الاخبار العربية والعالمية

مفكر مصرى للجزيرة نت: “طوفان الأقصى” فرصة القاهره للتحرر مـن كامب ديفيد | سياسة سام نيوز اخبار

القاهرةـ كرس المفكر المصرى “محمد عصمت سيف الدولة” حياته وجهوده للقضية الفلسطينية، ويعد ضوء المفكرين الأكثر إنتاجا مـن حيـث الكتابة والبحث والمحاضرة، بين كتاب جيله، بينما يتعلق بفلسطين وتاريخها وحاضرها، دفاعا عَنْ القضية ونقدا للمصطلحات التى “تميّع” الصراع، بتقديره.

ومع اندلاع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، نشر سيف الدولة مجموعه فيديوهات ومقالات شدد خلالها على ضرورة اتخاذ السلطات المصرية مواقف وقرارات حازمة تجاه العدوان، ومنها فتح معبر رفح بوصفه معبرا فلسطينيا مصريا، وسحب السفير المصرى لدى إسرائيل، وتجميد اتفاقيات السلام بين القاهره وتل أبيب.

فما الذى يمنع إمكانية تنفيذ تلك المطالب؟ سألناه، فقال “كلها إجراءات فى الإمكان الإقدام عليها واتخاذها حتـى فى اثناء قيود اتفاقيات كامب ديفيد، بل هى فى الحقيقة إجراءات حتمية بعد الرصد الدقيق للمخاطر والعواقب الكارثية المترتبة على استمرار جرائم الابادة والتهجير على غزة”.

وفي حواره للجزيرة نت، تمنى سيف الدولة ان يكون هناك توجه مصرى رَسْمِيٌّ قد تبلور الان فى اتجاه ضرورة التصعيد الدبلوماسي والسياسي بمواجهة إسرائيل.

وإلى تفاصيل الحوار:

  • كتبت عَنْ الممكن امام مصر، مثل تجميد العمل ببعض مواد اتفاقية كامب ديفيد وطرد السفير الإسرائيلي وفتح الأنفاق وحفر المزيد منها والتهديد بإغلاق قناة السويس، وغيرها مـن الإجراءات، ألا يشكل هذا إعلان حرب مـن طرف القاهره؟

العكس هو الصحيح، فهذه فرصة مصر التاريخية للتحرر مـن سجن اتفاقيات كامب ديفيد وقيودها التى فرضها الأميركيون وإسرائيل منذ عَامٌ 1979، فمصر تتعرض الان لتهديدات ومخاطر جسيمة قد تهدد وجود الدولة نفسها، لو نجح المخطط الإسرائيلي فى تهجير ما يزيد على مليون فلسطيني الي سيناء، وهو ما يعطي اى دَوْلَةٌ الحق فى تجميد اى اتفاقيات أو معاهدات دولية تقيد قدرتها على الدفـاع عَنْ نفسها وحماية أمنها القومي.

إن الفزاعة الشهيرة التى كانـت جماعة كامب ديفيد تروج لها دائما بأن اى إخلال مـن مصر بالتزاماتها فى المعاهدة يعني الحرب، هى كذبة كبرى، فمن حق كل الدول ذات السيادة ان تتراجع وتعيد النظر فى كل معاهداتها، وفقا لمصالحها وتبعا لتغير الظروف وإلا كانـت معاهدات بالإكراه.

إن الذريعة التى كانوا يطلقونها على الدوام مـن ان الإخلال بالمعاهدة سيعرض سيناء لمخاطر الاحتلال الإسرائيلي مجددا، لا مجال للتذرع بها اليـوم، لأن سيناء بالفعل تتعرض لخطر شديد وآنٍ، والسبيل الوحيد لصده ورده هو الدفع بأكبر عَدَّدَ مـن القوات المسلحة المصرية الي الحدود الدولية مع فلسطين المحتلة بالمخالفة والتجميد للمادة الرابعة مـن المعاهدة وملحقها الأمني.

  • ماذا لو كنت على رأس السلطة حاليا، ماذا تفعل؟

لو كنت على رأس الدولة، فسوف أتخذ نفس القرارات التى أطالب بها الدولة اليـوم، فالسلطات فى البلدان العربية بدون شعوبها لا حول لها ولا قوة امام الأميركيين، وأعتقد ان البديل الوحيد فى مثل هذه الظروف هو ان يقوم أصحاب السلطة بالاحتماء بالشعوب فى مواجهه الضغوط الخارجية، بل وتوظيف غضبها فى الضغط المضاد لإجبار الولايات المتحدة ومجتمعها الدولى على القبول بما لا يمكن ان تقبل به مـن المؤسسات الرسمية الحاكمة.

للشعوب قدرات خاصة على الإقناع، كَمَا حدث بالفعل فى ثورة 2011، اثناء طلب المجلس العسكري الحاكم آنذاك مـن إسرائيل بعد الثورة مباشرة بالتوقف عَنْ العدوان على غزة لانه لم يعد له سيطرة على المظاهرات فى الشارع، والتي قامت لأول مرة بحصار سفارة إسرائيل فى أبريل/نيسان 2011، وهو ما تكرر مع واقعة نشر الفيلم المسيء للرسول صلى الله عليه وسلم وخروج مظاهرات تحاصر السفارات الأميركية فى مصر وليبيا ودول عربية وإسلامية أخرى، مما أجبر الأميركيين على سحـب الفيلم والاعتذار.

  • يحن مصريون لعهد الرئيس الراحل حسني مبارك بعد ان أطاحوا به، وذلك بينما يتعلق بالتعامل مع قطاع غزة، فهل بالفعل كان نظام مبارك يتعامل بأفضل مدى سياسي ممكن وقتها؟

مبارك يُحسب له أنه رفض مطالب إسرائيلية كثيرة، وافقت عليها السلطات المصرية أخيرا، ومنها هدم الأنفاق، التى تركها مبارك متنفسا للقطاع، كَمَا رفض طلب إسرائيل بإخلاء المنطقة الحدودية وإقامة منطقه عازلة.

وفي اعوام حكـم مبارك قامت قوى المعارضة السِّيَاسِيَّةُ بتنظيم تحركات وفعاليات وأنشطة رائعة ومؤثرة، فى دعـم وإغاثة فلسطين ومناهضة إسرائيل وكامب ديفيد والغزو الأميركي للعراق.

  • ماذا عَنْ الموقف العربي؟

الموقف العربي الحالي عموما مختلف مما كان عليه الوضع أيام مبارك، وهو ما يمكن قراءته مـن البيان الختامي للقمة العربية الإسلامية المشتركة، الذى كان مختلفا عَنْ بيانات كثيرة سابقة، وتفسير ذلك هو جلل الاحداث والجرائم وحرب الإبادة التى يتعرض لها الفلسطينيون، وبسبب التهديدات الإسرائيلية لمصر بتنفيذ مخطط التهجير القسري للفلسطينيين الي سيناء، وبسبب الغضب الشعبي العربي العارم الذى يمكن ان يهز العروش والجيوش العربية إذا لم تبادر الأنظمة العربية للضغط بكل ما لديها مـن أوراق لإيقاف العدوان وإنقاذ الفلسطينيين.

والبيان اختلف جذريا مع المواقف الأميركية والأوروبية المتطابقة مع الموقف الصهيوني والتي تعيد وتكرر ان مـن حق إسرائيل الدفـاع عَنْ نفسها، ولكن البيان مـن جانب اخر لم يتخط الخطوط الأميركية الحمراء، فتجنب تماما اى تهديد أو حتـى تلويح بتوقيع اجراءات على الولايات المتحدة أو على إسرائيل، إذا لم يتوقف العدوان فورا، وهذه نقطه ضعف قاتلة قد تجعل مـن وجود البيان وعدمه سواء.

ولكن ذلك الموقف الرسمى العربي المفارق لمواقف أميركا وأوروبا وإسرائيل، ليس مؤشرا على إمكان توقف قطار التطبيع العربي مع إسرائيل، ومن المبكر الحكـم على ذلك لأننا لا نعلم ما يدور فى الكواليس الان.

  • بالنسبة للأحزاب والنقابات المصرية، هل موقفها تجاه ما يجري كاف؟

مع الأسف بين موقف النقابات وبين الكفاية فرق شاسع، وهناك بعض التحركات والمحاولات مـن النقابات المهنية، ولكنها لم تسفر بعد عَنْ اى فاعليات قوية ومؤثرة، وقد يكون ذلك بسـبب طول وقسوة اعوام الحظر والحصار، وأتمنى ان تنجح فى استرداد زخم اعوام ما قبل الثورة وأثنائها.

اما المصريون العاديون، فهم يتفاعلون بزخم واضح وواسع مع الاحداث، ولا يوجد تحدث حدث، فهذا هو الموقف الطبيعي والدائم للمصريين، ومعهم كل الشعوب العربية، الي ان تعرضت الحياة السِّيَاسِيَّةُ كلها لحصار وتقييد شديدين، ليكون السؤال الأصح هو ما الأسباب التى قيدت قدرة المصريين عَنْ التفاعل مع القضية الفلسطينية فى السنوات الاخيره؟

وهذا التفاعل الحالي يبرهن على ان الرهان على الوعي الجمعي المصرى تجاه الصراع، يحمل أملا أكبر باتجاه تحول السياسة المصرية لصالح القضية الفلسطينية، ما يجعل أمر زيادة هذا الوعي، داخلا فى باب الواجبات وفروض العين، وإذا لم تفعله وتسارع إليه كل النخب الفكرية والسياسية فسيحاسبهم التَّارِيخُ.

والمصريون تحديدا، لديهم المزيد مما يمكن ان يقدموه مـن دعـم وإسناد، لو أعيد فتح المجال العام، ورُفع الحظر والحصار المفروض على القوى السِّيَاسِيَّةُ المعارضة مـن جميع التيارات.

  • ما تقييمك لحملة المقاطعة الشعبية بين المصريين للشركات الداعمة للاحتلال؟

المقاطعة المنطلقة كالنار فى الهشيم ومن كل الفئات والأجيال، نجحت فى تحقيق نتائـج حقيقية على الأرض، مسببة خسائر كبيرة للشركات التى تم مقاطعتها، وسبب نجاحها الهائل هو أنها نشاط لا يتطلب اى موافقات أمنية، لتكون المقاطعة هى الملاذ الوحيد، بعد عجز المصريين عَنْ الفعل فى الشارع عبر التظاهر مـن اجل فلسطين وغير فلسطين، نتاج حظر حق التظاهر مؤخرا، وتوقيف كل مـن يتظاهر بأوامر مـن السلطة.

  • هل السلطة جادة بالفعل فى رفض تهجير الفلسطينيين الي سيناء؟

السلطة شديدة الجدية فى الرفض، ولا يوجد اى اختراق لهذا الرفض سواء فى السلطة أو فى المعارضة، ذلك لأن مخطط التهجير القسري للفلسطينيين الي سيناء لا يهدد أمن مصر وسيادتها فحسب، بل يهدد وجود الدولة ذاتها كَمَا يهدد شرعية وبقاء الحكـم والحكام ذاتهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى