الاخبار العربية والعالمية

الأسير عباس السيد.. مهندس العمليات الاستشهادية التى هزّت إسرائيل | الموسوعة سام نيوز اخبار

عباس السيد مهندس فلسطيني وقائد سياسي وعسكري فى حماس فى محافظة طولكرم، ولد عَامٌ 1966، حصل على شهادة فى الهندسة قبل سجنه، ثم أكمل درجة الماجستير فى تخصصين مختلفين فى السجن، خطط ونفذ مع مجموعته عمليات استشهادية فى إسرائيل أدت الي مقتل ما لا يقل عَنْ 135 إسرائيليا، مما جعله المطلوب الاول لقوات الاحتلال.

اعتقلته إسرائيل عَامٌ 2002 وحكمت عليه بالسجن 35 مؤبدا و100 سنة، ورفضت الإفراج عنه فى صفقات تبادل الأسرى، ومنها صفقة “وفاء الأحرار” التى حدثت عَامٌ 2011.

المولد والنشأة

ولد عباس محمد مصطفى السيد فى مدينة طولكرم بالضفة الغربية فى 13 مايو/أيار 1966، ونشأ مع نكسة عَامٌ 1967، وأثرها الذى تركته على بلده. تزوج عباس مـن إخلاص الصويص فى أبريل/نيسان 1993 وأنجبا بنتا اسمها مودة عَامٌ 1997، وولدا اسمه عبد الله. وخلال اعتقاله فقد والدته وشقيقته.

تولّت زوجته تربية أبنائه بعد اعتقاله عَامٌ 2002 وعاشت اعوام اعتقاله الأولى فى منزل والدها، ثم عادت مع أبنائها الي منزل زوجها فى انتظار عودته إليهم.

عُرف بحبه للتعلم وسعيه الدائم لتطوير نفسه، وفي معتقله عُرف بين الأسرى بعزيمته وإصراره وثباته.

اخلاص السيد زوجة الاسير عباس السيد تحمل صورة زوجها الاسير والى جانبها وزير شؤون الاسرى عيس قراقع- الجزيرة نت
إخلاص السيد زوجة الأسير عباس السيد تحمل صورة زوجها الأسير وإلى جانبها وزير شؤون الأسرى عيسى قراقع (الجزيرة)

المسيرة التعليميه

حصل على الشهادة الابتدائية والإعدادية والثانوية فى مدارس مدينته، وأنهى الثانوية العامة فى الفرع العلمي بتفوق فى مدرسة الفاضلية العريقة.

سافر الي الأردن وأكمل تعليمه الجامعي فى جامعة اليرموك الأردنية بتخصص هندسة الميكانيك عَامٌ 1989.

وبين طلبة الثانوية والجامعة برزت شخصية عباس القيادية، فانتخب رئيسا للجمعية العلمية الطلابية لدورتين متتاليتين، وساهم فى تأسيس فريق “الرَّأْي والرأي الآخر”. وعلى خلفية نشاطه الملموس حجزت المخابرات الأردنية على جواز سفره ثم رحلته الي الضفة الغربية.

فى الضفة نشط عباس السيد فى نقابة المهندسين، وعمل فى شركة “الأنترميد” لتصليح الأجهزة الطبية، فانتدبته الشركة للدراسة فى الولايات المتحدة الأميركية، فسافر لمدة عَامٌ وأنهى تعليمه المتخصص فى أجهزة التنفس الاصطناعي فى 1992.

استطاع اثناء اعتقاله الحصول على درجة الماجستير بتخصصين، الاول مـن جامعة القديس أبو ديس فى تخصص الدراسات الإقليمية بتقدير جيدا جدا عَامٌ 2012، وقد حضرت زوجته وأخته وابنه حفل التخرج واستلموا الشهادة نيابة عنه.

الأسير عباس السيد يحصل على درجة الماجستير من جامعة لبنانية
الأسير عباس السيد حصل على درجة الماجستير مـن جامعة لبنانية (مواقع التواصل الاجتماعي)

اما شهادة الماجستير الثانية فحصل عليها مـن كلية الدعوة الجامعية للدراسات الإسلامية فى بيروت عَامٌ 2022، بتقدير ممتاز وكان عنوان رسالته “العملات الافتراضية المشفرة: ماليتها – حكـم تعدينها (البيتكوين أنموذجا)”.

ورغم كل التضييق الذى يعيشه فى سجنه، والتحديات والعقبات التى وضعتها ادارة السجن الإسرائيلية، فإنه استطاع تجاوزها، وتشير زوجته فى مقابلة أجريت معها ان ابرز الصعوبات التى واجهتهم اثناء دراسة زوجها فى السجن هى تأمين الكتب والمراجع التى يحتاجها للدراسة.

فقد ضيقت ادارة السجن عليه، ورفضت إدخال الكتب لزيارات متتالية، واضطرت زوجته فى تلك الفتره الي توزيع الكتب على عائلات الأسرى ليتم تمريرها عَنْ طريق ابنائهم فى الأسر وتصل الي عباس، كَمَا منعت ادارة السجن إدخال الكتب السميكة، فاضطرت زوجته الي تغيير أغلفة الكتب وحجمها فى المطبعة حتـى يُسمح بدخولها.

“إلفيس بريسلي” فى حماس

عندما عاد عباس مـن الأردن التحق بصفوف حركة حماس، وتولى فيها ادارة الملف الطلابي، وقد قدر له ان يصعد فى سلم المسؤوليات مبكرا، فقد أبعدت سلطات الاحتلال الإسرائيلي 415 فلسطينيا مـن حركتي حماس والجهاد الإسلامي مـن الضفة والقطاع الي الحدود اللبنانية فى 17 ديسمبر/كانون الاول 1992، بينما عرف بإبعاد “مرج الزهور”، وظنت إسرائيل حينها أنها اجتثت حركات المقاومة مـن جذورها، ولكنها فى واقع الحال كانـت فرصة للتنظيمين لإعادة البناء والتنظيم على يد جيل جديد لديه فكر مختلف وطاقة وافرة للعمل.

كان عمر عباس السيد حينها لا يتجاوز 26 عاما، وكان مجهولا لدى سلطات الاحتلال، وقد أعطى ذلك لفتى عائد مـن تجربة أميركية يملؤه الحماس كي ينطلق فى حركة خفيفة حرة بمدن الضفة الغربية على هيئة لا تشبه الصُّورَةُ التقليدية لشباب الحركة الإسلامية، حتـى إن أحد المحققين الإسرائيليين شبهه بمغني الروك الأميركي المعروف “إلفيس بريسلي”.

الأسير القيادي عباس السيّد
انتخب عباس السيد رئيسا للجمعية العلمية الطلابية وساهم فى تأسيس فريق “الرَّأْي والرأي الآخر” (مواقع التواصل الاجتماعي)

المطاردة وتجارب الاعتقال السريعة

بدأت المخابرات الإسرائيلية ترصد حركة عباس السيد مع بدايات صيف عَامٌ 1993، واعتقلته فى 21 يونيو/حزيران مـن العام نفسه بعد زواجه بأقل مـن شهرين، وحققت معه سلطات الاحتلال على خلفية الاشتباه بضلوعه فى تشكيل “كتائب عبد الله عزام”، التى خططت حماس لأن تكون الجناح العسكري لها فى الضفة، لولا ان خلاياها فى طولكرم كشفت قبل ان تبدأ نشاطها.

وفي سجن الاحتلال المركزي بطولكرم، الذى عُرف باسم “المسلخ” لقساوته، ترصد عباس لتحقيق عسكري شديد، ولم تثبت عليه اى تهمة فخرج بعد 11 شهرا.

بعد السجن انتدب عباس ليكون ناطقا باسم حماس، وذلك مع حالة انتعاش شهدها نشاطها الحركي فى الضفة بعد تمام عودة المبعدين مـن مرج الزهور فى 17 ديسمبر/كانون الاول 1993، لكنه سرعان ما اعتقل مجددا فى 22 نوفمبر/تشرين الثانى 1994، ضوء حملة إسرائيلية شملت 22 شخصا فى استهداف مدروس للحركة بمحافظة طولكرم.

ترصد عباس لتعذيب قاس لأخذ اعتراف بتهم متعددة، منها: التمويل والتنظيم وعضوية جهاز عسكري وغيرها. ولكنه مكث فى سجنه 19 شهرا مـن دون اعترافات، بل تفنن فى كتابة شعارات على جدار الزنزانة تنمي روح الصمود لدى الأسرى وتبث اليأس فى نفوس السجانين، مثل “الإنكار أقرب الطرق الي الدار”، و”الاعتراف خيانة لله والوطن والمبدأ الكريم”، “ألم الشبح يزول وقبح المحقق يختفي، لكن ألم الاعتراف باق لا يزول، فاحذروا الاعتراف”، و”المسلم مـن سلم المسلمون مـن لسانه ويده”.

لكن الضربة التى وجهت لحماس فى طولكرم عَامٌ 1994 أجبرت عباس السيد على التريث، فلم يعاود نشاطه بعد الخروج مـن السجن مباشرة، بل افتتح شركة تبريد وتكييف، وعمل فى إصلاح الأجهزة الطبية بعدد مـن المستشفيات.

وفي 1997 اعتقلت أجهزة السلطة الفلسطينية المئات، ومن بينهم عباس السيد، فتنقل فى سجون طولكرم ونابلس، وتعرض فى سجن أريحا لتحقيق قاس قبل الإفراج عنه.

اثناء اندلعت الانتفاضة الثانية، “انتفاضة الأقصى” عَامٌ 2000، كان عباس السيد قائد حركة “حماس” فى محافظة طولكرم وممثلها فى شمال الضفة الغربية، مـن دون ان يُعرف حينها أنه يقود مجموعه واسعة مـن مجموعـات العمل العسكري فى طولكرم والمناطق المحيطة بها، ارتكزت على مجموعه ضيقة مـن المقربين، ونفذت عدة عمليات نوعية.

فى السابع مـن أكتوبر/تشرين الاول 2001 اعتقلت السلطة الفلسطينية عباس السيد لكنه فر مـن السجن بعد اسبوعين، ليخرج على الناس فى مهرجان حاشد فى فبراير/شباط 2002، ويتحدى خطة شارون للقضاء على المقاومة فى 100 يـوم، بإعلان تبني 10 عمليات قبل وقوعها، ولم تستطع إسرائيل إيقاف مسلسل العمليات المعلن، لكنها نشرت قائمة بالمطلوب اغتيالهم، تضمنت عباس السيد.

نابلس- صور تظهر محاكمة الأسرى وتمثيلهم امام المحاكم مقيدين- تصوير عاطف دغلس- الجزيرة نت26
صور تظهر محاكمة الأسرى وتقديمهم امام المحاكم مقيدين (الجزيرة)

الاعتقال والمحاكمة

فى 27 مارس/آذار 2002، وقع انفجار فى فندق بارك بمدينة نتانيا أدى الي مقتل 30 إسرائيليا وجرح 200 آخرين، فى عملية مثّلت مفترقا هاما فى انتفاضة الأقصى، إذ أتت فى ضوء عمليات أدت الي مقتل 135 إسرائيليا فى شهر واحد، كَمَا مثلت العملية التى نفذت بإشراف عباس السيد تطورا نوعيا فى هجمات حماس.

اطلقت إسرائيل على هذه العملية اسم “مجزرة عيد الفصح”، وقالت إنها أعتى هجـوم “رأس الحربة” تعرضت له إسرائيل، وبدأت حكومة شارون فى 29 مارس/آذار 2002 ما سمته عملية الدرع الواقي، وحشدت لها ما يقارب 30 ألف جندي لاحتلال ومهاجمة مدن السلطة الفلسطينية والقضاء نهائيا على انتفاضة الأقصى، وقد استمرت العملية حتـى العاشر مـن مايو/أيار 2002.

شددت قوات الاحتلال مطاردة عباس السيد وتعرض لمحاولات اغتيال واعتقال، ثم داهمت منزله واعتقلت زوجته فى بداية مايو/أيار 2002 للضغط عليه لتسليم نفسه، لا سيما أنه بقي مطاردا مدة 7 اشهر.

وفي الثامن مـن مايو/أيار 2002 حلق طيران إسرائيلي فى سماء مخيم طولكرم وفرضت قوات الاحتلال طوقا حوله حتـى وصلت الي البيت الذى كان فيه عباس، وكان الرجل الذى يستضيفه فى بيته خارجا يبحث عَنْ مأوى آخر له، ولكنه لم يستطع الرجوع بسـبب حصار المخيم.

لم يكن باقي أفراد البيت الذى يستقبل عباس على علم بأن لديهم مطاردا تصفه إسرائيل بأنه أخطر شخص عليها، فخرج السيد ليسلم نفسه الي كتيبة الجيش.

بين الجدران

وحكم على عباس السيد بالسجن 35 مؤبدا و100 سنة أخرى، ولكنه رأى فى السجن فضاء مظلما يطلق الخيال الحر لابتكار أفكار جديدة تتحدى اليأس وقسوة الجدران، فطرح مبادرة سميت “النطف المحررة”، وتعمل على تهريب نطف الأسرى الي زوجاتهم لتحقيق حلم عزيز بإنجاب الأولاد، وقد أثمرت عَنْ إنجاب الأسرى عشرات الأطفال.

كَمَا ابتكر ما سمي بـ”الغرفة النموذجية” فى السجن، بهدف تربية وإعداد مـن تُتوسم بهم القيادة، فتلقوا التدريبـات المتنوعة كالتدرب على اتخاذ القرارات وكيفية العيش كقائد، وتلقوا العلوم المتنوعة كالإدارة والسياسة والفقه والأمن، كَمَا حصل وهو خلف القضبان على درجة الماجستير، وقد تولى فى السجن رئاسة الهيئة العليا لأسرى حماس بالسجون الإسرائيلية.

وتعرض عباس السيد فى السجون الإسرائيلية للتضييق والتنكيل، مـن ذلك حبسه انفراديا لسنوات والاعتداء عليه ومحاولة اغتياله فى مارس/آذار 2012، وإزاء ذلك مارس عباس حقه فى الاعتراض والرفض بمختلف الوسائل، ومنها إعلانه الإضراب فى الثامن مـن يوليو/تموز 2015، لينجح فى إجبار سلطات سجن هداريم على إنهاء عزله وسوء معاملته وأنهى الإضراب على إثرها.

يحضر اسم عباس على نحو دائم فى قائمة مـن ترفض إسرائيل الإفراج عنهم فى اى صفقة لتبادل الأسرى، ومن ذلك رفضها لإطلاق سراحه ضوء صفقة شاليط التى سميت “وفاء الأحرار” عَامٌ 2011.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى