الاخبار العربية والعالمية

الحرب فى غزة.. هل للقانون الإنساني مـن معنى؟ | آراء سام نيوز اخبار

قرأت قبل أيام خبرًا عَنْ إلقاء القبض على شخصٍ وإحالته للتحقيق؛ بعد انتشار مقطع فيديـو على مواقع التواصل الاجتماعيّ، يظهر فيه، وهو يطلق النار على حيوان. وذكر الخبر عقوبة مخالفي قانون الرفق بالحيوان، وأنّ وزارة البيئة، أعلنت فى وقت لاحق عَنْ اجراءات لمن يقوم بتعذيب الحيوانات، أو إساءة معاملتها مـن اثناء الضرب، أو التجويع، أو بأي طريقة آخر يتنافى مع الإنسانية.

إنّ حقوق الحيوان بالطبع، هى قضية نبيلة، ومبدأ أخلاقي، يجب علينا جميعًا احترامُه، حتـى إن العديد مـن البلدان لديها قوانين حصريّة لحماية الحيوانات، وتعزز الوعي العام بأهميّة حقوق الحيوان. وبهذه الطريقة، يمكننا ان نضمن حسن المعاملة والرفق بالحيوان.

لكن ماذا عَنْ الإنسان أعظم خلق الله وخليفته فى الأرض؟

وأنا أقرأ الخبر، تذكّرت تصريح وزير الدفـاع الإسرائيلي يوآف غالانت فى الأيام الأولى للحرب على غزة: “لقد أمرت بفرض حصار كامل على غزة. لن يكون هناك كهرباء ولا طعام”، وأضاف: “نحن نقاتل حيوانات بشرية ونتصرف وَفقًا لذلك”.

ليس مـن المقبول بأي حال مـن الأحوال استخدام لغة قمعية وتصريحات استفزازية مـن اجل تبرير العنف، على الرغم مـن انّ كل المواثيق الدولية فى العالم- بما فيها كيانه البغيض- تدعم القوانين المتعلقة بحقوق الحيوانات الأليفة والبرية، وتعتبر القسوة تجاهها جريمة يعاقب عليها القانون، ناهيك عَنْ البشر.

سجن مفتوح

يُطلق على غزة البالغ عَدَّدَ سكانها حوالى 2.3 مليون نسمة أكبر سجن مفتوح فى العالم، وقد بقيت إسرائيل تحاصرهم جوًا وبرًا وبحرًا منذ أكثر مـن 17 عَامًٌا. عانى سكان غزة اثناء هذه السنوات بشكل كثير، وما زالوا يعانون، لا سيما هذه الأيام مع الحرب التى تشنّها دَوْلَةٌ الاحتلال امام السكان المدنيين؛ بهدف تدمير قطاع غزة بشكل كامل، وتهجير أهله.

مثل هذه الْأَوْضَاعُ لا يمكن ان يتحمّلها أحد، بغض النظر عَنْ جنسه أو لونه أو عرقه. ورغم ذلك تبرر معظم حكومات الدول الغربية، دعمها غير المحدود دَوْلَةٌَ الاحتلال، وتعمل بتبرير جرائمها امامّ الإنسانية مـن قتل للمدنيين، وفرض الحصار الشامل على قطاع غزة، وتعرض المنازل والمدارس والمساجد والمستشفيات لهجمات عشوائية وقطع إمدادات المياه والكهرباء والوقود وغيرها مـن وسائل التدمير.

كَمَا تتجاهل هذه الحكومات تمامًا اتفاقية جنيف بشأن حماية الأشخاص المدنيين فى وقت الحرب، والتي تحظر- فى المادة الثالثة مـن الباب الاول الخاص بالأحكام العامة- اىَّ اعتداء على الحياة والسلامة البدنية، وبخاصة القتل بجميع أشكاله، والتشويه، والمعاملة القاسية، والتعذيب، وأخذ الرهائن والاعتداء على الكرامة الشخصيّة.

فصل عنصري

يعتبر البعض إسرائيل “دَوْلَةٌ فصل عنصري”، ولكن هذا المصطلح ليس كافيًا لوصف طبيعة الصهاينة؛ لأن “الفصل العنصري” يشير الي التمييز العنصري الذى يقوم على أساس العِرق أو اللون.

وهذا المصطلح يأتي فى الأصل مـن سياسة الفصل العنصري فى جنوب أفريقيا، والتي استخدمها المستعمرون البيض امام غالبية السكان الأصليين أصحاب الأرض السود فى البلاد. حيـث يعتقدون ان عرقهم متفوق على الأجناس الاخرى، إذ ينبغي ألا يتمتعوا بالحقوق نفسها التى يتمتعون بها.

ومن اجل الحفاظ على سلطتهم منعت هذه الأقليةُ السودَ مـن شراء الأراضي خارج المناطق التى أُجبروا على العيش فيها، كَمَا تمّ منعهم مـن استخدام وسائل النقل العام، وارتياد النوادي والمحلات التجارية نفسها. وقد جاء الجنون العنصري الي حد تقسيم الحدائق العامة والأرصفة والحمامات.

يعتبر الفصل العنصري ظاهرة معادية للإنسانية وقيمها، لكن بالمقارنة مع الصهيونية، فإنَّ معدل الجريمة فيها أقل. علاوة على ذلك فإن النظام القائم على الفصل العنصري لا ينكر إنسانية الأجناس الاخرى، بل يؤكد على تفوق عرقه مقارنة بالأجناس الاخرى، اما الكيان الصهيوني فيؤمن بأنّ الربّ قد اختارهم دون جميع الشعوب على وجه الأرض؛ ليكونوا شعبه الخاص المختار، وبالتالي لا ينظرون الي الأجناس الاخرى كبشر، بل باعتبارهم مخلوقين لخدمتهم.

قلوب قاسية

العديد مـن الأطفال الأبرياء ينزفون حتـى الموت فى غزة. وبدلًا مـن ان تشاهد الأمهات أطفالهنّ وهم يلعبون ويكبَرون، امام أعينهنّ، يضطررن الي نثر التراب على أجسادهم فى مشهد مـن شأنه ان يدمي القلوب، إلا قلوب الصهاينة ومؤيديهم، فهي كالحجارة أو أشد قسوة.

ولعلّ الاحتجاجات المناهضة لإسرائيل- التى قام بها مواطنون فى مختلف دول العالم، بمن فى ذلك عَدَّدَ كثير مـن اليهود المناهضين للصهيونية؛ لإنهاء الحرب الدموية فى غزة- تشهد على ذروة الكراهية العالميه امام النظام الصهيوني ومؤيديه.

لقد رأينا الأمم الواعية فى جميع ارجاء العالم تنهض غاضبة مما يحدث لأطفال غزة، وتطالب بوقف هذه المهزلة الدموية. وهذا يعني ان الضمير الواعي لا يتحمّل مثل هذه الجرائم الشنيعة. ولا شك ان البشر المحبين للحرية، سيحاربون حتمًا الطغيان والظلم، ويتمردون على الطغاة.

وسيأتي حتمًا اليـوم الذى سيُحاسب فيه قادة الدول الذين دعموا جرائم الحرب- التى ارتكبها هذا النظام الاستعماري، والذين تلطخت أيديهم بدماء نساء وأطفال غزة الأبرياء- على جرائمهم الشنيعة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى