الاخبار العربية والعالمية

2023.. عَامٌ الكارثة الأسوأ بليبيا يمضي دون محاسبة وجبر ضرر | سياسة سام نيوز اخبار

طرابلس – مرت قرابة أربعة اشهر على الإعصار المدمر “دانيال” الذى ضرب عددا مـن مدن وقرى شرقي ليبيا يـوم 11 سبتمبر/أيلول الماضي، متسببا فى سيول وفيضانات كبيرة دمرت سدّي وادي درنة شرقي بنغازي، ومخلفا أضرارا بشرية ومادية غير مسبوقة.

وما زال الأهالي والنشطاء والمنظمات المحليه والدولية يتحدثون عَنْ ضعف كثير فى الاستجابة لعمليات انتشال الجثث والركام وإغاثة المنكوبين حتـى الساعة، كَمَا أعلن عَدَّدَ منهم للجزيرة نت.

استجابة حكومية بطيئة اكتنفتها البيروقراطية والتخبط وعجز السلطات عَنْ الحكـم الرشيد والتمييز بين الْأَوْضَاعُ الطبيعية والأزمات، يرى مدير مركز بيـان للدراسات نزار أكريكش أنها عمقت الأزمة “رغم الهبّة الشعبية فى البداية ثم المؤسسات المجتمعية والمدنية والهلال الأحمر الليبي والتي أضاعت جهودَها الاستجابةُ الرسمية السيئة”.

منظمة الصحة العالمية أكدت وفاة 4255 شخصا وتسجيل أكثر من 9000 مفقود خلال الأسبوع الأول لكارثة ليبيا (رويترز)
منظمة الصحة العالميه أكدت وفاة 4255 شخصا وتسجيل أكثر مـن 9 آلاف مفقود اثناء الاسبوع الاول لكارثة ليبيا (رويترز)

جدال الأرقام الرسمية

وما زالت السلطات فى شرقي ليبيا تصر على تسجيلها 4200 قتيل فقط، رغم تقديرات غير رسمية تفيد بأن عَدَّدَ القتلى الحقيقي يتجاوز هذا الرقم بكثير، كَمَا أعلن جهاز الإسعاف والطوارئ بطرابلس فى عدة مناسبات ان حصيلة القتلى الحقيقية لفيضانات مدينة درنة وما جاورها تجاوزت 16 ألفا.

اما الأمم المتحدة فأعلنت وفاة أكثر مـن 4 آلاف شخص، الي جانب 8 آلاف فى عداد المفقودين، ونزوح 43 ألف شخص، فى إحصائية غير محدثة.

جدال ارتفعت حدّتَه استقالةُ المتحدث باسم اللجنة العليا للطوارئ لحكومة الشرق محمد الجارح فى مؤتمر صحفي مباشر، بسـبب ما وصفه باستحالة الهامة والعجز عَنْ إيصال البيانات الدقيقه للمواطنين.

ليؤكد بعدها اللواء احمد المسماري المتحدث باسم اللواء المتقاعد خليفة حفتر مجددا ان عَدَّدَ الوفيات لا يتجاوز 4100، رغم تأكيدات منظمة الصحة العالميه وفاة 4255 وأكثر مـن 9 آلاف مفقود اثناء الاسبوع الاول للكارثة.

وضاعت الأرقام المؤكدة بعد اشهر، رغم المطالبات المتكررة محليا ودوليا، فى زحمة الخلافات السِّيَاسِيَّةُ بين سلطات الشرق والغرب الليبي، التى عجزت عَنْ تشكيل لجنة طوارئ مشتركة لإدارة الأزمة، ليظل عَدَّدَ المفقودين والمنتشلين مجهولا، فى “سابقة لم اعلن فى سائر كوارث العالم”، يقول عَدَّدَ مـن المراقبين للجزيرة نت.

قدرت اللجنة الوطنيه لحقوق الإنسان فى ليبيا أعداد النازحين جراء الفيضانات مـن مدن درنة وسوسة وشحات وبعض مناطق الجبل الأخضر شرقي البلاد المنكوبة، بأكثر مـن 44 ألف شخص، غالبيتهم موزعون فى المناطق الشرقية لليبيا بنسبة تقدر بـ93%، بينما نزح 7% الباقون الي غربي البلاد لا سيمّا العاصمة طرابلس.

ويعاني هؤلاء النازحون ظروفا إنسانية صعبة مع دخول فصل الشتاء، وبشكل أكبر الموجودين فى المدارس التى تُستخدم مراكز إيواء مؤقت.

ولم توفر كلا الحكومتين الاحتياجات الأساسية لهم، وتحديدا الملابس والفرش ووسائل التدفئة، ولم تمنحهم بدل سكن للاستئجار ولا مساعدات مالية للتغلب على معاناتهم، كَمَا يؤكد رئيس اللجنة الوطنيه لحقوق الإنسان احمد حمزة للجزيرة نت.

إعمار معطل

ويقول مسؤولون محليون وشهود عيان فى المناطق المنكوبة للجزيرة نت إنهم لم يشهدوا اى عمليات إزالة للركام والبدء بمشاريع إعادة الإعمار.

وأكد عَدَّدَ مـن متطوعي الهلال الأحمر استمرارهم فى انتشال الجثث وجمع عظام الضحايا التى يلفظها البحر بشكل مستمر، فى اثناء تصريحـات رسمية متضاربة حول التعويضات والبدء بالإعمار فى الوقت الذى يتحمل فيه الأهالي عبء إزالة الركام وتنظيف البيوت والشوارع، وفقما يوضح عَدَّدَ منهم.

وأعلنت حكومة الوحدة الوطنيه انسحابها مبكرا مـن مدينة درنة بعد خلافات مع الحكومة الموازية المكلفة مـن البرلمان، التى بدروها امتنعت منذ الأسابيع الأولى للكارثة عَنْ نشر البيانات بخصوص إدارتها الأزمة، مكتفية بصرف تعويضات مالية قليلة لا تلبي حاجة المتضررين، مما دعاهم الي رفض استلامها فى بعض المناطق، وفق تأكيد مصادر محلية للجزيرة نت.

وشكّل الانقسام السياسي بوجود مجلسين تشريعيين وحكومتين فى طرابلس وبنغازي، العائق الأكبر امام الاستجابة لكارثة درنة، كَمَا يوضح مدير مركز بيـان للدراسات نزار أكريكش.

وأضاف أكريكش، للجزيرة نت، ان تدخل الدولة جاء بعد أكثر مـن أسبوع مـن الكارثة، وأن عدم وجود فريق أزمة خارج اطار السلطات القائمة جعل الأزمة أزمتين: أولاهما ان الإدارة الحكومية الضعيفة نفسها تريد ادارة أزمة عاجلة، والثانية انقسام يتنافس فيه الساسة لتبييض صورتهم امام الرَّأْي العام واكتساب المزيد مـن الشرعية.

ويرى المتحدث ذاته أنه بعد المظاهرات الغاضبة التى خرجت فى درنة محملة رئيس مجلس النواب عقيلة صالح المسؤولية ومطالبة باستقالته، تعقدت الامور وأخذت طابعا سياسيا.

وأضاف ان هذا عزز الانقسام، فبدأ كل طرف ينافس ويعيق الطرف الآخر. ودخلت الأزمة فى حلقة مفرغة أدخلت الملف فى دواليب الدولة الفاشلة، واختفى عنصر السرعة والفاعلية الذى هو جوهر اى استجابة لمثل هذه الأزمات.

تحقيقات لم تكتمل

السلطات الليبية التى تعهدت بفتح تحقيق فى حادثة انهيار سدّي وادي درنة جراء الفيضان، لم ترصد اى نتائـج بعد مرور ثلاثة اشهر، رغم ما أعلنه حينها مكتب النائب العام بطرابلس مـن إيقاف وُصف بالشكليّ لعشرات المسؤولين.

وهو ما دعا منظمة هيومن رايتس ووتش للمطالبة بضرورة إجراء تحقيق مستقل لمراجعة ما وصفته بـ”تقاعس السلطات الليبية فى التعامل مع الفيضانات التى أودت بحياة آلاف المدنيين”.

وقالت المنظمة على لسان المديرة المساعدة لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حنان صالح إن “التساؤلات يجب ان تطرح على السلطات بشأن عدم توفير الصيانة الكافية للبنية التحتية القديمة، بما يشمل السدين المنهارين، رغم المخاوف القائمة منذ مدة طويلة بشأن حالتيهما”.

وأضافت حنان أنه منذ انتهاء ولاية بعثه الأمم المتحدة المستقلة لتقصي الحقائق بشأن ليبيا فى مارس/آذار الماضي، لم تعد هناك آلية تحقيق دولية فعالة فى ليبيا، داعية مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان وخبراء الأمم المتحدة الي الشروع فى التحقيق فى الانتهاكات والتجاوزات الحقوقية المرتبطة بالأزمة.

وأشارت رايتس ووتش الي ان هناك “سببا وجيها للاعتقاد بأن العاصفة كانـت ستكون أقل فتكا بكثير لو استجابت السلطات لإشارات الخطر بإجلاء الأشخاص الذين يعيشون فى منطقه الفيضانات”، داعية الي الإسراع فى التحقيق لتحديد سبب الخسائر الفادحة فى الأرواح وتمهيد الطريق للمحاسبة.

وفي الوقت الذى تطالب فيه جهات دولية بالتعجيل بنتائج التحقيقات ومحاسبة المسؤولين عَنْ آلاف الضحايا والمفقودين والدمار بالمباني والبنى التحتية، يطالب نشطاء محليون بالكف عَنْ سياسة تكميم الأفواه لكل منتقد للسلطات فى شرقي البلاد يتهمها بالتقصير فى الأزمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى