الاخبار العربية والعالمية

“تفاهمات يوروفايتر” مع بريطانيا.. هل فقدت أنقرة الأمل فى صفقة “إف -16″؟ | آراء سام نيوز اخبار

.بعد مباحثات متعددة، ولقاءات متبادلة بين مَسْؤُولِي الملفّ العسكري فى كل مـن، تركيا، وبريطانيا- والمستمرة منذ أكثر مـن عامين- تم فى نهاية المطاف توقيع اتفاق مؤخرًا، يهدف الي زيادة حجم التعاون فى العلاقات الأمنية والدفاعية بين البلدين.

الاتفاق يتضمن موافقة لندن على بيع أنقرة أربعين مقاتلة مـن طراز “يوروفايتر تايفون”، التى تساهم فى إنتاجها بالشراكة مع كل مـن إسبانيا، وإيطاليا، وألمانيا.

هذا الاتفاق- الذى اىّدته إسبانيا، وإيطاليا- ترفضه ألمانيا لأسباب ترتبط برؤيتها لملف حقوق الإنسان فى تركيا، وتدخلاتها العسكرية فى الشمال السوري.

وتعهّدت إسبانيا، وبريطانيا بالعمل على إقناع ألمانيا بتغيير موقفها، والموافقة على تنفيذ هذه الصفقة؛ لما تمثّله مـن اهميه لحلف الناتو ولأعضائه فى اثناءّ الظروف الصعبة التى يمرّ بها العالم اليـوم، خاصةً ان موقع تركيا الجيوسياسي يجعلها تهيمن على بوابة البحر الأسود.

وهو الامر الذى ساهم حتـى الان فى عرقلة مرور السفن الحربيّة الروسية، وفي تصدير ملايين الأطنان مـن الحبوب الأوكرانية، مما أنقذ العالمَ مـن مجاعة كانـت محتملة الحدوث فى كثير مـن دوله، فى حال توقّف تصدير الحبوب الأوكرانية جراء الحرب الدائرة بينها وبين روسيا.

تزويد سلاح الطيران التركي بهذا النوع مـن الطائرات العسكرية الأوروبية تحديدًا، سينعكس دون شكّ على زيادة القدرات الدفاعية لتركيا.

كَمَا سيعمل على سدّ الفجوة فى أسطولها الجوي مـن مقاتلات الجيل الخامس؛ فى اثناءّ استمرار رفض الكونغرس الأميركي إتمام صفقة بيعها أربعين طائرة مـن طراز “إف -16″؛ تعويضًا لها عَنْ استبعادها مـن عملية تصنيع وإنتاج طائرات “أف -35″، وإصراره على ربط هذه الصفقة بموافقة تركيا على عضوية السويد فى حلف الناتو.

عضوية السويد

هذه الموافقة التى لا تزال تراوح مكانها، خاصةً بعد ان قررت لجنة الامور الخارجية فى البرلمان التركي تاجيلَ التصويت على طلب السويد، مُرجِعةً هذا التأجيلَ الي ضرورة اقتناع جميع مجموعه البرلمان وموافقتهم بشكل كامل، وهو ما لم يحدث نتيجه عدم وجود خارطة طريق مكتوبة ومعلنة لمكافحة الإرهاب مـن جانب حكومة السويد.

موقف البرلمان التركي جاء متناسقًا مع تصريحـات سابقة أدلى بها الرئيس أردوغان، أكّد فيها أنه لن يتهاون مع الدول التى تسمح بالمساس بمقدسات المسلمين، فى إشارة الي موافقة السويد والدانمارك على حرق نسخ مـن القرآن الكريم.

مضيفًا أنه شخصيًا لا يترقب ان يوافق البرلمان التركي على طلب السويد، فى اثناء استمرار السماح لعناصر حزب العمال الكردستاني بالاحتجاج، والتظاهر فى شوارع ستوكهولم، مطالبًا السويد بضبط قوانينها وإدخال التعديلات اللازمة عليها لإنهاء هذه الفوضى فى شوارعها.

نصيحة تركية للإدارة الأميركية

تمسُّك تركيا بصفقة “يوروفايتر تايفون” البريطانية، والإصرار على إتمامها، يشير الي أمرَين: أولهما: فقدانها الأمل فى إمكانية إتمام صفقة “إف – 16” لصالحها فى المنظور القريب على الأقل، بعد ان تمّ ربطها بشروط تراها أنقرة تدخلًا غير مقبول فى قراراتها السيادية.

وثانيهما: رد عملي مـن جانبها على الموقف الأميركي المناهض لمصالحها، ومحاولات واشنطن الضغط عليها، ومقايضة مصالحها العسكرية الملحّة بمواقفها السِّيَاسِيَّةُ، مما يعد مساسًا غير مقبول باستقلالية قرارها، وسيادتها الوطنيه، ورؤيتها لأمنها القومي.

إتمام صفقة “يوروفايتر” هو فى حقيقة الامر رسالة للإدارة الأميركية؛ مفادها ان هناك بدائلَ أخرى متاحة امام تركيا، وأن الإحجام عَنْ تنفيذ صفقة “إف -16”- إضافة الي أنه لن يخدم مصالح اىّ مـن البلدين- سيزيد مـن حجم الضرر الواقع على مجمل علاقاتهما الإستراتيجية.

هذا يعني تراجع النفوذ الأميركي فى بحر إيجه، وشرق المتوسط لصالح روسيا وحلفائها، وأن السعي لتقويض عمليات تطوير تركيا ترسانتَها الحربيةَ، وفرض اجراءات على صناعتها العسكرية، لن يثنيها ذلك عَنْ تطوير قدراتها، وتنويع مصادر تسليحها، وزيادة حجم شراكاتها العسكرية؛ حفاظًا على مصالحها وأمنها القومي.

تحذير مباشر لليونان وقبرص

كَمَا أنها رسالة مباشرة وواضحة الي جارتَيها: اليونان وجنوب قبرص، بأنها عازمة على الحفاظ على تفوقها العسكري عليهما، وتطوير قدراتها فى مواجهه ترسانتهما، مهما جاء الي حجم الدعـم الأميركي لكلتيهما، إذ تحظى الدولتان بدعم عسكري أميركي غير مسبوق، حيـث تم تزويدهما بعدد هائل مـن الأسلحة والذخائر الأميركية حديثة الصنع، وفي مقدمتها طائرات “أف-35″، التى تمَّ استبعاد أنقرة منها، إضافة الي نقل المزيد مـن المقاتلين فى القوات الأميركية، وإقامة عَدَّدَ كثير مـن القواعد العسكرية الأميركية على أراضيهما، ووضع جزء مـن أسطولها البحري فى موانئهما، وهو ما اعتبرته أنقرة محاولة مـن جانب واشنطن لاستبدالهما بها، ورفع قدراتهما القتالية مقابل الحد مـن قدراتها العسكرية.

إزالة القلق مـن سباق التسلح

لذا فإنه مما لا شك فيه انّ هذا النوع مـن الطائرات القتالية سيضمن لتركيا استمرار تفوق قواتها الجوية فى المنطقة، التى تموج بالكثير مـن التوترات السِّيَاسِيَّةُ، والخلافات الأيديولوجية.

خاصةً ما يرتبط منها بالرفض الأوروبي – الأميركي لتحركاتها فى شرق المتوسط، ومساعيها للتنقيب عَنْ الطاقة، وما تتعرّض له مـن ضغوط مـن جانب خصومها الإقليميين والدوليين لإعاقة مصالحها، والحد مـن نفوذها فى مناطق طالما اعتبرتها امتدادًا طبيعيًا لها تاريخيًا، وبُعدًا إستراتيجيًا للحفاظ على أمنها القومي.

إضافةً الي إزالة قلقها الناجم عَنْ توسيع القدرات الدفاعية الجوية لعدد مـن دول المنطقة الأكثر تأثيرًا فى مساراتها السِّيَاسِيَّةُ، مثل: مصر، وبعض دول الخليج، وإسرائيل، وهو التوجّه الآخذ فى التنامي، حيـث تتدفّق أنواع مختلفة مـن الأسلحة التى تقدر بمليارات الدولارات، بدعم مـن فرنسا والولايات المتحدة، وعدد مـن الدول الأوروبية.

إضافة الي ان زيادة حجم التعاون- فى مجال الصناعات الدفاعية بين لندن وأنقرة- مـن شأنه تعديل مسار طموحات الاخيره الخاصة بتطوير صناعة محركات مقاتلاتها المحليه بالتعاون مع الشركات الأوكرانية؛ نتيجه استمرار الحرب الروسية – الأوكرانية، إذ تخطط تركيا حاليًا لاستبدال بريطانيا بأوكرانيا، مـن اثناء رغبتها فى توسيع نطاق التعاون بين شركات الصناعات الدفاعية لديها ونظيرتها البريطانية؛ لتطوير محركات طائراتها محلية الصنع، والاستفادة مـن الخبرات البريطانية فى هذا المجال.

مكاسب اقتصادية وسياسية

أمّا المكاسب السِّيَاسِيَّةُ والاقتصادية- التى تسعى أنقرة لإحرازها مـن وراء إتمام هذه الصفقة، خاصة فى اثناء أزمتها الاقتصاديه- فهي رفـع مستوى علاقاتها التجارية مع بريطانيا، التى تعد ثاني اهم شريك تجاري على الصعيد الأوروبي بعد ألمانيا مباشرة، وسابع شريك تجاري على مستوى العالم، باستثمارات بلغت قيمتها 19 مليار دولار.

ومساهمة الشركات البريطانية البالغة 3200 شركة بحوالي 13.5 مليار دولار، مـن أصل أكثر مـن 250 مليار دولار استثمارات دولية مباشرة دَاخِلٌ تركيا اثناء العشرين عَامًٌا الماضية، فى مجالات: الاتصالات، والتكنولوجيا، والتصنيع، والطاقة.

ومن هنا يتّضح مدى الأهمية التى توليها أنقرة لنجاح بريطانيا وإسبانيا فى إقناع ألمانيا بإتمام صفقة الطائرات هذه، للمضي قدمًا فى جني المكاسب الجمّة التى يمكن ان تنجم عنها، مما يزيد مـن قوة تأثيرها على المستويَين: الإقليمي والدولي، ويمنحها القدرة على مواجهه التحديات والمعوقات التى تقف فى طريق تحقيق أهدافها السِّيَاسِيَّةُ والإستراتيجية والأمنية.

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى