أخبار عالميةأخبار عربيةأخبار فلسطينالاخبار العربية والعالمية

فيلم “المخلب الحديدي”.. أحلام الأب التى تحولت الي كوابيس الأبناء | فن سام نيوز اخبار

“المخلب الحديدي” (The Iron Claw) ليس مجرد فيلم رياضى عَنْ المصارعة فى الثمانينيات فى الولايات المتحدة الأميركية، أو تراجيديا تستعرض لعنة أقرب الي المآسي الإغريقية العنيفة، لكنه فى جوهره فيلم عَنْ العائلة وديناميكيتها.

يظن الأب نفسه إلها، يدور فى فلكه الأبناء وعليهم طاعته وإما خسروا محبته ورضاه، وهو ما يجعل أكثر الْمُشَاهِدِينَ فجيعة ووجعا ليست تلك التى تجري دَاخِلٌ الحلبة وإنما حول منضدة الطعام.

يحكي العمل عَنْ أسرة فون إريك، وقصة صعودها فى عالم مصارعة المحترفين، وسـط اعوام مـن السعي مـن جميع رجالها لتحقيق حلم الأب بالتربّع على عرش المصارعة والحصول على لقب بطل العالم، ذلك الحلم الطموح المَعيب الذى كُلل بالدم والموت والفقد والكثير مـن القمع والهزيمة.

تدور الحبكة حول أب امتهن المصارعة بشبابه، لكنه لم ينجح فى الحصول على لقب بطل العالم للوزن الثقيل، وهو ما دفعه لتوريث تطلعاته لأولاده، لم يكن حنونا عليهم ولم يرهم صغارا بحاجة الي رعايته، وإنما مجرد أدوات للوصول الي ما يصبو إليه وإنقاذه مـن الحلم الذى يطارده، مُعتقدا ان جعلهم الأقوى لن يلبث ان يجعلهم الأنجح ويحميهم مـن شرور الدنيا.

لعنة الانتماء لعائلة فون إريك

“التصنيفات يمكن ان تتغير”؛ هكذا يقول الأب علنا لأبنائه اثناء تناول الطعام مُعلنا عَنْ تفضيله لابن دون آخر، إذ تعتمد محبته على ما يحققه الابن بعالم المصارعة، مَن فـاز أو سار على الدرب هو المفضل، ومن خاب أو تراجع تراجعت أهميته بالتبعية.

ورغم كل القسوة والتعنيف ولعبة “فرّق تسد” التى يلعبها الأب مع أولاده طوال الوقت، لم يتمرد أحدهم عليه أو يخالفوه الرَّأْي يوما؛ حتـى مَن لم يحب المصارعة يوما منهم، بل اعتنقوا وجهة نظره واجتهدوا باذلين كل ما يقدرون عليه جسديا ونفسيا وعاطفيا لعلهم ينالون منه نظرة رضا أو إيماءة مُحبة.

وبسبب كل ما جرى لعائلة فون إريك، وهو ما كان قاسيا بالفعل ولا يمكن النجاة مـن آثاره على المدى القصير أو الطويل، أُشيع عَنْ العائلة أنها محاطة بلعنة بدأت اثناء قرر الأب الذى عاش لسنوات باسم جاك أدكيسون تغيير لقبه الي فون إريك، إذ سرعان ما توفي بعدها ابنه الاول فى سن صغيرة.

وما لم يكن بالحسبان ان يموت فى حياة الأب جميع أولاده تباعا -باستثناء الابن الثانى الذى يشهد القصة بعينيه- وبطرق شديدة الوحشية جمعت بين الانتحار والجرعات المضاعفة مـن المخدرات وأساليب أخرى مـن فعل الطبيعة.

بين الواقع والحبكة الدرامية

رغم ان “المخلب الحديدي” ينتمي بالأساس لأفلام السير الذاتية، إلا ان مؤلفه ومخرجه شون دوركين كتب النص بدون جمع بيانات مـن العائلة أو الاتصال بأي مـن أفرادها إلا قبل وقت قصير مـن بدء التصوير، وحرص على كتابة القصة بطريقته الخاصة مع القليل مـن التصرُّف بحكمة وذكاء دون ان يخل ذلك بالسرد الدرامي.

على سبيل المثال لم يأت العمل على ذكر الابن الخامس كريس، واكتفى دوركين بتوزيع صفاته وتفاصيل مأساته الخاصة على إخوته، وهو ما برره بمحاولة الحَد مـن حجم المعاناة التى تظهر على الشاشة والتقليل مـن كَم الانزعاج وعدم الارتياح التى سيشعر بها الجمهور اثناء المشاهدة.

الفيلم الذى كان يمكن ان يصبح عظيما

عُرف عَنْ دوركين بأعماله السابقة تقديم شخصياته عَنْ بُعد وهو ما تكرر هنا أيضا وإن كان “المخلب الحديدي” هو الفيلم الأكثر عاطفية وإنسانية بين ما قدمه حتـى الان، ورغم كل الاحداث الكبيرة التى تهز عالم الأبطال لكننا لا نقترب كثيرا مـن دواخلهم أو نتعمّق الي الحقيقة وراء دوافعهم، فقط نرى بعض الشذرات هنا وهناك، فى حضن أخوي دافئ أو نظرة عين زائعة أو قرار بإنهاء الحياة فجأة، الامر الذى جعل الْمُشَاهِدِينَ يقفون فى حيرة مـن أمرهم بين التعلّق بالعائلة والتعاطف معها وبين السطحية المستفزة التى قُدّمت بها الشخصيات.

وهو ما تسبب بأن يرقص الفيلم بالنهاية على الحبال بين الترتيب كعمل رياضى ملهم وبين الدراما الثقيلة، ومع ذلك فقد حَصَد الفيلم إيرادات بلغت 42 مليون دولار بينما تم اختياره مـن قِبل المجلس الوطني للمراجعة ضوء قائمة افضل 10 افلام لعام 2023.

ايضا أشاد به النقاد وأعربوا عَنْ إعجابهم بأداء الممثلين وكيف صور دوكين أجواء عالم مصارعة المحترفين فى الحلبة بالثمانينات، وحصل على تقييم جاء الي 7.7 نقاط وفقا لموقع “آي إم دي بي” (IMDb) الفنى.

الاستحسان الأكبر كان مـن نصيب الممثل زاك إيفرون الذى جسد شخصية ديفيد، إذ نجح إيفرون بتغيير هيئته تماما وظهر بما يليق ببطل مصارعة مـن الوزن الثقيل، حتـى إنه كان مـن الصعب التعرّف عليه ببعض الْمُشَاهِدِينَ. وبجانب المظهر الخارجي، اجتهد إيفرون للإمساك بتلابيب شخصيته وتجسيد حالة الخواء التى تملّكت منه وتضاعفت مع موت كل شقيق لديه.

“المخلب الحديدي” فيلم يحمل ثقلا وجوديا حقيقيا ومزعجا على مدار أكثر مـن الساعتين، وبقدر ما هو مناسب لمحبي رياضة المصارعة، لكنه جدير بالمشاهدة أيضا مـن مُحبي الدراما.

وذلك لانه يضرب على وتر حساس يتماس مـن جهة مع قنبلة الذكورية الموقوتة التى ينشأ عليها الرجال ومفهومهم المغلوط حول الرجولة الحقيقية وربطها بالقوة الجسدية وقدر الإنجازات الملموسة والخارجية، ومن جانب اخر مع قسوة ان تنتمي لعائلة كبيرة ومع ذلك تظل تشعر بالوحدة والعزلة وأن لا أحد يراك.

الفيلم مقتبس عَنْ قصة حقيقية، إخراج وسيناريو وحوار شون دوركين، وبطولة هولت مكالاني، زاك إيفرون، جيريمي ألين وايت، ستانلي سيمونز، هاريس ديكنسون، مورا تيرني، وليلي جيمس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى