الاخبار العربية والعالمية

غزة.. ميدان للتحوّلات فى الرؤية والأمن القومي | آراء سام نيوز اخبار

لا يستوعبُ العقل عزلَ الاحداث الجارية فى غزّة، عَنْ مسار كليات القضية الفلسطينيّة فى مجملها وتفاصيلها، ولا يمكن تصوير الأزمة على انّها “صراع بين إسرائيل وحماس”، فهذه اختزالات للمشهد فى أضيق زواياه، وفيها “خلع لمصاريع الأبواب” لمرحلة إسرائيليّة جديدة “بعد التطبيع العربي المجاني”، فلا يمكن للغرب  “بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية” ان يتخلّى عَنْ “طوق أوكرانيا” بعد تلك الجهود والحشود العسكريّة والماليّة والإعلامية، وينتقل “عسكريًا وسياسيًا وإعلاميًا” للمنطقة تحت مظلّة إسرائيل “المنبوذة إقليميًا”، إلا انّ الامر أكبر مـن المشاهدة “بالعين المجرّدة”، لسببين:

  •        الأوّل: انّ العالم الغربي يعلم انّه بهذا التحرّك المتسارع وغير المحدود للمنطقة “تحت مظلّة إسرائيل”، سيفقدهم ما بقي لهم مـن المصداقيَّة فى الوعي العربي والإسلاميّ “الرسمى والشعبي”، وبالتالي خسارة الثقة بشكل كامل، كَمَا سيؤدّي لانكشاف أوكرانيا باتجاه روسيا، وبالتالي خَسارة ملف أوروبي حيوي لرهان جديد مليء بالمخاطر.
  • الثانى: مخاطرة إسرائيل فى الانكشاف الكامل بمشروعها فى مواجهه “الشعور العربيّ والإسلامي”، وهي تعلم خطورة “الشعوب العربية” المحجوبة عنها بالأنظمة العربية الموالية لها، وقد اثبت الثورات الشعبية بما يسمّى “الربيع العربي”، عدم وجود قوّة تحجبها، ولا سيما ان إسرائيل منكشفة لثلاثة اتجاهات: (مسار شعبي مـن جهة رفح ـ مسار شعبي مـن جهة الأردن ـ وبقية الفلسطينيين فى الضفة والقطاع)، وهذه الشعوب ليس لديها ما تخسره، فهي تخسر كل يـوم، “كمن يشاهد شاشات هبوط البورصات”، يعزز ذلك الرعونة والعُنجُهىّة الإسرائيلية التى تغيّبها عَنْ الوعي الواقعي، وآخرها “تصريحـات رئيس وزراء الكيان الصهيونيّ” الذى يدعو فيه لحمل السلاح مـن كافّة المدنيين.

ـ إنّ ما يجري فى غزة يتجاوز الوعي التلقائي!! فهو أشبه ما يكون بقصتَين فى رواية، أو حكايتَين فى مشهد، ما يلزم معه عزلٌ شعوريّ، وفصلٌ سياسيّ، لتلمس خيوط الحكاية مـن جميع أطرافها.

هذا التحرير للمسألة يقود للنظر الي جملة أمور:

  • انّ الغرب بقيادة أمريكية، نفض يدَيه مـن كل التزام “قانوني أو أخلاقي” مع دول المنطقة، بينما يتصل بمصالحه الاستراتيجيّة، مقابل “تحقيق المشروع الصهيونيّ، وإن كان على حساب الأمن القومي العربي “الجمعي أو الفردي”.
  • إشكاليةُ وفاء “دول التطبيع” بالتزاماتها مع إسرائيل، يقابله ارتباكها فى الاصطفاف الطبيعي مع الحقّ العربي، مبنيّةٌ على نظرة خاطئة “تحقيق المصلحة الوطنيه وإن خارج الفضاء العربيّ”؟!
  • الخلل فى أداء المنظومات الجمعية العربية “جامعة الدول العربية ـ مجلس التعاون الخليجيّ” تجاه معالجة ملف الأزمة بشكل كُلي، بسـبب جنوح بعض أعضائه الي الطّرف البعيد.
  • يعتمد التوازن فى معالجة الموقف الخطير الذى تقبل عليه المنطقة، الي استقرار الموقف السعودي، وتحرّكه باتجاه التفعيل الإيجابي للأمين العام للأمم المتحدة، وتحريك مجلس الأمن مـن اثناء ثنائية “روسيا والصين”.
  • احتمالية بروز “محور التحشيد” لقوى دوليّة فاعلة ومؤثرة “فى سياقات سلمية” لمواجهة غوغائية “الغرب تحت المظلة الإسرائيليّة”.
  • قد يربك المشهدَ “مـن الناحية الأمريكيّة” تحركٌ صينيٌّ جادٌّ تُجاه تايوان “فى اثناءّ الانشغال الأمريكيّ، وتداخل الأولويات لديه.
  • كَمَا قد يربك الحضورَ الأوروبيّ نشاطٌ روسي، يتجاوز حدود أوكرانيا الي مناطق تقع تحت اهتمامه الاستراتيجي، انتهاز روسي للفوضى لتحقيق خطوات كانـت مجدولة خارج الأولويات.
  • زيادة ملامح تحرّكات أذرع إيران تحت عجاج أزمة غزة للضغط على المحيط السّنّي المطوق لإسرائيل.
  • تتوارى إيران بملفاتها الاستراتيجيّة، عَنْ عاصفة “فوضى المنطقة” مـن اثناء مساحة مـن التماهي خلف الواجهات السِّيَاسِيَّةُ (إيران وإسرائيل)، يتوازى معها توزيع للنفوذ وتبادل للمصالح فى المنطقة، مع تحييد تركيا، وتحجيم الحقّ العربي فى أضيق نطاق ممكن.
  • تتنفس أمريكا إسرائيليًا “فى منطقتنا”، وهذا ليس بجديد سياسيًا، ولكن الجديـد ان تتحرك “عسكريًا” فى وجه شراكاتها الاستراتيجية؛ وهذا دليل على ان المنطقة لم تعد أولوية للذات الأمريكية، وهذه حقيقة يجب ان يستوعبها القرار والوعي العربي “حاليًا ومستقبلًا”.

الخلاصة، انّ الملف خطير جدًا مـن جميع الاتجاهات، ويحتاج لجهود دولية فاعلة وواعية، وبالتوازي، نحتاج الي جملة خطوات ذاتية:

  • كخطوة أولى لتصحيح مسار الوعي بأبعاد الأزمة، يلزمنا حجب الأصوات الإسرائيلية عَنْ قنواتنا العربية، وإن لزم الامر حجب القنوات الناطقة بالعربية التى تمارس العبث بمصداقيّة الوعي بحقيقة الاحداث؛ فالإعلام المخترق أداة لصناعة الكذب، وتزييف الحقائق، وتشويش الوعي.
  • فى اثناءّ مشاهد غزة المفزعة وتعاظم تحالف الغرب مع الاحتلال الصهيوني، وقلة حيلة إخوتنا فى فلسطين، فإنّ العاطفة الشعبية تغلبُ العقل فى النظر! وهنا يلزم حجب أصوات النشاز الاعلاميّ “خارج سياقات الصوت العربي الجمعي المبني على “تحقيق الأمن القومي العربي”.
  • ضرورة تكوين فريق متابعة ورصد وتحليل، يرصد قراءات واقعية، ومؤشرات موضوعية، ومغذيات معلوماتية صادقة لوسائل التواصل الاجتماعي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى