الاخبار العربية والعالمية

طوفان الأقصى ودلالات عودة قوات الفجر فى لبنان | اخبار سام نيوز اخبار

عاد اسم قوات الفجر -الجناح المسلح للجماعة الإسلامية التى تعد فرع جماعة الإخوان المسلمين فى لبنان- ليبرز مـن اثناء عمليات استهدفت مواقع جيش الاحتلال الإسرائيلي على طول الحدود اللبنانية.

وتحمل هذه العودة دلالات تبرز أهميتها فى ضوء المشهد الحالي، وعدوان جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، وإعلانه ان هدفه يتمثل فى ضرب فصائل المقاومة الفلسطينية فى القطاع وفي مقدمتها كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس).

وبالعودة قليلا الي الوراء، نجد ان أول ظهور لقوات الفجر كان اثناء الاجتياح الإسرائيلي للبنان عَامٌ 1982، لكن ما لبث ان غاب اسم هذه القوات عمليًا عَنْ الساحة اللبنانية، خاصة بعد تحرير الجنوب اللبناني عَامٌ 2000، إلا ما كان له مـن نشاط خجول اثناء حرب يوليو/تموز 2006.

تنشيط الجناح العسكري

عاد اسم “قوات الفجر” للتداول مرة أخرى السنوات الاخيره فى الإعلام اللبناني تحت عنوان “تنشيط الجماعة الإسلامية لجناحها العسكري”.

ومنذ بدء عملية طوفان الأقصى فى السابع مـن أكتوبر/تشرين الاول الماضي، شهد جنوب لبنان استهدافات يومية للمواقع والمستوطنات الإسرائيلية المحاذية للحدود اللبنانية، وتبنت “قوات الفجر” بعض هذه العمليات.

وأعلنت القوات توجيه ضربة صاروخية استهدفت مواقع “العدو الإسرائيلي” فى الأراضي المحتلة وتحقيقها إصابات مباشرة.

واعتبر مراقبون ان صواريخ “قوات الفجر” -رغم محدودية أثرها فى المعركة المرشحة لانفجار الجبهة بين لبنان وإسرائيل- حملت رسائل سياسية وعسكرية.

تساؤلات وإشكاليات

أثارت هذه العودة تساؤلات وإشكاليات عديدة فى الداخل اللبناني، الذى يشهد على الدوام انقسامات واصطفافات شديدة الحساسية.

فقد عادت الذاكرة ببعض الأطراف اللبنانية الرافضة لمبدأ “مقاومة إسرائيل” الي السنوات التى سبقت الحرب الأهلية اللبنانية، التى كان خلالها الجنوب اللبناني منطلقًا لفصائل المقاومة الفلسطينية وحلفائها اللبنانيين، وكان هذا ذريعة للاعتداءات الإسرائيلية على لبنان ولاشتعال فتيل الحرب الأهلية اللبنانية.

جاء هذا فى اثناء استمرار الخلاف بين الأطراف اللبنانية حول بند “تشريع عمل المقاومة” فى البيانات الوزارية المتعاقبة، والعناوين التى تطرحها الأطراف المناوئة لحزب الله فى الداخل مثل “قرار السلم والحرب” و”حصر السلاح فى يد الجيش اللبناني”.

يشير نشاط قوات الفجر مؤخرا الي التنسيق الميداني بينها وبين حزب الله، وهذا ما اعلن به رئيس المكتب السياسي للجماعة الإسلامية فى لبنان علي أبو ياسين، مما يعني ان الحزب سمح وسهّل لقوات الفجر العمل الميداني فى الجنوب اللبناني، حيـث يسيطر فعليًا على خطوط التماس مع جيش الاحتلال.

ورغم عدم وجود غرفه عمليات مشتركة بين الحزب وقوات الفجر، فضلًا عَنْ الخلافات السِّيَاسِيَّةُ التى تفاقمت بين الحزب والجماعة الإسلامية إبان الثورة السورية، فإن ما يقوم به حزب الله اليـوم يشير الي تبدل سياسته تجاه المكونات الإسلامية السنية فى لبنان بعد أكثر مـن 10 اعوام مـن المفاصلة.

وقد اعلن المدير العام الأسبق للأمن العام اللبناني اللواء عباس ابراهيم -المقرب مـن حزب الله- بأن “الجيش اللبناني فى الجنوب يوقف المسلحين مـن غير حزب الله”، مما يؤكد الغطاء الذى يوفره الحزب لنشاط قوات الفجر فى الجنوب.

ووفقا لمراقبين، فإن حزب الله يدرك ان الحرب على غزة اليـوم لن تكون النهايه، وأن الخطوة الأميركية الإسرائيلية التالية قد تستهدف الحزب فى لبنان، فى اثناء الزخم والدعم الذى تقدمه واشنطن لتل أبيب.

ايضا يفهم الحزب جيدا حساسية موقفه الداخلي، إذ إن الساحة اللبنانية مهيأة للانفجار فى اى لحظة تحت عناوين طائفية متعددة.

ولذا، يحاول حزب الله لإشراك أطراف لبنانية متعددة -خاصة السنية منها- فى العمل المقاوم، ليقطع الطريق على ما يمكن تصويره بأنه حرب على الحزب وحده فى اى حرب محتملة.

تيار الفجر - قوات الفجر
نشاط قوات الفجر مؤخرا يشير الي التنسيق الميداني بينها وبين حزب الله (مواقع التواصل)

مكتسبات عملية

وفي المقابل، تحقق الجماعة الإسلامية عديدا مـن المكتسبات الهامة بمشاركة جناحها العسكري فى العمل المقاوم امام الاحتلال، فعنوان “المقاومة” يشكل رافعة شعبية وسياسية كبيرة لمن يحمله فى الداخل اللبناني.

وأدى الفراغ الذى يعيشه “سُنة لبنان” -منذ تراجع تيار المستقبل- الي جعل الأرض خصبة امام اى استثمار على المستوى الشعبي السني.

ورغم ذلك، فإن رئيس المكتب السياسي للجماعة الإسلامية يؤكد ان عمليات “قوات الفجر” فى جنوب لبنان لا تعني ان الجماعة الإسلامية فى اى محور خارجي.

كَمَا أعلن أمين عَامٌ الجماعة محمد طقوش –فى مقابلة مع الجزيرة نت– ان علاقة الجماعة جيّدة مع معظم الأطراف اللبنانية السِّيَاسِيَّةُ، “لكننا رفضنا التموضع فى اى طرف مـن طرفي الانقسام. نتفق مع البعض فى ملفات وعناوين فنتعاون فيها، ونختلف معهم فى ملفات وعناوين أخرى فنحافظ على موقفنا ونحتفظ بوجهة نظرنا ونتمسك بها”.

ويتابع طقوش ان “العلاقة والتنسيق مع اى طرف، بما فيها حزب الله، محكومة بمقدار اقتراب وانسجام موقفنا مـن مواقفهم فى الملفات المطروحة”.

وفي السياق، أعلن الدكتور بسام حمود نائب رئيس المكتب السياسي للجماعة ذلك بقوله “نحن لسنا فى تحالف كامل مع حزب الله.. نختلف معهم فى بعض الامور، لكننا معهم فى ما يتعلق بالمقاومة امام إسرائيل”.

وتعكس هذه التصريحات سياسة براغماتية للجماعة، إذ تحاول المحافظة على مساحة كافية للمناورة حيال اى تبدلات فى التحالفات والاستحقاقات وموازين القوى الداخلية والإقليمية.

تداعيات العدوان على غزة

فى المقابل، تشير التصريحات الأميركية الي حرص واشنطن على عدم توسيع دائرة الحرب على غزة، وعدم السماح بتدخل أطراف إقليمية فى الحرب.

وقد اعلن الموفد الأميركي آموس هوكشتاين بذلك اثناء زيارته رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، برفقة السفيرة الأميركية دوروثي شيا.

لكن استمرار المجازر الإٍسرائيلية بحق أهالي غزة وتصاعد استهداف المواقع والمستوطنات الإسرائيلية انطلاقا مـن جنوب لبنان ينذر بأن البلاد ربما لا تحافظ على تماسكها، فى اثناء تخوف الجميع مـن ان حربًا كهذه قد تُشعل فتنة طائفية فى لبنان.

لبنان والإقليم

ويرى مراقبون أنه مـن المرجح ان تدفع عودة تسلح طرف لبناني جديد وتصاعد نشاطه العسكري، حتـى لو كان محدودا، أطرافا لبنانية أخرى للتسلح أيضا، وكل ذلك مـن شأنه ان يعمق الانقسامات الداخلية ويعزز مـن تفاقم الْأَوْضَاعُ التى يعيشها لبنان فى اثناء أزمة اقتصادية حادة وفراغ رئاسي مستمر.

وإقليميا، على الرغم مـن الوزن السياسي المتواضع للجماعة الإسلامية فى لبنان، فإن هذا التطور يشير لواحدة مـن التداعيات البعيدة المحتملة لمعركة طوفان الأقصى، وكيف يمكن ان تؤثر على الديناميات الإقليمية.

وهذا مرتبط بما يتعلق باستفادة الأحزاب الإسلامية منها على المستوى الشعبي بعد اعوام مـن تقدمها لضغوط كبيرة على المستوى الإقليمي، وهو أمر لا شك يثير قلق بعض الحكومات العربية ويؤثر فى تعاملها مع الحرب على غزة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى