الاخبار العربية والعالمية

كيف يدمر العدوان الإسرائيلي القطاع الزراعي فى غزة؟ | اقتصاد سام نيوز اخبار

غزة- يتفقد المزارع الغزّي منير التعبان بحسرة شتلات البندورة (الطماطم) غير الناضجة، فى دفيئته الزراعية الواقعة فى مدينة دير البلح وسـط قطاع غزة، والتي تشكو مـن “العطش الشديد” جراء عدم قدرته على تشغيل آبار المياه لسقيها.

ويقول منير للجزيرة نت “الحرب أفسدت قطاع الزراعة، إذا استمر هذا الوضع سندخل فى مجاعة” موضحاً أنه يعتمد فى سقي نباتاته على سحـب الماء مـن الآبار الجوفية، لكن انقطاع التيار الكهربائي ونفاد الوقود جعل الامر شبه مستحيل.

ويضيف “يجب سقي نبات البندورة يوماً بعد يـوم، لكن الان لا نستطيع، كل 3 أيام نسقيها كمية قليلة فقط لمدة 5 دقائق، بما لا يتجاوز مترا مكعبا واحدا مـن الماء للدونم (ألف متر مربع)” ويلفت المزارع الي ان مـن المفترض ان يكون محصول البندورة قد نضج، وأن يكون قد تم تسويقه حاليا، إلا ان “العطش” يعيق الامر.

الخزان الجوفي هو المصدر شبه الوحيد الذي يعتمد عليه غالبية سكان غزة للحصول على قرابة 94% من احتياجهم الكلية للمياه (الجزيرة)
مواطنون وبائعو مياه يصطفون امام محطة تحلية مياه بمدينة دير البلح (الجزيرة)

المأساة لا تقتصر على الماء

يتحدث منير عَنْ مشكلة أخرى تتمثل فى قلة الأسمدة والمبيدات، التى اعلن إنها غير متوفرة، وإن أسعارها ارتفعت بنسبة 100%، ويشير الي وجود بعض حشرات الفراش التى تحوم حول دفيئته الزراعية، ويقول “أعمل على طردها بكل الطرق لعدم توفر المبيدات، فإذا دخلت الدفيئة ستفسد كل المحصول”.

ويتوقع المواطن خسارة بنحو ألفي دولار هذا العام، بسـبب ظروف الحرب. ورغم معاناته الكبيرة، فإنه يعتبر نفسه محظوظاً، قياسا بالمزارعين الذين يمتلكون أراضي قرب الحدود، أو المناطق البعيدة عَنْ المباني السكنية ويقول “أنا أحسن حالاً، الكثيرون لا يستطيعون الوصول الي أراضيهم، ومحاصيلهم فسدت بشكل كامل”.

ويصف الحال المأساوي بقوله “كله خرب ولم نستطع حصاده” متحدثا عَنْ فساد موسـمَيْ النخيل والزيتون، مشيرا الي ان زملاءه مـن المزارعين الذين يربون الدواجن والأبقار والأغنام يتكبدون خسائر هائلة.

ويقول أيضا “أعرف بعض المزارعين الذين أعدموا طيورهم صغيرة السن (تبلغ مـن العمر 20 يوماً) لعدم مقدرتهم على إطعامها وسقايتها”.

ويضيف منير ان قطاع الدواجن يعتمد على استيراد بيض التفقيس مـن إسرائيل بشكل كامل، مما يعني خلو غزة منها فى المستقبل القريب، ويتابع “عمر الدجاجة الجاهزة للتسويق نحو 45 يوماً، ولم يدخل بيض منذ 33 يوما، وهذا يعني ان الدجاج المتوفر حاليا فى الأسواق هو الأخير تقريباً”.

وعن صعود الأسعار، يذكر المواطن أنه اشترى مـن متجر كرتونة بيض بـ 38 شيكلا (10 دولارات تقريباً) علماً بأن ثمنها قبل الحرب كان 10 شياكل (3 دولارات تقريباً) ورغم ذلك فإن التاجر رفض بيعه أكثر مـن كرتونة واحده.

أحمد خطاب يبيع الخضروات في أحد شوارع دير البلح ويقول إنه يخاطر بنفسه كي تمكن من جلبها من المزارع (تصوير ياسر البنا)
احمد خطاب يقول إنه يخاطر بنفسه كي يتمكن مـن جلب الخضراوات مـن المزارع (الجزيرة)

تحدي التجار

تمتد هذه الأزمة لتنعكس على تجار الخضراوات الذين يشكون مـن تأثير الحرب عليهم، ويقول التاجر احمد خطّاب -الذى يبيع الخضراوات فى مدينة دير البلح “الحرب دمرت الزراعة، والمزارعون سيفلسون بالتأكيد”.

ويشير خطاب الي أنه يخاطر بنفسه بشراء الخضراوات، فى اثناء استمرار الغارات الإسرائيلية على القطاع، ويقول “ندفع أموالاً مضاعفة للسائقين بسـبب صعوبة المواصلات، وحتى أكياس النايلون اللازمة للتعبئة مفقودة، بينما تضاعف سعرها، وهذا يصل الأسعار على الزبائن”.

ويضيف “اعتقد أنه اثناء أسابيع لن نجد اى خضراوات فى البلد، حتـى ان أغلب أصحاب الثلاجات الخاصة بتخزين البطاطس، مثلا، توقفوا عَنْ العمل لعدم وجود كهرباء”.

ويتابع خطاب “أعرف أحدهم يدفع ألف شيكل يومياً (260 دولارا) لشراء سولار لتشغيل ثلاجته” لافتا الي ان بعض الخضراوات وخاصة الورقية منها باتت غير متوفرة.

خطر المجاعة

يقول رئيس المكتب الاعلامي الحكومي بقطاع غزة سلامة معروف إن العدوان الإسرائيلي قد يقضي على الزراعة بشكل كامل، ويضيف بحديثه للجزيرة نت “لدينا حصر أولي مفاده ان هناك 25 ألف دونم استهدفها الاحتلال بشكل مباشر، وهذا أدى الي خراب مزروعاتها، وعدم مواءمتها للزراعة لاحقاً، نظراً لكمية المتفجرات التى أُلقيت عليها”.

وأضاف “هناك خسارة لكل المزروعات، بسـبب عدم قدرة المزارعين على الوصول لأراضيهم لسقايتها ومتابعتها، وحتى لو وصلوا فلن يستطيعوا تشغيل الآبار لعدم وجود الوقود والكهرباء” وأشار الي نفاد علف الدجاج، وبالتالي نفوق الدواجن، وقال “الخسارة شاملة فى كل ما يتعلق بالزراعة”.

كَمَا حذّر مدير عَامٌ المكتب الاعلامي الحكومي إسماعيل الثوابتة مـن وقوع مجاعة “لا سيما فى محافظتي غزة وشمال غزة، اللتين قام الاحتلال بعزلهما ومحاصرتهما والتضييق عليهما بشكل كثير”.

وقال الثوابتة للجزيرة نت “أوقعت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة أضراراً فادحةً على الواقع الزراعي وبشكل غير مسبوق، حيـث قدرت هذه الخسائر بمئات ملايين الدولارات بشكل مبدئي”.

وأشار الي ان هذا الامر “أثّر بشكل مباشر على حياة المواطنين، فهناك عشرات الأصناف الزراعية باتت غير موجودة فى الأسواق بفعل الحرب، سواء على صعيد الخضراوات أو اللحوم الحمراء أو الدواجن أو الأسماك”.

وأضاف الثوابتة “اقتلع الاحتلال وأحرق وأفسد مئات آلاف الأشجار المثمرة، كالزيتون والحمضيات، وعشرات آلاف الدونمات الزراعية، بالإضافة الي تدمير المنشآت الزراعية كمزارع الماشية والدواجن، ومنع كثيرا مـن المزارعين مـن الوصول الي مزارعهم لاسيما فى مناطق التماس”.

كَمَا لفت الي قضية منع إسرائيل المزارعين مـن تصدير منتجاتهم الزراعية المتنوعة، وقال “يعد هذا ضوء الانتهاكات الجسيمة التى يرتكبها الاحتلال لكافة المواثيق والاتفاقيات الدولية التى تؤكد على الحق فى العمل، لاسيما العهد الدولى للحقوق الاقتصاديه والاجتماعية والثقافية”.

وبحسب بيانات وزارة الزراعة -فى سبتمبر/أيلول الماضي- فإن وقف التصدير يؤثر على 60 ألف أسرة مـن العاملين بالقطاع الزراعي، ويتسبب بخسائر مادية فادحة للمزارعين تقدر بأكثر مـن مليون شيكل يومياً (260 ألف دولار).

خسائر قطاع صيد الأسماك

ويشير نقيب صيادي الأسماك فى قطاع غزة نزار عياش الي أنهم تكبدوا “خسائر هائلة” وقال للجزيرة نت “هناك خراب واسع على صيادي الأسماك، حتـى الان هم غير قادرين على رصد الأضرار الفادحة”.

وتابع عياش “وردنا ان قوات الاحتلال دمرت 14 قارباً صغيراً و5 قوارب كبيرة فى ميناء رفح (جنوب) و14 قاربا فى ميناء دير البلح (وسـط) اما فى ميناء غزة الرئيسي (شمال) فحدث ولا حرج، وردنا ان الأضرار فادحة، ولسنا غير قادرين على الوصول هناك لرصد الأضرار، علماً بأن عَدَّدَ القوارب التى ترسو فى الميناء لا تقل عَنْ 700 قارب”.

وبحسب وزارة الزراعة فإن عَدَّدَ القوارب المخصصة للصيد فى قطاع غزة تبلغ نحو 2500، يبحر عليها أكثر مـن 10 آلاف صياد، بينهم 4 آلاف مسجلون لدى نقابة الصيادين.

اما خسائر التوقف عَنْ الصيد فهي كبيرة للغاية وفق عياش، جراء التوقف عَنْ الصيد أو التصدير الي أسواق الضفة الغربية، الذى كان يصل الي نحو 20 طنا فى الاسبوع وفق بيانات وزارة الزراعة فى سبتمبر/أيلول الماضي، وقال “المشكلة ان الصيادين فقراء للغاية، ويعملون بقوت يومهم، وتوقفهم عَنْ الصيد قد يؤدي الي تجويعهم”.

كَمَا يقول مدير عَامٌ المكتب الاعلامي الحكومي “الاحتلال لم يكتف بمنع صيادي الأسماك مـن العمل فى البحر، بل دمر مشاريع ثروة سمكية (مزارع سمكية) تقدر بملايين الدولارات، وقتل بعض العاملين القائمين عليها، وتركهم ينزفون حتـى الموت، وبالتالي موت جميع الأسماك فى المسمكة لعدم وجود مـن يرعاها”.

ويضيف الثوابتة “منع الجيش الإسرائيلي الصيادين بشكل نهائى مـن العمل، بل وأطلق النار على بعض الصيادين الذين حاولوا ممارسة مهنة الصيد مـن اجل العيش، وقتل عددا مـن الصيادين فى محافظات جنوب قطاع غزة”

وتابع “هذا بطبيعة الحال جعل آلاف العاملين بمهنة الصيد فى حالة جوع، بسـبب منعهم مـن ممارسة مهنتهم المرتبطة بالصيد، حيـث أصبحوا عاجزين عَنْ توفير الاحتياجات الأساسية لأفراد أُسرهم التى تتعرض لخطر الموت نتيجه الحرب”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى