على مر التَّارِيخُ، استطاع العديد مـن المتحايلين مـن جمع ثورات طائلة بطرق مختلفة. فإضافة لتشارلز بونزي (Charles Ponzi)، الإيطالي الأصل، الذى جمع مئات ملايين الدولارات بفضل طريقة هرم يونزي وأميرة كارابو (Caraboo) الوهمية التى حصـلت على التقدير والاحترام بإنجلترا، يذكر التَّارِيخُ اسم المتحايل الروسي بوريس سكوسايريف (Boris Skossyreff) الذى ذهب لبعيد عَنْ طريق الحصول على لقب ملك إمارة أندورا (Andorra) بعد تقديمه لتصريحات ووعود غريبة.
قصص تحايل ببريطانيا وهولندا وفرنسا وإسبانيا
مع بداية الثورة الروسية عَامٌ 1917، فرّ بوريس سكوسايريف، المولود عَامٌ 1896، مـن الإمبراطورية الروسية وانتقل نحو بريطانيا حيـث ترصد بطلب للحصول على اللجوء، وأواخر الحرب العالميه الأولى، تطوع الأخير بالجيش البريطاني لفترة وجيزة قبل تعرف الحرب نهايتها يـوم 11 تشرين الثانى/نوفمبر 1918 تزامنا مع قبول الألمان بالهدنة. لاحقا، عمل سكوسايريف بالسلك الدبلوماسي البريطاني وسافر نحو العديد مـن الدول، حيـث مارس عددا مـن الأنشطة التجسسية.
ومنتصف العشرينيات، انتقل سكوسايريف نحو هولندا، وهنالك وضع اسمه على قائمة الأشخاص الذين حامت حولهم الشكوك بسـبب الأنشطة الثورية المؤيدة للشيوعيين.
سكوسايريف عَامٌ 1936
مـن جهة ثانية، أصبح سكوسايريف معروفا لدى العديد مـن الهولنديين بسـبب أنشطة التحايل التى مارسها، فأثناء تنقله بين مختلف المناطق، اختلق سكوسايريف قصصا اعلن مـن خلالها عَنْ علاقاته بالعائلة الإمبراطورية بروسيا ودراسته ببريطانيا وتخرجه فى جامعة أوكسفورد وصداقته مع أمير بلاد الغال وحصوله على رتبة ملكية هامة بهولندا. مـن جهة ثانية، تورط الأخير بالعديد مـن المشكلات بسـبب نفقاته وتدليسه للصكوك البنكية التى وقع العديد منها دون امتلاكه لرصيد.
ومع انتقاله لإسبانيا، واجه سكوسايريف مشاكل مع الأمن بمدينة مايوركا حيـث اتهم حينها هذا الرجل الروسي بقضايا ارتبطت بمجال المخدرات. وعام 1931، تزوج سكوسايريف مـن امرأة فرنسية تكبره بـ 11 سنة أملا فى الحصول على الجنسية. الي ذلك، رفضت سلطات باريس منحه الجنسية الفرنسية بسـبب ماضيه السيئ فى مجال التحايل.
وعلى إثر ذلك، اتجه سكوسايريف لمواعدة العديد مـن النساء الفرنسيات المطلقات والأرامل أملا فى سلبهن مبالغ مالية تكفيه لمواصلة حياته على الأراضي الفرنسية.
سكوسايريف عَامٌ 1923
ملك لنحو 10 أيام
مع حلوله بإمارة أندورا اثناء شهر تموز/يوليو 1934، عانت الإمارة حينها مـن وضع اقتصادي صعب وانتشار للفقر. ومستغلا هذا العامل، تقرب سكوسايريف مـن عَدَّدَ مـن السياسيين البارزين بأندورا مستغلا كذبه بشأن مكانته المرموقة بأوروبا وعلاقاته بعدد مـن الملوك والأمراء الأوروبيين.
ومع وقوفه امام المجلس العام لأندورا، اعلن سكوسايريف عَنْ خطة لجعل الإمارة منطقه غنية عَنْ طريق جذب المستثمرين الأجانب وتحويلها لمنطقة تهرب ضريبي وإنشاء قاعات ألعاب عالمية، كالكازينو، واعتماد نظام ليبرالي. فضلا عَنْ ذلك، عارض سكوسايريف بشدة الوصاية الفرنسية والإسبانية على أندورا واتهم الفرنسيين بخلق الأزمات بالإمارة.
يـوم 6 تموز/يوليو 1934، صرح سكوسايريف نفسه ملكا على أندورا معتمدا اسم بوريس الاول. وفي الاثناء، حظي إعلانه هذا بدعم أغلبية نواب المجلس العام.
صورة لموقع إمارة أندورا
الي ذلك، أثارت هذه العملية غضب الفرنسيين والإسبان. وبالأيام التالية، تدخلت فرقة عسكرية إسبانية بأندورا وعمدت يـوم 14 تموز/يوليو 1934 لخلع سكوسايريف ونقله نحو برشلونه للمحاكمة. لاحقا، بطاقة حمراء سكوسايريف مـن إسبانيا وأرسل نحو البرتغال.
مع عودته لفرنسا، اعتقل سكوسايريف وأرسل نحو السجن. وعام 1942، اثناء الاحتلال الألماني، اعلن الفرنسيون عَنْ تجنيد الألمان لهذا الرجل الروسي الذى عمل لصالحهم كمترجم. ومع نهاية الحرب، أرسل الأخير نحو ألمانيا الغربية حيـث مكث لوهلة قبل ان يعتقل جاء الى المخابرات السوفيتية بألمانيا الشرقية عَامٌ 1948 بسـبب قيامه بأنشطة مشبوهة.
وعلى إثر ذلك، قضى ملك أندورا الذى دام حكمه لنحو 10 أيام 8 اعوام بمعسكرات الاعتقال قبل ان يستعيد حريته ويرسل نحو مدينة بوبار (Boppard) الألمانية التى قضى بها بقية عمره قبل ان يفارق الحياة عَامٌ 1989.