الاخبار العربية والعالمية

وضح خبيئة “الهيدروجين الذهبي” باستخدام الذكاء الاصطناعي | علوم سام نيوز اخبار

كَمَا ان الخبيئة الأثرية تكون عادة تحت الأرض وتضم مجموعه مـن القطع الأثرية القيمة، فإن هناك كنوزا أخرى ليست أثرية يحتفظ بها باطن الأرض، ومنها خبيئة “الهيدروجين الحر” التى وضع فريق بحثي مـن جامعة ولاية أوهايو الأميركية خطوة هامة على طريق توظيف الذكاء الاصطناعي لاكتشافها.

و”الهيدروجين الحر” الذى يشار إليه أحيانا باسم “الهيدروجين الذهبي”، هو الغاز فى شكله النقي غير المرتبط بمركبات أخرى، وغالبا ما يُطلق عليه اسم “الذهبي” نظرا لإمكاناته كمورد طاقة وحيد وقيم.

وعلى خلاف الخبيئة الأثرية التى كانـت حضارات الماضي تخفي الآثار بها عمدا خشية السرقة ويكون العثور عليها صعبا، فإن “خبيئة الهيدروجين الذهبي” توجد بشكل طبيعي فى باطن الأرض، وربطت دراسات بين العثور عليها ووجود علامات أرضية على سطح الأرض تشير الي وجودها، وهي المنخفضات نصف الدائرية التى نجح الباحثون فى تـدريــب “خوارزمية” على اكتشافها.

وتشير تلك المنخفضات الي سمات سطحية تتميز بأنماط نصف دائرية موجودة على تضاريس الأرض، وغالبا ما تظهر على شكل فجوات منحنية أو دائرية جزئيا فى الأرض، وعادة ما تكون ذات شكل مقعر، ويمكن ان يختلف حجمها مـن بضعة أمتار الي عدة أمتار اعتمادا على الظروف الجيولوجية المحددة وعمليات التكوين.

وعلى الرغم مـن ان هذه الأنماط نصف الدائرية تظهر غالبا فى المناطق المنخفضة الارتفاع، فإن اكتشافات متعدده لهذه الأنماط فى الولايات المتحدة ومالي وناميبيا والبرازيل وفرنسا وروسيا عرضت عوامل مختلفة قد تخفيها، وهو ما قاد الباحثين الي الاعتقاد بأنها موجودة بأعداد أكبر مما كان يعتقد سابقا، وبالتالي فإن العثور عليها سيكون علامة توجه الجهود الرامية نحو البحث عَنْ “الهيدروجين الذهبي” تحت السطح، والذي يعد اكتشافه مفيدا فى اطار المساعي الرامية الي التحول عَنْ الوقود الأحفوري وتعزيز البحث عَنْ مصادر جديدة للطاقة منخفضة الكربون.

المنخفضات نصف الدائرية علامة على وجود “خبيئة الهيدروجين الذهبي” فى باطن الأرض (بيكسابي)

“خوارزمية” الذكاء الاصطناعي.. ما دورها؟

يمكن ان تكون تلك المنخفضات نصف الدائرية مرئية على سطح الأرض فى اثناء ظروف معينة، ولكن تختلف رؤيتها بناء على عدة عوامل منها:

  • الحجم والعمق: يؤثر حجم وعمق تلك المنخفصات على رؤيتها، وقد تكون المنخفضات الأكبر أو الأعمق أكثر وضوحا، خاصة إذا أدت الي تغيير كثير فى المشهد الطبيعي.
  • السياق الجيولوجي: قد تكون أكثر وضوحا فى بعض البيئات الجيولوجية حيـث تسمح التضاريس بظهورها بشكل مميز وفي بعض الحالات، وقد تكون أكثر وضوحا بسـبب تكوينات معينة مـن التربة أو الصخور.
  • الغطاء النباتي واستخدام الأراضي: يمكن للغطاء النباتي الذى يغطي الأرض ان يحجب المنخفضات نصف الدائرية، مما يجعلها أقل وضوحا، وقد تخفي المناطق ذات النباتات الكثيفة أو الغابات أو الأراضي الزراعية هذه الميزات عَنْ الأنظار.
  • الطقس والتآكل: مع مرور الوقت، قد تؤدي العوامل الجوية أو التآكل أو التغيرات فى المناظر الطبيعية الي حجب تلك العلامة المميزة.

وللمساعدة فى التغلب على تلك التحديات والكشف عَنْ المنخفضات نصف الدائرية غير المرئية، تصف ورقتان بحثيتان حديثتان، كيف قام الباحثان فى مرحلة ما بعد الدكتوراه فى مركز “بيرد بولار” لأبحاث المناخ بجامعة ولاية أوهايو سام هيريد وسوراب كوشيك، بتوظيف الذكاء الاصطناعي لرسم خريطة تلك المنخفضات حول العالم، وهو ما قادهما الي تحديد خزانات الهيدروجين المحتملة تحت السطح.

ووفق العرض الذى قدمه الباحثان فى الاجتماع السنوي للاتحاد الجيوفيزيائي الأميركي الاسبوع الماضي، فقد قاما بتجميع قائمة بمواقع المنخفضات نصف الدائرية المرئية المعروفة عالمـيا، وذلك لتدريب الخوارزمية الخاصة بهم على البحث، وبعد استخدام بيانات الاستشعار عَنْ بعد لتحليل شكل هذه المواقع مـن الأعلى، اعتمدوا على الأنماط الطيفية والجيومورفولوجية (فرع مـن علوم الأرض يركز على دراسة أشكال الأرض وأصلها وتطورها والعمليات التى تشكل سطح الأرض)، وذلك لتحديد المواقع حول العالم التى مـن المرجح ان تكون بها منخفضات نصف دائرية مرتبطة بالهيدروجين الجيولوجي.

نقل الهيدروجين باستخدام خطوط أنابيب الغاز الطبيعي يمكن ان يكون طريقة واعدة للطاقة النظيفة المستدامة (شترستوك)

أنظف مصادر الطاقة وأكثرها كفاءة

يقول يواكيم مورتغات الأستاذ المشارك فى علوم الأرض فى ولاية أوهايو والذي أشرف على هذا المشروع: إن ما توصل له الباحثان سيسهل كثيرا مـن عملية اكتشاف أحد أنظف مصادر الطاقة وأكثرها كفاءة فى الطبيعة، وهو الهيدروجين الذهبي.

ويوضح فى بيـان صحفي نشره الموقـع الرسمى لجامعة ولاية أوهايو ان “الهيدروجين بشكل عَامٌ هو مصدر طاقة جذاب للغاية، فإذا قمت بحرقه فإن منتجه الثانوي الوحيد هو الماء، وعلى عكس طاقة الرياح أو الطاقة الشمسية، يمكن تخزين الهيدروجين ونقله، لذلك فإن جميع أنواع الصناعات تحاول جاهدة إجراء هذا التحول”.

ويضيف: “بما ان الهيدروجين الذهبي يُنتَج أيضا بشكل مستمر دَاخِلٌ القشرة الأرضية، يعتقد البعض ان الوصول الي مورد طاقة منخفض الكربون يخلو تقريبا مـن انبعاثات الغازات الدفيئة يمكن ان يعيد تشكيل مشهد الطاقة العالمي، ومع ذلك وجد الباحثون ان تحديد موقعه يتطلب تطوير أدوات استكشاف جديدة”.

وأحد أسباب صعوبة العثور عليه هو أنه ربما يحدث فى أنواع جيولوجية ومواقع مختلفة عَنْ تلك التى قد تجد فيها النفط أو الغاز، ولكن باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي التى نطورها، فإننا نرسم خريطة لكل شيء يمكن ان يكون منخفضات نصف دائرية، كَمَا يؤكد مورتغات.

الوصول الي مورد طاقة منخفض الكربون كالهيدورجين الذهبي يمكن ان يعيد تشكيل مشهد الطاقة العالمي (شترستوك)

بداية موفقة.. أسئلة بلا إجابات

ومن جانبه، يقول أستاذ هندسة الاستكشاف وتقييم الطبقات بقسم هندسة البترول بكلية الهندسة فى جامعة القاهره والمتخصص فى بَرَامِجُ الذكاء الاصطناعي، عبد العزيز محمد عبد العزيز: إن رصد تغيرات بسطح الأرض والربط بينها وبين وجود ثروات معينة تحت سطح الأرض باستخدام الذكاء الاصطناعي، ليس بالأمر الجديـد، إذ توجد دراسات عديدة فى هذا الاتجاه، ولكن ربما يكون الجديـد هو استخدام هذا المنهج لاكتشاف الهيدروجين الذهبي.

ويوضح عبد العزيز فى حديث هاتفي مع “الجزيرة نت” ان هذا العمل مجرد بداية جيدة، ولكن مـن المؤكد أنه ستُجرى عليه تعديلات لاحقة بعد الإجابة على مجموعه مـن التساؤلات التى ستعطي مزيدا مـن الدقة عند الربط بين المنخفضات نصف الدائرية والهيدروجين الذهبي.

ومن بين ابرز هذه التساؤلات التى يشير اليها أستاذ هندسة الاستكشاف وتقييم الطبقات بكلية الهندسة جامعة القاهره:

  • آليات التكوين: ما هى العمليات الجيولوجية التى تؤدي الي تكوين المنخفضات نصف الدائرية  قرب رواسب الهيدروجين، حيـث يعد إجراء تحقيق أعمق فى آليات تكوين هذه الأنماط ضروريا لتحديد الهويه بدقة؟
  • دقة الاعلان: كيف يمكن تحسين نموذج الذكاء الاصطناعي بشكل أكبر للتمييز بدقة بين رواسب الهيدروجين الفعلية والميزات السطحية الدائرية المماثلة مثل البحيرات أو ملاعب الغولف؟
  • التنوع الجيولوجي: ما هى الخصائص الجيولوجية والبيئات المحددة التى تستضيف رواسب الهيدروجين؟ حيـث يعد فهم هذا التباين أمرا بالغ الأهمية لتحديد مواقع تجمع الهيدروجين المحتملة بصفة دقيقة على المستوى العالمي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى