الاخبار العربية والعالمية

غزة فى الحرب.. الحصول على “كوب ماء” قصة عذاب | سياسة سام نيوز اخبار

غزة- ما إن تبزغ أشعة الشمس صباح كل يـوم، حتـى يحمل مصطفى أبو شقفة “غالونا” فارغا (عبوة بلاستيكية) ويتجه نحو محطة للتحلية فى مدينة دير البلح وسـط قطاع غزة، ويبدأ مرحلة جديدة مـن الكفاح للحصول على القليل مـن المياه الصالح للشرب له ولأسرته.

وأمام محطة تحلية المياه التابعة لسلطة مياه بلديات الساحل، يصطف الأهالي لساعات طويلة فى طوابير تختلط بسيارات وبعربات تجرّها الدواب.

هذا الروتين اليومي يعكس قصة معاناة سكان غزة وصمودهم منذ 20 يوما بعد إعلان إسرائيل الحرب على القطاع، وقطع جميع إمدادات الكهرباء والمياه وإغلاق جميع المعابر، وشنها غارات وحشية أسفرت عَنْ استشهاد نحو 7 آلاف شخص، وجرح أكثر مـن 18 ألفا.

الخزان الجوفي هو المصدر شبه الوحيد الذي يعتمد عليه غالبية سكان غزة للحصول على قرابة 94% من احتياجهم الكلية للمياه (الجزيرة)
الخزان الجوفي هو المصدر الوحيد الذى يعتمد عليه سكان غزة للحصول على قرابة 94% مـن احتياجاتهم مـن المياه (الجزيرة)

أزمة خانقة

ويعاني القطاع حاليا مـن أزمة مياه خانقة جراء انقطاع التيار الكهربائي، وعدم القدرة على تشغيل مولّدات الكهرباء بسـبب نفاد الوقود.

وتعمل محطات تحلية المياه بشكل جزئي بسـبب أزمة الكهرباء، بينما لا يتمكن السكان مـن تشغيل الآبار الجوفية للسبب ذاته. ويزيد مـن خطورة الأزمة عدم عمل سيارات نقل المياه بسـبب نفاد الوقود.

ويضطر المزيد مـن النازحين الي شرب مياه مالحة وملوثة ما يهددهم بالإصابة بالأمراض والأوبئة. ويقول الشاب أبو شقفة إنه نزح مع أسرته مـن مدينة غزة الي دير البلح (وسـط)، هربا مـن الغارات الشديدة ومن تهديدات جيش الاحتلال الإسرائيلي.

وأضاف للجزيرة نت، أنه كان يعتقد ان الظروف الأمنية والمعيشية ستكون افضل حالا، حسبما يدعي جيش الاحتلال، لكنه فوجئ ان الأحوال لا تقل سوءا، حيـث لا يتوفر الطعام، ولا الشراب، ولا الأمن ايضا.

سكان غزة قبل العدوان لا يحصلون إلا على 35% مـن احتياجاتهم مـن المياه (الجزيرة)

على حافة الهاوية

ويوضح أبو شقفة بينما كان ينتظر دوره “غزة تعاني مـن نقص المياه قبل الحرب، فما بالك الان؟ نحن نازحون، ولكن فوجئنا بعدم وجود مياه ولا اى شيء يمت للحياة بصلة. وكي نعبئ 20 لترا، نأتي الي هنا منذ الصباح”.

ويصف أبو شقفة وضع المياه فى القطاع بأنه على حافة الهاوية، وأكد ان غزة تعيش كارثة “ومن لديه ضمير يجب ان ينظر إلينا بعين الرحمة”.

ويشير الي ان سكانا كثيرين باتوا يخلطون المياه المالحة بالمُحلاة كي يزيدوا مـن كميتها، فى سعيهم للبقاء على قيد الحياة. ولكن خلط المياه، يزيد مـن تلوثها وقد يؤدي الي الإصابة بالأمراض والأوبئة.

بينما وزارة الداخلية فى غزة قد حذرت، فى بيـان يـوم 19 أكتوبر/تشرين الاول الحالي، مـن ان “المواطنين فى غزة يشربون مياها ملوثة غير صالحة للشرب، ما ينذر بواقع صحي خطير وتفاقم للأزمة الصحية فى القطاع”.

ويقول الشاب أبو شقفة إن ثلاثة مـن أطفاله أصيبوا بنزلة معوية بسـبب المياه الملوثة.

وزارة الداخلية في غزة حذرت من أن المواطنين يشربون مياها ملوثة غير صالحة للشرب (الجزيرة)
وزارة الداخلية فى غزة حذرت مـن ان المواطنين يشربون مياها ملوثة غير صالحة للشرب (الجزيرة)

موارد غير كافية

وبحسب شهود عيان تحدثوا للجزيرة نت، فإن المزيد مـن سكان غزة يجلبون المياه المالحة بواسطة الأواني مـن شاطئ البحر للاستحمام وتنظيف المنازل.

ويشكو بائعو المياه المُحلاة مـن قسوة ظروف عملهم فى هذه الأيام، نظرا لصعوبة الحصول عليها ولعدم امتلاكهم الوقود اللازم لتشغيل سياراتهم. ودفع هذا الوضع العديد مـن مالكي العربات التى تجرها الدواب الي العمل كبائعي مياه، كونهم لا يحتاجون للوقود فى عملهم.

ويقول البائع خالد بركة، بينما كان ينتظر دوره لتعبئة المياه امام محطة التحلية “الماء هنا لا يكفي خاصة بعد تعطل العديد مـن محطات التحلية فى المناطق الاخرى، ما يدفع سيارات التعبئة مـن مناطق أخرى للقدوم الي هنا”.

وأضاف للجزيرة نت، ان مئات الآلاف مـن النازحين مـن شمال غزة، زادوا مـن حدة الأزمة لأن الموارد المتاحة فى المحافظة الوسطى لا تكفي الجميع.

ويقول إنه يخشى المرور بسيارته مـن المدارس التى تؤوي النازحين، حتـى لا يتشاجر معهم على كمية المياه القليلة التى يحملها. ويؤكد ان منزله يعاني أيضا مـن قلة المياه مثل بقية السكان.

مواطنون وبائعو مياه يصطفون أمام محطة تحلية مياه في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة للحصول على المياه وسط أزمة خانقة يعيشها القطاع منذ نحو 20 يوما
محطات تحلية المياه فى غزة تعمل بشكل جزئي بسـبب أزمة الكهرباء (الجزيرة)

اضطرار

ويضيف بركة ان بائعي المياه توقفوا عَنْ التحرك لبيع المياه بسـبب قلة الوقود، وأصبحوا يقفون فى مكان محدد، بينما يأتي السكان بجالوناتهم للتعبئة. ويقول إن المياه التى توفرها محطة التحلية حاليا، ليست عذبة تماما، لكنهم مضطرون للتعامل معها.

اما البائع رمضان ياسين، فيقول إنه يأتي فى الساعة 6 صباحا لتعبئة المياه، ويضطر للانتظار عدة ساعات حتـى يتمكن مـن الحصول على كمية قليلة مـن المياه.

ويضيف للجزيرة نت “المحطة تعمل بشكل جزئي بسـبب قلة الوقود. وتقريبا كل ساعة يشغلون المياه لمدة ربع ساعة فقط، وهذا هو سبب الزحام هنا، وقلة المياه”.

ويوضح ان المزيد مـن السكان يطلبون منهم مياها مالحة للتنظيف، وهو أمر غير متاح أيضا. ويؤكد ان العديد منهم يشربون مياها ملوثة ومالحة بسـبب الأزمة الخانقة الحالية، ويضيف “نسمع عَنْ حالات مغص وإسهال ونزلات معوية بسـبب المياه”.

نازحون كثيرون يضطرون إلى شرب مياه مالحة وملوثة ما يهددهم بالإصابة بالأمراض (الجزيرة)
نازحون كُثر يضطرون الي شرب مياه مالحة وملوثة ما يهددهم بالإصابة بالأمراض (الجزيرة)

ضغط نفسي

بدوره، يقول البائع أنس أبو ضهير -للجزيرة نت- إن بائعي المياه يعيشون أوضاعا صعبة للغاية لعدم توفرها. ويضيف “نعيش ضغطا نفسيا كبيرا مـن الزبائن، لأننا لا نستطيع توفير المياه للجميع. نعاني كثيرا، نخرج مـن الساعة السادسة صباحا وننتظر حتـى وقت الظهر لنحصل على نقلة مياه واحده حتـى نرضي الناس”. ويتابع “لا نعمل بشكل يومي لعدم توفر السولار، الامور صعبة جدا”.

ويعاني قطاع غزة منذ اعوام طويلة مـن أزمة مياه خانقة، حيـث تقول مؤسسات كثيرة إن السكان -قبل الحرب- كانوا لا يحصلون إلا على نحو 35% مـن احتياجاتهم الحقيقية للمياه.

وبحسب اخبار رسمية، فإن الخزّان الجوفي يعتبر المصدر شبه الوحيد الذى تعتمد عليه غالبية سكان القطاع فى الحصول على قرابة 94% مـن احتياجهم الكلي مـن المياه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى