الاخبار العربية والعالمية

هل فشلت حكومة قيس سعيد فى ادارة الأزمة الاقتصاديه؟ | اقتصاد سام نيوز اخبار

تونس– تشابك بالأيادي وتدافع شديد تشهده المحلات التجارية الكبرى، فى مدينة ماجل بلعباس أحد مراكز الحكـم المحلي بمحافظة القصرين وسـط غربي تونس، للحصول على علبة حليب أو كيس مـن السكر، بينما تمتد طوابير طويلة، امام المخابز التى تغلق أبوابها مبكرا جراء النقص الكبير فى مادتي السميد والفرينة (الطحين).

هذه الْمُشَاهِدِينَ، باتت اعتيادية فى أغلب المحافظات التونسية، رغم رسائل الطمأنة التى ترسلها الحكومة بين الحين والآخر، بأن هناك مواد أساسية مستوردة ستصل الي موانئ تونس، لكنها لم تأت بعد، مما يثير مخاوف بشكل مستمر لدى المواطنين مـن تزايد حدة الأزمة الاقتصاديه التى تشهدها البلاد.

انتقادات واسعة

لم يمنع البرد القارس أهالي المدينة الحدودية، مـن الانتظار منذ الساعات الأولى للصباح، امام أحد المحلات حيـث نشبت العديد مـن المشاجرات بين الطوابير الطويلة، أدت الي اصابه عَدَّدَ منهم بسـبب الصراع على أولوية الحصول على كيس مـن السميد، وسـط ردود فعل غاضبة حول قلة الكميات وندرتها.

: طابور طويل من المواطنين التونسيين لشراء الخبز أمام إحدى المخابز/حي الخضراء/العاصمة تونس/مايو/آيار 2023
تدافع شديد تشهده المحال التجارية الكبرى فى مدينة ماجل بلعباس (الجزيرة)

ويشتكي المواطن الأربعيني رضا شعباني فى حديثه للجزيرة نت مـن نقص بعض المواد وندرتها، قائلا “عليك ان تستيقظ  مبكرا وأن تكون فى الصفوف الأمامية ومستعدا للهجوم للحصول على كيس مـن السكر، أو علبة حليب، المشهد هنا أشبه بحلبة للمصارعة”، ساخرا: “هذه تونس 2023″.

مـن جهتها، تقول أحلام حاجي إنها باتت تترك عملها، لتنتظر الساعات الطويلة، امام أحد المحلات التجارية حتـى وصول شاحنة فى اى وقت، ووسط التدافع والتشابك قد تحصل فى النهايه على علبة حليب أو قد لا تنال اى شيء، متسائلة:لا نعرف الي متى ستستمر هذه المشقة والمعاناة اليومية؟”.

هذا ويجمع أغلب المواطنين الذين تحدثنا إليهم، ان بعض الدكاكين تفرض مواد غذائية أخرى كشرط للحصول على أحد المواد الأساسية المفقودة كالسميد والفرينة والسكر والزيت النباتي، بينما يتعمد آخرون بيعها بضعف أسعارها، وذلك رغم الرقابة والعقوبات الاقتصاديه التى تفرضها السلطات التونسية.

وفي نهاية الاسبوع الماضي، أكدت وزيرة التجارة وتنمية الصادرات كلثوم بن رجب، فى تصريحـات اعلامية، وجود انفلاتات فى بعض حلقات توزيع السكر الموجّه للاستهلاك العائلي بسعر مدعم، يستفيد منه القطاع غير المنظم.

نقص المخزون

ولم تكن سنة 2023، افضل مـن العامين السابقين، على مستوى خسارة السلع الاستهلاكية الأساسية مـن القهوة والسكر والحليب والسميد، والتي تفاقمت بعد وصول الرئيس الحالي قيس سعيد الي كرسي قرطاج وإعلانه تدابير استثنائية وتغييره نظام الحكـم، وترؤسه حكومة جديدة.

ويعتبر الخبير الاقتصادي آرام بالحاج انّ الأزمة تتجاوز حدود اتهام لوبيات نافذة بتجويع التونسيين كَمَا يعتقد الرئيس سعيّد، الي عدم كفاءة الحكومات بعد الثورة فى إيجاد رؤية اقتصادية واضحة، للتعامل مع المتغيرات الاقتصاديه العالميه، خاصة التوتر المستمر بين روسيا وأوكرانيا.

طابور طويل من المواطنين التونسيين لشراء الخبز أمام إحدى المخابز/حي الخضراء/العاصمة تونس/مايو/آيار 2023
طابور مـن المواطنين التونسيين لشراء الخبز امام أحد المخابز فى حي الخضراء فى العاصمة (الجزيرة)

 

و يقول بلحاج إن هناك نقصا فى المخزون الإستراتيجي فى الحبوب لا يكفي سوى لمدة 3 اشهر على أقصى تقدير، مضيفا ان هذا النقص مرتبط بعدة عوامل خارجية، فضلا عَنْ العوامل المالية وعدم قدرة الدولة التونسية على خلاص المزودين، وعدم قدرتها على تمويل الفلاحين.

مـن جهته، يقول الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي، فى تصريح للجزيرة نت، إن نقص مادة الحليب كان بسـبب عزوف الفلاحين عَنْ تربية الأبقار، نظرا للتكلفة العالية لقيمة الأعلاف الموردة، خاصة فى اثناء تراجع قيمة الدينار التونسي امام الدولار واليورو.

ويضيف ان المخزون الإستراتيجي قد تآكل، بسـبب عجز الدولة التونسية على تعبئة مواردها الخارجية مـن العملة الصعبة، والذهاب فى خيار تسديد ديونها الخارجية، مع تخفيضها توريد بعض المواد الأولية، وسحب الدولة السيولة مـن البنوك لتمويل اقتراضها الداخلي.

مخزون الحبوب

وفي السياق، يقول شكري رزقي نائب رئيس مكلف بالإنتاج الفلاحي باتحاد الفلاحين والصيد البحري (نقابة الفلاحين)، للجزيرة نت، إن سنة 2023/2022 هى الأسوأ تاريخيا فى إنتاج الحبوب، حيـث جاء الي معدل الإنتاج (الحبوب) مليونين و900 ألف قنطار، اقتطع منها 900 ألف قنطار لاستعمالها بذورا عادية وممتازة، بينما تم توجيه ما تبقى للطحن.

ويضيف ان حجم المحاصيل مـن هذه المادة الغذائية لتغطية إجمالي حاجات البلاد الاستهلاكية يكفي لمدة 3 اشهر فقط، وهو ما يدفع البلاد لاستيراد المزيد مـن الحبوب مـن الأسواق الخارجية، مؤكدا ان إجمالي الحاجات الاستهلاكية للبلاد سنويا تبلغ حوالى 3 ملايين طن مـن الحبوب.

ويرى خبراء فى الشأن الاقتصادي ان هذا الوضع سينعكس سلبا على الفاتورة الغذائية للبلاد التونسية، التى تعتـبر أحد أكبر مستوردي الحبوب فى شمال أفريقيا، حيـث إن البدائل المتاحة ضيقة جدا، مع استمرار تعثر المفاوضات مع صندوق النقد الدولى للحصول على تمويل بقيمة 1.9 مليون دولار.

و وفق إحصائيات المعهد الوطني للإحصاء مـن الربع الثالث لسنة 2023، فقد جاء الي معدل التضخم 8.3%، بينما بلغت نسبه البطالة 15.8%.

فشل حكومي

ووسط هذا المشهد الضبابي يرى الخبير الاقتصادي آرام بالحاج، فى حديثه للجزيرة نت، ان حكومة سعيد التى تقول كل مرة، إنها احتجزت أطنانا مـن السلع الاستهلاكية، مازالت غير قادرة على إنهاء التوتر والقلق فى الشارع التونسي، محذرا مـن صعوبة الوضع الاقتصادي اثناء الفتره القادمة.

ويرى بلحاج ان الأزمة المستمرة فى نقص المواد الغذائية الأساسية دليل على فشل حكومة الرئيس سعيد فى وضع حلول لمعالجة الأزمة الاقتصاديه، مشيرا الي ان كل مؤشرات الاحتكار وضعف الرقابة الاقتصاديه تنبئ بانهيار اقتصادي وشيك.

ويؤكد بلحاج أنه لابد مـن رقمنة مسالك التوزيع الخاصة بالمواد المدعمة فى أقرب وقت وفرض رقابة صارمة على منظومة إنتاج الحليب والعلف، وفرض اجراءات صارمة امام المحتكرين.

ويرفض الرئيس التونسي قيس سعيد ما يسميها بـ”الإملاءات” خصوصا فى ما يتعلق برفع الدعـم عَنْ بعض المواد الاستهلاكية الأساسية وإعادة هيكلة مؤسسات تابعة للدولة تواجه صعوبات، منتقدا البنوك الخاصة، التى اعتبر أنها تحقق أرباحا كبيرة، وعليها ان تساعد فى إعادة بناء اقتصاد البلاد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى