عثر العلماء خارج الأرض، ولأول مرة، على ما يسمونه CHNOPS المختصر كل العناصر الستة الرئيسية اللازمة لنشوء الحياة، اى الكربون والهيدروجين والنيتروجين والأكسجين والفوسفور والكبريت، فى قمر جوفه صخري وقشرته جليدية، وبينهما محيط عمقه 10 كيلومترات، هو قمر Enceladus السادس حجما بين 146 جرما تدور حول كوكب زحل الغازي العملاق.
وسبق لعلماء NASA الأميركية، ان حددوا “إنسيلادوس” كواحد مـن أكثر الأماكن احتمالية لوجود حياة فيه بالنظام الشمسي، بعد ان أمضى مسبار Cassini الذى جاء فى 2004 الي زحل، أكثر مـن 13 عاما يدرس حلقات الكوكب وأقماره، قبل ان تأمره “ناسا” بأن ينهار منتحرا فى 2017 دَاخِلٌ سحـب الكوكب العملاقة، وأثناء دخوله فيها جمع بيانات عَنْ غلافه الجوي أرسلها الي الأرض، ثم لفظ أنفاسه الاخيره.
وكان “كاسيني” حلل اثناء دورانه حول القمـر مياها سائلة تبدأ مـن سطحه فى أعمدة فوّارة، صعود بعضها 10 آلاف كيلومتر بالفضاء، ثم تتجمد كبلورات جليدية تشكل الحلقة E حول زحل، والمتتبعة مدار قمر “إنسيلادوس” فى الوقت نفسه، وفقا لما تلخص “العربية.نت” ما بثته الوكالات، نقلا عَنْ ورقة بحثية نشرتها مجـلة Nature العلمية البريطانية المرموقة، وفيها نتائـج تحليل قام به العلماء وعثروا فى تلك الأعمدة على 4 مـن CHNOPS المختصرة لبنات الحياة الرئيسية الستة.
ما وجدوه، كان C وH وN وO المعروفة برمز CO₂ لثاني أكسيد الكربون، كَمَا و CH₄ للميثان، إضافة الي NH₃ للأمونيا، ثم HCN لسيانيد الهيدروجين. ثم وجدوا بتحليل جديد ان “كاسيني” اكتشف S أيضا، أو H₂S لكبريتيد الهيدروجين، وكان ينقص P للفوسفور، حتـى اكتشفه العلماء بعد تحليل جديد آخر للبيانات قاموا به قبل مدة، فوجدوه مرتبطا بأعمدة القمـر دَاخِلٌ Na₃PO₄ المشيرة الي فوسفات الصوديوم.
مركبة ستهبط على سطحه
ورد بورقة البحث العلمية أيضا، ان الفوسفور “متوافر بسهولة فى محيط القمـر إنسيلادوس” وفقا لما اعلن البروفيسور Frank Postberg المؤلف الرئيسي للدراسة ورئيس علوم الكواكب بجامعة برلين الحرة، لصحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، وشرح ان المحيط الجوفي للقمر هو أكثر الأماكن الصالحة للسكن بالنظام الشمسي “لكن هذا لا يعني أنه يستقبل الحياة، أو مأهول بسكان” لذلك أرادت “ناسا” معرفة واقعه الحقيقي، فبدأت تعد لمهمة سمتها Enceladus Orbilander المميزة الي إرسال مركبة تدور حول القمـر ثم تهبط على سطحه بعد 15 الي 16 سنة على الأكثر.
ولأن الطاقة عامل مهم للحياة واستمرارها، وزحل يبعد أكثر مـن مليار و400 مليون كيلومتر عَنْ الشمس الموفرة للكوكب وأقماره القليل جدا مـن ضوئها، إلا ان قوى الجاذبية التى يمارسها الكوكب العملاق على قمره الصغير كافية لتسخينه، مما يوفر طاقة لازمة لتبرعم الحياة واستمرارها.
وأحد اهم المشاركين بورقة العمل، وهو الدكتور Christopher Glenn الناشط أيضا مع معهد Southwest Research Institute الأميركي، ذكر ان العلماء اكتشفوا فى السابق معادن ومركبات عضوية بجزيئات الجليد التى يطلقها إنسيلادوس، ولكن ليس الفوسفور، المعروف كعنصر أساسي بالحمض النووي والحمض النووي الريبي الموجود أيضا بعظام وأسنان البشر والحيوانات، حتـى وفي عوالق المحيطات “والذي لا يمكن للحياة كَمَا نعرفها ان تكون موجودة مـن دونه” لذلك اعتبر العثور عليه قفزة مذهلة ومهمة لوجود حياة خارج الأرض.