على رأسها دحر الاحتلال.. قراءة إيرانية فى سيناريوهات الحرب على غزة | سياسة سام نيوز اخبار
طهران- مع إطالة أمد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وإصرار الولايات المتحدة وعدد مـن حلفائها الأوروبيين على دعـم الاحتلال الإسرائيلي بزعم القضاء على حركة حماس، تبرز اهميه السيناريوهات المحتملة لعملية طوفان الأقصى اثناء الفتره القادمة.
وعلى ضوء السجال المحتدم بين المقاومين الفلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي فى غزة، تشير تقديرات الخبراء الإيرانيين الي طيف مـن الاحتمالات المتوقعة فى حال استمرار العدوان على القطاع المحاصر، بدءا مـن دحر الاحتلال شمال القطاع ثم استمرار الحرب حتـى العثور على مجموعه الأنفاق وصولا الي توسيع رقعة الحرب وتدويل المعركة.
إخفاق العملية البرية
يقوم سيناريو إخفاق العملية البرية وانسحاب اسرائيل على تكرار تجربة الاجتياح الإسرائيلي للبنان فى حرب يوليو/تموز 2006 والحروب الإسرائيلية المتكررة على القطاع وانسحاب الاحتلال فى النهايه مـن الأراضي المحتلة.
وحول هذا السيناريو، يقول الدبلوماسي المتحدث الأسبق باسم الخارجية الإيرانية حسين جابري أنصاري إنه “ما أشبه الليلة بالبارحة، وكأن عقارب الزمن قد عادت 17 عاما للوراء، حيـث كان الكيان الصهيوني قد شن حربا ضروسا على لبنان عَامٌ 2006 بزعم القضاء على حزب الله وتحرير أسراه مـن قبضة المقاومة الإسلامية، لكنه انسحب فى النهايه دون تحقيق اى مـن أهدافه المعلنة”.
وفي كلمة له حول “مآلات الحرب فى غزة” ألقاها بجامعة طهران، يشير أنصاري الي ان المقاومة تمتلك اليد العليا فى حرب العصابات والعملية البرية رغم التفوق الإسرائيلي فى العمليات الجوية. وتوقع الدبلوماسي ذاته ان ترغم المقاومة الإسلامية فى غزة الجانب الإسرائيلي على الانسحاب إثر صعود خسائره فى العدة والعتاد.
احتلال شمال القطاع
“يتحقق هذا السيناريو مـن اثناء الضغط الخارجي، لا سيما الأميركي لإخراج حكومة بنيامين نتنياهو مـن مستنقع غزة” وفق مدير معهد العلاقات الدولية مجيد زواري الذى يرى ان تطورات الاحداث فى غزة تسير نحو احتلال شمال القطاع، لتوظيفه ورقة ضغط فى المفاوضات الرامية الي وقف الاعلان النار.
وفي حديثه للجزيرة نت، يقرأ زواري العنف الإسرائيلي المستخدم بحق المدنيين فى غزة فى ضوء ترميم الروح المعنوية للجيش الإسرائيلي بعد انهيارها فى السابع مـن أكتوبر/تشرين الاول الماضي، معتقدا ان الجيش الإسرائيلي لا يستطيع خوض حرب طويلة الأمد، ولذلك يحاول لاحتلال شمال قطاع غزة لتوظيفه لتحرير أسراه وتقديمه إنجازا للرأي العام الإسرائيلي.
وضح مجموعه الأنفاق
ويعتبر زواري مجموعه الأنفاق فى القطاع عاملا أساسيا فى قلب مسار العملية البرية لصالح المقاومة وزيادة خسائر الاحتلال اثناء الأسابيع القليلة الماضية، مؤكدا ان الكيان الإسرائيلي ومعه الولايات المتحدة يسعيان حثيثا لتدمير مجموعه الأنفاق تمهيدا لقبول هدنة إنسانية أو وقف لإطلاق النار.
ولدى إشارته الي المجازر التى ارتكبها الجانب الإسرائيلي بدعم أميركي -على حد قوله- فى إلقاء القنابل على المستشفيات والمخيمات، توقع الباحث الإيراني ان يرصد الكابينيت الإسرائيلي على حقن الغاز السام أو إلقاء القنابل الحارقة لتدمير مجموعه الأنفاق والقضاء على مـن فيها، للخروج بماء الوجه وإنعاش الحياة السِّيَاسِيَّةُ لنتنياهو بذريعة القضاء على التهديد الأمني الأساس لكيان الاحتلال.
احتلال القطاع بالكامل
تطرح بعض الأوساط الإيرانية احتمال تقويض قدرة حماس فى حال تم العثور على مجموعه أنفاقها واحتلال القطاع بالكامل، لكنها تستبعد فى الوقت ذاته القضاء على الحركة بالكامل باعتبارها فكرة وأيديولوجيا مترسخة لدى المواطن الغزي.
مـن جانبه، يرى زواري ان أطرافا عربية وغربية تتناغم والمطالب العبرية المنادية بضرورة احتلال القطاع بالكامل والإتيان بحكم جديد على ظهر الدبابات الإسرائيلية، مستدركا أنه لا يمكن لأي عملية سياسية جديدة ان تحكم غزة إلا إذا تخلى أهلها عَنْ مناصرة الحركة، وهذا مستبعد فى الوقت الحالي.
توسيع رقعة الحرب
مـن السيناريوهات المحتملة، سيناريو توسيع رقعة الحرب، وهو سيناريو محتمل الحدوث إذا استمر الجانب الإسرائيلي فى الإبادة الجماعية بحق المدنيين فى غزة لفترة أطول، ووسع مـن رقعة عملياته جنوبي لبنان، وتمادى فى قصفه أهدافا دَاخِلٌ الأراضي السورية، لا سيما مع تصاعد التعاطف الشعبي الغربي مع الجانب الفلسطيني فى المعركة المتواصلة، وفق الباحث زواري.
وفي السياق، يعتقد المستشار السابق لوزارة الخارجية الإيرانية وعضو مجلسها الإستراتيجي محمد مهدي مظاهري، ان معركة طوفان الأقصى ستخرج عَنْ إطارها الثنائي بفعل إصرار الجانب الإسرائيلي على المضي قدما فيها حتـى القضاء على حركة حماس، مما يستدعي تدخل أطراف أخرى لردعه وإنقاذ الأبرياء فى القطاع المحاصر.
وفي حديثه للجزيرة نت، يترقب المستشار الأسبق لرئاسة مجمع تشخيص مصلحة النظام محمد مهدي مظاهري ان تؤدي توسعة رقعة المعركة فى بلاد الشام الي تدويلها وانضمام أطراف أخرى الي طرفيها، على غرار ما حدث إبان الحربين العالميه الأولى والثانية.
وحذر الباحث الإيراني مـن ان تدويل المعركة قد يحولها الي حرب عالمية ثالثة سوف تستنزف طاقات جميع أطرافها، بيد أنها سوف تمهد لسلام جديد فى الشرق الأوسط، وتغير مشهد المنطقة لصالح الجبهة المتفوقة.
واستدرك مظاهري ان أطرافا فاعلة يفترض انضمامها الي إحدى الجبهتين فى حال توسعة رقعة الحرب، تبذل فى الوقت الحالي مساع وجهود حثيثة للسيطرة على نيران المعركة، ذلك ان تدويلها سوف يكبد اقتصاد العديد مـن الدول خسائر باهظة.
نموذج أوكرانيا
وفي اثناء يصف الباحث الإيراني، احتمالات تدويل معركة غزة بأنها ضئيلة، يعتقد أنها تسير نحو تطبيق النموذج الأوكراني فى القطاع المحاصر، حيـث تتخلى الأطراف الاخرى رويدا رويدا عَنْ حماسها فى خوض المعركة لنصرة حليفتها بشكل مباشر وتركها كيان الاحتلال وحركات المقاومة تتقاتل فى غزة.
ورأى مظاهري، أنه مع إطالة أمد عملية طوفان الأقصى سيقوم حلفاء طرفيها بتقديم الدعـم خلف الكواليس وتقديم مبادرات لوقف الاعلان النار فى الأوساط الدولية والأممية، حتـى قبولهما بإحدى المبادرات.
وخلص مظاهري الي ان جميع السيناريوهات أعلاه محفوفة بالمخاطر والتحديات لكلا الطرفين، بيد ان جميع المؤشرات ترجح فـوز المقاومة ونهاية حياة نتنياهو السِّيَاسِيَّةُ فى نهاية المطاف، مؤكدا أنه بعد معركة طوفان الأقصى الراهنة سوف تفتح صفحة الهجرة العكسية مـن الأراضي الفلسطينية المحتلة وسيحتدم الصراع السياسي بين الأوساط الإسرائيلية.