أخبار عالميةأخبار عربيةأخبار فلسطينالاخبار العربية والعالمية

جهاز يحوّل حركة عضلات الحنجرة لكلام.. بدعم الذكاء الاصطناعي | علوم سام نيوز اخبار

قطع فريق بحثي مـن مهندسي جامعة كاليفورنيا فى لوس أنجلوس خطوة كبيرة على طريق تسهيل تواصل مرضى الحبال الصوتية أو المتعافين مـن جراحات سرطان الحنجرة مع الآخرين، وذلك بعد ان نجحوا فى تجاوز صعوبات الحلول المتاحة حاليا عبر اختراع جهاز مدعوم بالذكاء الاصطناعي لترجمة حركات عضلات الحنجرة الي كلام مسموع.

وقبل هذا الاختراق الذى أُعلن عَنْ تفاصيله فى دراسة نشرتها دورية “نيتشر كوميونيكيشنز”، كانـت هناك محاولات لمساعدة الأشخاص الذين يعانون مـن اضطرابات الصوت، منها “الأجهزة الكهربائية الحنجرية المحمولة”، ولكن الجهـاز الجديـد يمثل تقدما كبيرا مـن حيـث صغر حجمه وسهولة استخدامه ودقته فى ترجمة حركات العضلات الي كلام مسموع.

وتعمل “الأجهزة الكهربائية الحنجرية المحمولة” بإجراءات معقدة، حيـث يضع المستخدم الجهـاز على منطقه الرقبة أو الحلق، وعادة ما يكون ذلك فوق عظمة الترقوة مباشرة أو قرب الحنجرة، فىُصدر الجهـاز اهتزازات تنتقل بدورها عبر الجلد وأنسجة الرقبة الي الجهـاز الصوتي. وبينما يولّد الجهـاز اهتزازات، يقوم المستخدم بالتعبير بفمه لتحويل تلك الاهتزازات الي أصوات كلام، وتحدد حركات فم المستخدم وتعبيراته الأصوات والكلمات التى يُنتجها.

وتكمن سلبيات هذه الأجهزة فى أنها “غير مريحة” فى الاستخدام ولا تحقق الدقة الكافية، فضلا عَنْ ان التواصل باستخدامها يكون مرهقا، بسـبب التأخير فى ترجمة الاهتزازات الي أصوات، وهي المشكلات التى نجح الجهـاز الجديـد المدعوم بالذكاء الاصطناعي فى تجاوزها.

الأجهزة الحنجرية المحمولة المتاحة حاليا تعمل باجراءات معقدة و”غير مريحة” (ماين ميديكال)

كيف يعمل الجهـاز الجديـد؟

والجهاز الجديـد ناعم ورفيع وقابل للتمدد، وتبلغ مساحته ما يزيد قليلا عَنْ بوصة مربعة واحده (1 بوصة = 2.54 سنتيمتر)، ويزن نحو 7 غرامات، ويمكن ربطه بالجلد خارج الحلق، ويتكون مـن مكونين رئيسيين هما “مكون الاستشعار” و”مكون التشغيل”، فيكتشف الاول الإشارات الناتجة عَنْ حركات العضلات فى الحنجرة ويحولها الي إشارات كهربائية، ويقوم الثانى -القائم على خوارزمية التعليم الآلي- بترجمة هذه الإشارات الكهربائية الي كلام مسموع.

ويحتوي المكونان على خمس طبقات، اثنتان تعطيان خصائص مرنة وأعدتا مـن مركب السيليكون المتوافق حيويا (ثنائي ميثيل بولي سيلوكسان)، واثنتان مصنوعتان مـن طبقة حث مغناطيسية أُعدت مـن ملفات الحث النحاسية، وتقع بين المكونين الطبقة الخامسه التى تحتوي أيضا على “ثنائي ميثيل بولي سيلوكسان” ممزوجة بمغناطيسات صغيرة تولّد مجالا مغناطيسيا.

ويستخدم الجهـاز آلية استشعار مرنة مغناطيسية طورها فريق البحث عَامٌ 2021، حيـث يكتشف التغيرات فى المجال المغناطيسي الناتجة عَنْ حركة عضلات الحنجرة، وتعمل ملفات الحث الموجودة فى الطبقات المغناطيسية المرنة على توليد إشارات كهربائية عاليه الدقة لأغراض الاستشعار، وتُستخدم خوارزمية التعلم الآلي لتفسير الإشارات الكهربائية الناتجة عَنْ حركات العضلات الي كلام.

جهاز الحنجرة صُمم ليكون مرنا بما يكفي للتحرك والتقاط نشاط عضلات الحنجرة الموجودة تحت الجلد (جامعة كاليفورنيا)

خوارزمية التعلم الآلي.. الميزة الأهم

وتلعب خوارزمية التعلم الآلي الموجودة فى الجهـاز دورا حاسما فى فهم وترجمة حركات عضلات الحلق الي كلام مفهوم، وتعد هذه هى نقطه التميز الأهم فى الجهـاز.

ووفق ما ذكره الباحثون فى الدراسة، يمكن تلخيص دورها فى الآتي:

  • مرحلة التدريب: تتعلم خوارزمية التعلم الآلي مـن الأمثلة المقدمة اثناء مرحلة التدريب، وفي هذه الحالة يرتدي الأفراد الأصحاء الجهـاز ويقولون جملا محددة بصوت عال وبصمت.
  • التعرف على الأنماط: بينما يتحدث هؤلاء الأفراد، تقوم الخوارزمية بتحليل أنماط حركات العضلات التى اكتشفها الجهـاز، وتتعلم ربط هذه الأنماط بالكلمات أو الجمل المقابلة التى يسعي الأفراد قولها.
  • إنشاء نموذج: بناء على البيانات التى جُمعت اثناء التدريب، تقوم الخوارزمية بإنشاء نموذج يترجم حركات العضلات لكلمات أو عبارات محددة، ويقوم هذا النموذج بشكل أساسي بتعليم الجهـاز كيفية التعرف على حركات العضلات المتنوعة وتفسيرها على أنها كلام.
  • الترجمة فى الوقت الفعلي: عندما يُستخدم الجهـاز جاء الى شخص يعاني مـن اضطراب صوتي، تساعد خوارزمية التعلم الآلي على الترجمة فى الوقت الفعلي، فهي تفسر حركات العضلات التى اكتشفها الجهـاز وتختار الكلمات أو العبارات المناسبة بناء على النموذج الذى تعلمته.
  • تحسين الدقة: بمرور الوقت، ومع جمع المزيد مـن البيانات واستمرار الخوارزمية فى التعلم، تصبح أكثر دقة فى التعرف على حركات العضلات وترجمتها الي كلام، وتساعد عملية التعلم المستمر هذه على التحسين المستمر لاداء الجهـاز وفعاليته فى التواصل.

نجاح بنسبة 95%

ويشرح جون تشن الأستاذ المساعد فى الهندسة الحيوية فى كلية سامويلي للهندسة بجامعة كاليفورنيا والباحث الرئيسي بالدراسة فى بيـان صحفي أصدرته الجامعة؛ التجارب التى قاموا بإجرائها للتأكد مـن ان الجهـاز يعرف الكلمات التى يجب ان يقولها.

ويقول تشن إن “الباحثين طلبوا مـن بعض الأشخاص الأصحاء ارتداء الجهـاز وقول جمل معينة، ثم استخدموا خوارزمية التعلم الآلي لمعرفة اى حركات عضلات الحلق تتوافق مع الكلمات، فعلى سبيل المثال عندما يحرك الشخص عضلات حلقه بطريقة معينة، فهذا يعني أنه يريد ان يقول “مرحبا راشيل، كيف حالك اليـوم؟”.

ويضيف أنه “بعد تعليم خوازمية التعلم الآلي اى حركات تتوافق مع الكلمات، قاموا باختبار الجهـاز مرة أخرى على هؤلاء الأشخاص الأصحاء، وعندما حاول الأشخاص قول تلك الجمل استمع الجهـاز الي حركة عضلات الحلق، وقال الكلمات الصحيحة بصوت عالٍ، ونجح الامر بشكل جيد وبدقة تصل الي 95%”.

تركيبة الجهـاز تسمح بتحويل حركة العضلات الي إشارات كهربائية تُحول فى النهايه بمساعدة التعلم الآلي الي تعبير صوتي مسموع ( جامعة كاليفورنيا)

ويخطط فريق البحث لمواصلة توسيع مفردات الجهـاز مـن اثناء التعلم الآلي واختباره على الأشخاص الذين يعانون مـن اضطرابات النطق، مما يمنحهم وسيلة للتواصل بسهولة أكبر.

وتحدث اضطرابات الصوت فى جميع الأعمار والفئات الديمغرافية، حيـث عرضت الأبحاث ان ما يقرب مـن 30٪ مـن الأشخاص يعانون مـن اضطراب واحد على الأقل فى حياتهم، كَمَا يوضح تشن.

ويضيف ان “الحلول الحالية مثل أجهزة الحنجرة الكهربائية المحمولة غير مريحة، ويقدم هذا الجهـاز الجديـد خيارا مريحا يمكن ارتداؤه لمساعدة المرضى على التواصل اثناء الفتره التى تسبق العلاج وأثناء مدة التعافي”.

اختراق ينتظره المزيد

وبدورها، تُثْني استشارية أمراض السمع والكلام بوزارة الصحة المصرية إيمان مصطفي، على هذا الاختراق الذى وصفته بـ”المهم جدا”، لانه يحقق عدة مزايا لا توجد فى الخيارات المتاحة حاليا، وهي:

  • يسر الاستخدام؛ فهو يلتصق على الجلد خارج الحلق، مما يجعله أكثر راحة وملاءمة للمستخدمين.
  • الدقة؛ فقد حَقَّق مستوى مـن الدقة فى ترجمة حركات العضلات الي كلام مسموع (دقة تقارب 95%) لم تحققه الحلول الاخرى.
  • استخدام خوارزمية التعلم الآلي، فالجهاز يمكنه تعلم المزيد مـن حركات عضلات المستخدمين، مما يحسّن دقته بمرور الوقت.
  • القدرة على ترجمة حركات العضلات الي كلام مسموع فى الوقت الحقيقي، وهذا يعني أنه يمكن للمستخدم التواصل بشكل طبيعي وعفوي دون تأخير أو عمليات مرهقة.

لكن، ومع كل هذه المزايا، فإن خروج الجهـاز الي الواقع العملي ليكون خيارا متاحا للأشخاص الذين يعانون مـن اضطرابات فى النطق، يريد الي عمل إضافي مـن الباحثين للإجابة على عدة أسئلة، وهي:

  • أولا: كيف سيعمل الجهـاز عند استخدامه مع الأفراد الذين يعانون مـن أنواع مختلفة مـن اضطرابات الصوت وشدتها؟ حيـث يمكن للتجارب السريرية التى تشمل مشاركين يعانون مـن مسببات مختلفة لاضطرابات الصوت تقييم فعالية الجهـاز وسلامته وتأثيره فى نتائـج التواصل.
  • ثانيا: هل يمكن للجهاز ان يكمل أساليب العلاج الصوتي وإعادة التأهيل الحالية؟ حيـث تتيح للدراسات اللاحقة التحقق مـن أوجه التعاون المحتملة بين الجهـاز والعلاجات التقليدية مثل التمارين الصوتية.
  • ثالثا: كيف يمكن إتاحة الجهـاز بكلفة معقولة للأفراد الذين يعانون مـن اضطرابات الصوت، بما فى ذلك الذين ينتمون الي المستويات الاقتصاديه المنخفضة؟ حيـث يمكن للأبحاث اللاحقة ان تستكشف إستراتيجيات لخفض التكاليف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى