اقتصاد

باريس تعيد السحر الأولمبي وتزيد التحدي امام لوس أنجلوس

لكن قبل أسابيع قليلة فحسب، كانـت فرص نجاح تلك الألعاب فى مدينة النور ضئيلة، إذ كانـت فرنسا تمر بأزمة سياسية وعبر مسؤولون أمنيون عَنْ قلقهم البالغ مـن احتمال وقوع هجـوم “رأس الحربة”. اما المزيد مـن الفرنسيين فبدا أنهم غير مكترثين أو لا يعرفون كيف هو شعورهم تجاه الألعاب.

ولم يكن فى طاقة اللجنة الأولمبية الدولية ان تتحمل مشكلات أخرى فى تلك الألعاب فى اثناء ضغوط تعرضت لها مـن رعاة ومحطات بث بعد ان أدى تفشي جائحة كوفيد الي إقامة دورتين سابقتين فى بكين وطوكيو بحضور أعداد أقل بكثير مـن المشجعين.

لكن الألعاب اختتمت باحتفال أقيم فى ستاد دو فرانس، يـوم الأحد، ويبدو ان تلك المخاوف باتت مـن الماضي بعد ان تمكنت باريس مـن إحياء سحر دورة الألعاب الأولمبية.

 فرنسا فاجأت الجميع
وفي رأي مايكل بين الرئيس السابق لإدارة التسويق فى اللجنة الأولمبية الدولية، الذى عمل أيضا مع مدن تسعي لاستضافة الألعاب جاء الى ورعاة، فإن “فرنسا فاجأت الناس”، خاصة بعد المشكلات التى واجهت أحداثا رياضية جرت مؤخرا فى باريس، مثل نهائى دورى أبطال أوروبا لكرة القـدم 2022.

وأضاف “نجح الامر بما يفوق أقصى توقعات الجميع”.

وللتأكيد على فكرة استعادت الأولمبياد سحرها مرة اخري، شمل الحفل الختامي عرض “المسافر الذهبي” الذى يمر عبر المستقبلـ ويعيد إحياء الألعاب الأولمبية بعد اندثارها.

وحول المنظمون الفرنسيون باريس الي ساحة ألعاب أولمبية مفتوحة الجميع مدعوون لها، سواء بتذكرة أو دون تذكرة، بجوار ابرز مزاراتها السياحية الشهيرة، وذلك بعد ان تجنبوا ما هو مكلف وعديم القيمة، وأعطوا الأولوية لملاعب مؤقتة بخلفيات أيقونية ساحرة.

ومع بزوغ النهار، يتجمع الجمهور حول ضفاف نهر السين لمشاهدة السباحين بعد ان تكلف إعداد النهر وتنظيفه لهذا الحدث ما يقرب مـن 1.5 مليار يورو (1.64 مليار دولار).

 وقرب الغروب، تدفق عشرات الآلاف مـن السائحين على حديقة التويلري وهم يلتقطون الصور الذاتية (سلفي)، قبل ان يسدل الظلام أستاره على الاسطورة الجديد الألعاب المبهرة.

كَمَا تجنبت باريس الفضائح، ولم تأخذ أزمات جيوسياسية كبيرة مثل حرب أوكرانيا والحرب فى قطاع غزة سوى مساحة هامشية اثناء الألعاب، فى وقت تصدرت فيه أيضا التقلبات التى يشهدها السباق الرئاسي الأميركي وأعمال الشغب التى اجتاحت بريطانيا عناوين الصحف والأنباء.

وقال مايكل بين إن نجاح أولمبياد باريس “سيعيد الحماسة الي اهتمام مدن أخرى باستضافة الألعاب”. وأشار الي أنه لاحظ بالفعل تطلع عَدَّدَ منها لاستضافة دورة الألعاب الأولمبية التى ستقام فى 2036.

ونقلت رويترز عَنْ بين قوله إن تركيا أقامت حفل إستقبال رفيع المستوى فى باريس وصفه بأنه الاعلان غير رَسْمِيٌّ لطلب إسطنبول إستقبال الألعاب. وأضاف ان رئيس الوزراء الهندي ناريندرا “مودي يقول فى كل مكان إنه تلقى عرضا لاستضافة الألعاب”.

لوس انجليس 2028

اعلن كيسي واسرمان الرئيس التنفيذي لدورة الألعاب الأولمبية التى ستقام فى لوس انجليس فى 2028 لرويترز “قاموا بعمل رائع (…) التجربة فى الملاعب، وهي كل ما يهم الرياضيين والمشجعين، مـن الطراز العالمي”.

وأضاف ان ألعاب لوس انجليس لن تحاول مجاراة أولمبياد باريس مـن ناحية الشكل والمضمون، بل مـن حيـث “الأصالة والتنفيذ”، وهي وجهة نظر عبر عنها رئيس اللجنة الأولمبية الدولية توماس باخ أيضا.

وقال باخ “إذا رغبت لوس انجليس فى تقليد برج إيفل، فستكون النتيجة كارثية على الأرجح”.

وتابع “يجب ان تتسم كل دورة ألعاب أولمبية بالأصالة والإبداع، وتعكس ثقافة البلد المضيف”.

وأقرت كارين باس رئيسة بلدية لوس انجليس بأن باريس رفعت السقف، وأن مشكلات التشرد فى لوس انجليس ستشكل تحديا يجب التغلب عليه. لكن المدينة لديها عنصر عالمي لا يمكن لأحد منافسته، فقد اعلنت لرويترز “لدينا هوليوود، لذلك أتوقع المزيد مـن الفرص السحرية”.

ويغمر الانبهار أيضا محطات البث والجهات الراعية التى كانـت تشعر بالقلق بعد دورتين أولمبيتين عكرت صفوهما جائحة كوفيد-19.

فقد سجلت مجموعه إن.بي.سي يونيفرسال أعلى نسبه مشاهده فى الولايات المتحدة منذ عَامٌ 2012، وحظيت بمبيعات إعلانية قياسية فى اثناء صعود متوسط إجمالي المشاهدات اثناء الأيام الأربعة عشر الأولى مـن ألعاب باريس بواقع 77 بالمئة مقارنة مع أولمبياد طوكيو.

وإن.بي.سي يونيفرسال هى صاحبة أضخم صفقة اعلامية أولمبية فى العالم بعدما دفعت 7.65 مليار دولار فى عَامٌ 2014 لتمديد حقوق البثحتى عَامٌ 2032.

وذكرت شركة وارنر براذرز ديسكفري ان عَدَّدَ الْمُشَاهِدِينَ على منصات البث المباشر التابعة لها تجاوز فى أول يومين مـن ألعاب باريس عَدَّدَ مشاهدي أولمبياد طوكيو بأكمله.

وقال إيمانويل ماريل المدير الإقليمي لشركة إير بي.إن.بي لأوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا لرويترز إن أولمبياد باريس كان أكبر حدث على الإطلاق تشهده الشركة الراعية للألعاب مـن حيـث عَدَّدَ الضيوف الذين أتاحت لهم أماكن سكن فى باريس والمناطق المحيطة بها.

وقال “ما حدث كان نوعا مـن السحر”.

مـن جانبها، اعلنت دورى إليس جارفينكل كبيرة مَسْؤُولِي التسويق فى شركة(سيجل+جيل) المتخصصة فى استراتيجيات العلامات التجارية إن ألعاب باريس بمثابة “عودة للألعاب الأولمبية” بالنسبة للمعلنين إذ تظهر البيانات نموا بواقع 300 بالمئة فى عمليات البحث عَنْ العلامات التجارية اثناء حفل الافتتاح مقارنة بألعاب طوكيو.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى