فايننشال تايمز: الحرب على غزة تقسم أوروبا | اخبار سام نيوز اخبار
اعلن الكاتب البريطاني توني باربر فى مقال له بصحيفة فايننشال تايمز البريطانية، إن الحرب المستمرة على قطاع غزة منذ 5 اشهر ما انفكت تربك الدبلوماسية الأوروبية، وتزعزع الرَّأْي العام، وتُلهب السياسات المحليه فى كل دَوْلَةٌ.
ولفت الي ان الحقيقة المرة هى ان الاتحاد الأوروبي ليس لديه المزيد لكي يفعله لتحديد مآلات الصراع الذى كلما طال، عانت أوروبا مـن تداعياته.
وذكر ان التأثيرات السِّيَاسِيَّةُ الناجمة عَنْ الحرب فى غزة تمتد الي أبعد مـن أوروبا، وتحديدا الي الدول الديمقراطية الاخرى لا سيما الولايات المتحدة.
تحذير
وزاد باربر ان الفـوز المريح الذى حققه الرئيس جو بايدن فى الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي فى ولاية ميشيغان الشهر الماضي كان مصحوبا بتحذير مفاده ان العديد مـن العرب الأميركيين وناخبين آخرين تخلوا عَنْ تأييده بسـبب دعمه الكامل لإسرائيل.
ولا تقل تداعيات تلك الحرب خطورة فى أوروبا، فهي تعكس انقساما سياسيا جديدا يمتد عبر 3 مجموعـات على الأقل فى دول الاتحاد الأوروبي، وينم عَنْ فجوة آخذة فى الاتساع بين مواقف الحكومات والرأي العام.
ووفقا للمقال، فإن الضرر الذى لحق بالدبلوماسية الأوروبية فى الشرق الأوسط وخارجه يتخذ أنماطا متعددة. فالحرب فى غزة وجهت، أولا، ضربة لمحاولات الحكومات الأوروبية استقطاب بقية دول العالم لمساندة أوكرانيا فى حربها “للدفاع عَنْ النفس” امام روسيا.
ويرى الكاتب ان امتناع أوروبا عَنْ اتخاذ خطوات ملموسة لكبح جماح العمليات العسكرية الإسرائيلية فى غزة، أعلن تهمة ان الغرب يكيل بمكيالين، ويتعامل مع جهوده فى دعـم أوكرانيا باعتبارها نضالا مـن اجل مستقبل النظام الدولى القائم على القواعد والقوانين، بينما يحجم عَنْ محاسبة إسرائيل.
علامة استفهام
وتطرح الحرب، ثانيا، علامة استفهام ترتبط بمصداقية “القوة الناعمة” لأوروبا، التى ينظر اليها فى الغالب على أنها أداة عملية لقارة تفتقر الي حد ما الي ثقل عسكري.
واستشهد بابر على ذلك بمقال لجيمس لينش مـن منظمة العفو الدولية، كتبه للمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، أعلن فيه ان القوة الناعمة لأوروبا تنبع مـن ازدهارها الاقتصادي وقيمها الاجتماعية المرتبطة به.
والنمط الثالث للأضرار التى لحقت بالدبلوماسية الأوروبية -برأي باربر- يتمثل فى انقسام الحكومات الأوروبية فى ما بينها، وقد تجلى ذلك فى تصويتها على قرارين للجمعية العامة للأمم المتحدة صدرا فى أكتوبر/تشرين الاول الماضي.
التصويت الاول دعا الي هدنة -وليس وقفا لإطلاق النار- فى غزة، حيـث أيدته 8 مـن دول الاتحاد الأوروبي، واعترضت عليه 4، وامتنعت 15 أخرى عَنْ التصويت.
وفي التصويت الثانى، الذى طالب بوقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية، أيدت القرار 17 دَوْلَةٌ، واعترضت اثنتان، وامتنعت 8 عَنْ التصويت.
انقسامات عميقة
وفي إجابته عَنْ الأسباب التى تجعل تلك الانقسامات الأوروبية عميقة الي تلك الدرجة، يعتقد باربر ان جزءا منها ضاربة جذورها فى تاريخ كل دَوْلَةٌ عضو فى الاتحاد الأوروبي منذ الفتره ما بين عامي 1918-1939 حتـى النصف الأخير مـن القرن العشرين.
وضرب كاتب المقال مثلا على تضارب مواقف دولتين أوروبيتين تجاه هذا الصراع هما جمهورية التشيك وإسبانيا، فالتشيك هم مـن غلاة الداعمين لإسرائيل فى الاتحاد الأوروبي، بينما ان الإسبان مـن أشد المؤيدين للفلسطينيين.
وفي استطلاع أجرته مؤسسة “يوغوف” فى نوفمبر/تشرين الثانى، أبدى ما بين 24 الي 31% مـن المستطلعة آراؤهم فى 7 دول اوروبية -الدانمارك، فرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، وإسبانيا، والسويد وبريطانيا- تعاطفا مع طرفي صراع الشرق الأوسط، وقال 27 الي 37% إنهم لا يعرفون.
ومن المؤشرات الاخرى لهذا الاستطلاع، أنه وضح عَنْ اتجاهات معينة فى الرَّأْي العام فى أوروبا الغربية، فقد اتضح ان الناخبين الشبان (حتـى سن 29 عاما)، هم أكثر تعاطفا مع الفلسطينيين، على عكس الأكبر سنا -(لا سيما ممن تتجاوز أعمارهم 45 عاما)- الذين يميلون الي تأييد إسرائيل.