما سألهما أحد عَنْ مصيرهما.
يقول الطل للجزيرة نت، إنه وأشقاءه ووالدته قرروا البقاء فى القرية رغم المخاطرة، بينما اضطرت 24 عائلة أخرى الي الرحيل.
ويعمل سكان التجمع فى الزراعة وتربية المواشي ويملكون آلاف الدونمات (الدونم يساوي ألف متر مربع) مـن الأراضي الزراعية تستخدم فى الزراعات البعلية ومراعي لأغنامهم، لكن الاستيطان والبؤر الاستيطانية أصبحت تحيط بها مـن كل الجهات.
وبدأت معاناة السكان منذ عقود، لكنها تضاعفت باعتداءات المستوطنين التى أصبحت شبه يومية مع بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة فى السابع مـن أكتوبر/تشرين الاول الحالي.
حزن وقلة حيلة
يقول الطل إن المستوطنين لا يتوقفون عَنْ اعتداءاتهم وبوجود الجيش الإسرائيلي “مع بدء الحرب حتـى اليـوم لا نوم ولا أكل ولا شرب، الطرق (ترابية) مغلقة، لا نستطيع المغادرة أو الابتعاد عَنْ القرية”.
لا يخفي الشاب الفلسطيني، الذى يحرص مع والدته على متابعة اخبار غزة، أنه يشارك أمه المسنة البكاء على حالهم وقلة حيلتهم وغياب اى حماية مـن أية جهة، مشيرا الي ان كل اتصالاتهم مع الجهات الحقوقية والرسمية الفلسطينية لم توفر لهم الحماية أو حتـى اقل شعور بالأمن.
وعن الظروف التى كانـت أكثر قهرا ودفعا للرحيل، يقول الطل “جاء المستوطنون قبل أيام وحطموا بيتنا وسياراتنا وضربونا جميعا بما فى ذلك والدتي، وهذا تكرر مع عمي وزوجته، فكانت الظروف أقوى مـن قدرة الأغلبية على التحمل”.
وأشار الي ان الطلبة لم يلتحقوا بالمدرسة الأساسية الوحيدة فى القرية والمخطرة بالهدم منذ بدء العدوان على غزة بسـبب الخطر على تنقلهم مـن جهة، وعدم استطاع المعلمين مـن الوصول اليها مـن جانب اخر.
مـن جهته، يشير نصر نواجعة، وهو باحث ميداني فى منظمة بتسيلم الحقوقية الإسرائيلية وأحد سكان تجمع سوسيا جنوب الخليل المهدد بالترحيل أيضا، الي تنامي اعتداءات المستوطنين مع بدء الحرب فى غزة.
مستوطنون بزي الجيش
وأضاف نواجعة ان العائلات المرحّلة مـن تجمع زنوتا عانت مـن تهديد المستوطنين على مدى عقود، وبات المستوطنون يتصرفون مـن دون حسيب أو رقيب ويرون فى الظرف الحالي فرصة لتهجير أكبر عَدَّدَ مـن العائلات مـن المنطقة المصنفة “ج”.
وأشار فى حديثه للجزيرة نت، الي ان عددا آخر مـن العائلات فى تجمعات أخرى جنوبي الخليل تلقت إنذارات مـن المستوطنين بينها 4 عائلات فى تجمع عنيزان قريبا مـن تجمع زنوتا جنوب شرق الظاهرية، وعائلتان فى تجمع سوسيا جنوب غرب بلدة السّموع.
وأضاف “فى اثناء الاحداث القائمة تجد مليشيات المستوطنين الفرصة سانحة للهجوم على التجمعات الفلسطينية والتنكيل بأهلها والضغط عليهم للرحيل”.
وقال إنه وثق شهادات للسكان قالوا فيها إن مستوطنين معروفين بينهم بكثرة اعتداءاتهم أصحبوا يداهمون البيوت بزي الجيش الإسرائيلي.
وتابع ان “أسرتين مـن عائلة النواجعة عَدَّدَ أفرادهما 24، تلقتا مهلة ساعات للرحيل عَنْ قرية سوسيا، و4 عائلات عَدَّدَ أفرادها 35 شخصا فى تجمع عنيزان رحلت بالفعل بسـبب اعتداءات المستوطنين وحفاظا على سلامتهم وحياتهم”.
وأوضح الباحث الحقوقي أنه “لا يوجد اى وسيلة حماية أو تدخل دولي أو حقوقي لحماية السكان”، ومع ذلك اعلن عَنْ مشاورات لتحرك قانوني بينما يتعلق بالعائلتين فى تجمع سوسيا دون ان يعلق أملا على المحاكم الإسرائيلية فى الوضع الحالي.
وقال إن النجاح فى ترحيل عائلتين يعني لاحقا ترحيل جميع السكان البالغ عددهم 250 نسمة، وأغلب مساكنهم مخطرة بالهدم مـن اعوام سابقة.
30 ألفا مهددون بالتهجير
ووفق معطيات هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الحكومية فإن نحو 30 ألف فلسطيني يسكنون فى نحو 250 تجمعا فلسطينيا فى المنطقة “ج” مـن الضفة، مهددون بالترحيل، وبعضهم رُحل بالفعل.
وقال مسؤول العمل الشعبي فى الهيئة عبد الله أبو رحمة للجزيرة نت، إن اعتداءات المستوطنين فى صعود ملحوظ بعد وصول الحكومة الإسرائيلية الحالية أواخر 2022، وازدادت بشكل أكبر مع اندلاع حرب غزة.
وأضاف “منذ بدء العدوان على غزة رصدنا 315 اعتداء للمستوطنين تسبب فى استشهاد 8 مواطنين آخرهم مزارع اثناء قطفه لثمار الزيتون شمالي الضفة”، بينما تجاوز عَدَّدَ الاعتداءات منذ بداية العام 1600 خلفت فى مجموعها 17 شهيدا”.
وقال إن اعتداءات المستوطنين بقوة السلاح تتركز بشكل كثير ومن قبل مجموعـات “شباب التلال” الاستيطانية فى شرقي رام الله وسـط الضفة، الي جنوبي نابلس شمالي الضفة بما فى ذلك منطقه الأغوار، مستهدفة المزارعين والتجمعات الفلسطينية فى محاولة للضغط عليهم ودفعهم الي الرحيل، وقد نجحوا بالفعل فى تهجير عَدَّدَ مـن التجمعات.
تسليح وتصريح بالقتل
وقال إن معظم التجمعات فى المنطقة “ج” بمنطقة الأغوار شمالا وصولا الي مسافر يطا جنوبي الخليل، جنوبا “مستهدفة بشكل ممنهج وبقوة السلاح لإجبار المواطنين على هجرة أراضيهم”.
وأشار الي ان تسليح الحكومة الإسرائيلية لنحو 26 ألف مستوطن وتغيير قواعد الاعلان النار بات يسمح بقتل الفلسطينيين حتـى مـن دون أسباب.
يذكر ان مناطق “ج” التى يعمل المستوطنون التجمعات فيها، تشكل نحو 61% مـن مساحة الضفة الغربية وتخضع لسيطرة أمنية إسرائيلية كاملة وفق اتفاقية أوسلو، بينما تشكل مناطق “ب” الخاضعة لسيطرة مدنية فلسطينية وأمنية إسرائيلية 21% مـن مساحة الضفة، وتمثل المناطق التى يفترض ان تخضع لسيطرة فلسطينية كاملة نحو 18% مـن الضفة.