زنوج موريتانيا.. أصوات مناصرة لفلسطين فى مواجهه تضليل الفرنكفونية | سياسة سام نيوز اخبار
نواكشوط – نادرا ما يتحدث رئيس حزب التحالف مـن اجل العدالة والديمقراطية فى موريتانيا إبراهيما مختار صار فى الشأن الدولى، لكنه خرَق القاعدة وأصدر بيانا عند استقباله ممثل حركة المقاومة الإسلامية (حماس) محمد أبو صقر، مؤكدا ان حزبه يجدد دعمه الثابت لنضال الفلسطينيين مـن اجل الاستقلال، داعيا الي السلام بين فلسطين وإسرائيل.
موقف مختار، وبالرغم مـن نزوله درجات عَنْ موقف القوى السِّيَاسِيَّةُ والشعبية الموريتانية التى تدعو الي تحرير فلسطين وتصف إسرائيل بالكيان الغاصب، اعتبر مهما فى حد ذاته لصراحته و”الظرفية الصعبة” التى جاء فيها والجماهير التى يعبر عنها.
وكان الحزب، وهو الأبرز فى الدفـاع عَنْ الزنوج الموريتانيين، دعا فى بيانه الي الدفـاع عَنْ الشعوب المضطهدة والوقوف فى وجه ما تتعرض له فى العالم كله.
حسابات خاطئة
وشهدت نظرة الزنوج الموريتانيين الي الشأن الفلسطيني نقاشا داخليا بين المهتمين بالسياسة والحقوق دَاخِلٌ الجسم الفرنكفوني (الناطقين بالفرنسية) فى موريتانيا، حيـث تتعدد أساليب الحكـم عليها بسـبب جهة المعالجة وزاوية النظر.
البرلمانية والقيادية اليسارية كادجتا مالك جلو تقول إن “نظرة الزنوج الموريتانيين الي فلسطين تغيرت بسـبب عوامل أغلبها داخلية”، حيـث تستحضر ذكريات حرب 1967، وكيف كانـت النظرة اليها على أنها حرب بين المسلمين واليهود، وينبغي عدم التخلف عَنْ نصرة المسلمين فيها.
وأضافت كادجتا -فى حديثها للجزيرة نت- أنه بعد أحداث موريتانيا الداخلية فى ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، تأثرت النظرة الي فلسطين بالوضع الداخلي الموريتاني بشكل كثير، حيـث يرى الزنوج ان مـن يتحرك مـن اجل فلسطين ويدافع عنها، هو نفسه الذى قام بقتلهم مشاركة أو تأييدا، على حد قولها.
وحسب المدير العام لوكالة الأخبار المستقلة الهيبة الشيخ سيداتي، لم تكن العوامل الداخلية وحدها المؤثر الحقيقي على النظرة الي فلسطين لدى الزنوج الموريتانيين، بل هناك عامل آخر يعود لنشأة القضية وما صاحبها مـن دعاية ركزت على البعد العرقي، وجعلتها خاصة بالعرب.
وفي حديثه للجزيرة نت، يقول الشيخ سيداتي إن “الأفارقة لم يكونوا وحدهم المهملين للقضية الفلسطينية حينها، بل كان معهم الأمازيغ الذين لم يهتموا بالقضية أصلا، واعتبروها قضية عربية خالصة”، معتبرا أنه مع بروز البعد الإسلامي للقضية الفلسطينية، عادت هذه الجهات تتلمس المشترك المؤثر والبعد المُغيب منذ عقود.
إعلام مضلل
لا يكتفي رئيس جمعية أيادي الأخوة الإمام عبد الله صار، بالبعدين الداخلي والعروبي فى تنفير الزنوج الموريتانيين مـن القضية الفلسطينية، بل يرى ان أكبر ما عانت منه فى المجتمعات الناطقة بالفرنسية هو الإعلام الموجه أو الإعلام المضلِّل، ممثلا فى “الإعلام الفرنسي الذى يبث أفكاره بطرق ماكرة وخبيثة، ويغذيها بما يخدم وجهة نظره فى يهودية الأرض وعدم أحقية الفلسطينيين بها”، وفق وصفه.
وفي حديثه للجزيرة نت، اعلن الإمام صار، إن “الإعلام الفرنسي يرصد الفلسطينيين على أنهم إرهابيون، وإنما يجري منذ عقود هو حرب بين ابناء العمومة”.
الإمام صار الذى تقود جمعيته هذه الأيام الدفـاع عَنْ الفلسطينيين فى المجتمعات الزنجية فى موريتانيا، لفت الي ان بعض طلابه ما زالوا حتـى اليـوم يبحثون عَنْ قناة إخبارية فرنسية يمكنهم متابعتها، تماما مثل قناة الجزيرة (عند العرب) لتتكون لديهم ثقافة واسعة بالقضية وأبعادها.
ويؤكد الأمين العام لجمعية أيادي الأخوة أنه “بعد بذل جهد كثير مـن اجل تصحيح مفاهيم مغلوطة ومواجهة إعلام مضلل، بدأنا نجني بعض الثمار فى هذا المجتمع البعيد كل البعد لغة وجغرافيا وعوامل أخرى”.
مواجهه ومصارحة
النائب البرلماني عَنْ حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية “تواصل” با ممدو دمبا وخلال استقباله وفدا حقوقيا أميركيا، شن هجوما قويا على الغرب ساخرا مـن رعايته للحريات والدفاع عنها فى مقابل التواطؤ بشأن القتل اليومي فى غزة، وقال للوفد الأميركي “نرحب بكم كضيوف، لكننا نقول لدولتكم وللغرب مـن بعدها إنهم رعاة الإرهاب، وأميركا هى الممولة والمشرفة على قتل الأبرياء فى فلسطين”.
وتحدث النائب بلغة غاضبة قائلا إن “مـن يرفض مجرد قرار لوقف القتل فى غزة، ويستخدم الفيتو ضده، لا يمكن ان يكون داعية سلام ولا مطالبا بحقوق، ونحن لن نثق بعد اليـوم فى شعاراتكم بدعم الضعفاء والدفاع عَنْ الحريات وحقوق الشعوب فى مقارعة الظلم والاستبداد”.
دبلوماسية المقاومة
تحدي الإعلام الموجه وضرورة مصارحة المجتمع، ألقى بثقله على التفكير الإستراتيجي للقضية، وترك الملايين فى أفريقيا لقمة سائغة لإعلام مضلل يقلب الحقائق.
هذا التحدي المتمثل فى شل جسم قوي وحيوي بشبابه، أفرز زيارات كثيرة قام بها قادة فلسطينيون وبعض الزنوج الموريتانيين الي غرب أفريقيا، حيـث التقوا بفاعلين فى الشأن السياسي والاجتماعي فى عدة دول، وتم عـقد مؤتمرات للعلماء والسياسيين والشباب مـن اجل طرح القضية الفلسطينية.
وحسب ممثل حركة حماس فى موريتانيا محمد أبو صقر، فإن الناطقين بالفرنسية فى موريتانيا لديهم وعي كامل بأصول القضية وحيثياتها، إلا ان القاعدة الشعبية للناطقين بالفرنسية تحتاج المزيد مـن الوعي والتثقيف.
وفي حديثه للجزيرة نت، اضاف أبو صقر أنه اثناء زيارته لدول غرب أفريقية لمس اهتماما واسعا بالقضية الفلسطينية، لكن هناك ضعفا لدى شريحة كبيرة مـن المجتمعات الأفريقية تجاهها، يغذيه “التغلغل الصهيوني فى القارة والذي يرصد نفسه مظلوما فى أرضه مـن طرف إرهابيين”، وفق أبو صقر.
وأكد أبو صقر ان هناك جهدا طيبا ومتسارعا مـن اجل الحضور الفاعل فى القارة الأفريقية، لدورها القوي فى التأثير ولتجربتها فى التحرر ومقارعة المحتل.